الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

نهر الأردن ووطأة التاريخ... وصوت فيروز

الأردن - جويل رياشي
نهر الأردن ووطأة التاريخ... وصوت فيروز
نهر الأردن ووطأة التاريخ... وصوت فيروز
A+ A-

حضرت فيروز بكامل "سطوتها" في الرحلة التي جمعت صحافيين لبنانيين وفلسطينيين الى الاردن بدعوة من هيئة التنشيط السياحية. صوتها يصدح في الفنادق والمطاعم والبوسطات... حتى انه اذا صمت، بدأ الغناء الحي وترداد روائعها ... تشعر بالفخر، انت اللبناني، عند سماعك زملاء فلسطينيين يغنون باللهجة اللبنانية وتقول لنفسك: "امر طبيعي... من مثل فيروز حمل قضيتهم بصوته وابقى "القدس في البال" رغم كل شيء؟"...


مما لا شك فيه ان في الاردن كنوزاً سياحية عدة قد تكون ابرزها المدينة الزهرية او البتراء التي صنفت من بين عجائب الدنيا الجديدة وكذلك جرش الرومانية بهياكلها الضخمة المبهرة ووادي رم ومادابا ووجهات اخرى... الا ان لزيارة منطقة المغطس على ضفة نهر الاردن نكهة خاصة. هنا ايضا تسمع فيروز في لاوعيك تردد "وستغسل يا نهر الاردن وجهي بمياه قدسية... وستمحو يا نهر الاردن اثار القدم الهمجية". في هذا المكان تتفتح ذاكرتك... تفرح حينا وتحزن احيانا كثيرة. هنا تعمد المسيح على يد يوحنا المعمدان، تركض لتملأ زجاجتك من المياه المقدسة (رغم ان الاقتراب من الموقع ممنوع) فترى ان النهر الدافق الذي تغنت به فيروز تحول قناة هزيلة ملوثة بعدما قام الاسرائيليون بسحب المياه اليهم...
تجلس على الجسر الخشبي الذي "يسبح فوق النهر" وترى علم اسرائيل يرفرف في الجهة المقابلة. امتار قليلة من مياه النهر تفصل بين الضفتين الاردنية والفلسطينية.
رهبة المكان وقدسيته تفرض نفسها. لطالما كانت المياه رمزا للتبريك، وعماد المسيح حصل ايذانا ببداية مهمته الخلاصية التي تكرست بحلول روح الله عليه في الاردن. قد لا تشعر بالخشوع في المكان، ولكنك حتما ستشعر بوطأة التاريخ.هنا وقف المسيح ابن الثلاثين عاما بين يدي يوحنا المعمدان لكي يتعمد بالمياه ويعلن بداية رسالته. وقد كشفت الحفريات في المنطقة آثار كنيسة بيزنطية كانت قد بنيت في عهد الامبراطور اناستاسيوس، كما توجد في المكان آبار عدة للمياه وبرك يعتقد ان المسيحيين الاوائل استخدموها في طقوس جماعية للعماد. وقد قامت دائرة الاثار العامة بترميم الموقع الذي زاره البابا يوحنا بولس الثاني واعلنه مكانا للحج المسيحي في العالم مع اربعة مواقع اخرى في الاردن هي: قلعة مكاور، جبل نيبو، مزار سيدة الجبل في عنجرة ومزار النبي ايليا في منطقة خربة الوهدانة.
ولعل اللقاء الاجمل كان مع مجموعة شبان وصبايا فلسطينيين. نحن اللبنانيون على الضفة الاردنية، وهم في الجهة المقابلة من النهر تفصل بيننا بضع امتار قليلة وحدود في المياه... "انتو من وين؟"... "من القدس"... "نحنا من لبنان"... واطراف حديث وتحيات وسلامات وحرقة في القلوب على علم ازرق وابيض يرفرف فوق رؤوسهم وصوت فيروز من جديد "الطفل في المغارة وامه مريم وجهان يبكيان...لأجل من تشردوا...". ويقيني اننا فهمنا على بعضنا البعض رغم الكلام القليل.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم