الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

صناعة الفخّار في لبنان تواجه خطر الإنقراض\r\n

المصدر: النهار
خالد ابو شقرا
A+ A-

كغيرها من الصناعات اليدويّة التي كانت تميّز لبنان عن غيره من البلدان، باتت صناعة الفخّار تواجه خطر الإنقراض.


خالد ضو، لا يزال يعتاش مع شقيقه محمد من هذه الصناعة في منطقة الشوف، ويمضي أيامه في محترف متواضع على طريق جسر القاضي. يحمل الطين بيديه، يعجنه ويضعه على الدولاب لتبدأ عملية صنع الفخّاريات بألوان تعيدنا الى حقبة الزمن الجميل.


يخرج من وراء دولابه البدائي، يمسح يديه بمريول زيّنه الطين بلونه الأحمر واشكاله الغريبة. يشير بحركات تدل على الحسرة، ويقول "هذا المحترف أقفل، وذاك توقف عن العمل بعد وفاة صاحبه الفاخوري ". وتكرّ سبحة المشاغل المقفلة منذ نهاية 1940 حتى مطلع السبعينات لتصل الى 60 فاخورة كانت تعتاش منها مئات العائلات في مناطق دير كوشة، بشتفين وجسر القاضي.


لا يُفاجأ ضو من اقفال المصانع، وهو العارف بشؤون الحرفة وشجونها، لافتاً الى أن "صناعة الفخّار تحتاج الى وقت طويل لا يسمح بالقيام بأي عمل آخر. وتالياً، فإن زيادة الهموم المعيشية وارتفاع الاسعار وانخفاض مردود صناعة الفخاريّات، دفع بعشرات العائلات الى ترك الحرفة والتوجّه نحو المهن الحرة والوظائف".


ويتابع: "والدي شجّعني على تعلّم هذه الحرفة، اما أنا فلن احفّز أولادي على تعلّمها وممارستها".


ويشير الى أن الاسباب الظرفيّة لتعثّر هذه الصناعة، ترتبط بالأوضاع الداخلية والحوداث في سوريا. ويؤكد أنها كانت تحظى قبل عام 2000 بأهمية كبيرة في السياحة، فتجذب السيّاح وترفع معدلات التسويق وتزيد الطلب على الفخاريات. ففي تلك الحقبة، كانت صناعة الفخار مربحة وتشجع المترددين على خوض غمارها، اما اليوم ومع الضمور السياحي وتوقف المؤسسات السياحية والمطاعم عن طلب الأواني الفخاريّة، فقد تراجعت مبيعاتها كثيراً وتحوّلت الحرفة "مضيعة للوقت".


المشكلة الأخرى التي تطرّق اليها شقيقه محمد، انحصرت في "المنافسة الخارجيّة القويّة التي تتعرض لها منتجاتنا المحليّة، وغياب كل أنواع الحماية المطلوبة لها. فالفخاريات السورية تغزو اسواقنا بأسعار أرخص من أسعار منتجاتنا، علماً أن الاسواق غارقة أيضاً بالمنتجات الصينيّة".


يسوّق محمد نحو 10 الآف قطعة سنوياً بسعر لا يتجاور الدولار للقطعة الواحدة، فلا يتجاوز محصول السنة العشرة الآف دولار، أي أقل من ألف دولار شهرياً. وإذا احتسبنا تكاليف الانتاج وأسعار المازوت للأفران، فان الربح الصافي يبقى زهيداً لحرفة لا يحميها أحد أو يكترث بمشكلات أصحابها.


ويجمع كل من خالد ومحمد على أن الفاخوري اللبناني عالق في دوّامة مغلقة، فلا ظروفه واوضاعه تسمح له بتطوير حرفته ومكننتها وتلبية حاجات السوق من الاحجار الناريّة وحجر القرميد، ولا يستطيع في المقابل أن يصمد امام غزو المنتجات السوريّة والصينيّة، لذا لا مفر من الاقفال المحتّم.


كان واضحاً أنّ الفاخوريتين لا تضمان الاّ شخصين. فلا أحد يريد أن يتعلّم الحرفة أو يود نقلها الى الاجيال المقبلة. وقد أعلن خالد بصراحة، أن العمر المتبقي لهذه الحرفة لن يتعدى السنوات العشر على أبعد تقدير...

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم