الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

عيد الفصح عيدان... وحسابات معقّدة تفرّق "اخوة بالمسيح" من قرون

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
عيد الفصح عيدان... وحسابات معقّدة تفرّق "اخوة بالمسيح" من قرون
عيد الفصح عيدان... وحسابات معقّدة تفرّق "اخوة بالمسيح" من قرون
A+ A-

مجرد حسابات علمية تبعد بين الكاثوليك والارثوذكس في احتفالهم بعيد الفصح. هذه السنة، الفارق اسبوع بين الفصحين الغربي (5 نيسان) والشرقي (12 نيسان). مرة يفصل اسبوع بينهما، مرة اخرى اربعة... وحتى خمسة. وفي السنوات الكبيسة، يتوحد العيد، من دون ان يكون فضل لاي من الفريقين في هذه الوحدة. انها مصادفة التقاء التقويمين الغربي والشرقي، مصادفة تجمع "اخوة بالمسيح" فرقتهم خلافات عبر القرون.


كيف يُحتسب عيد الفصح؟


في البداية، "استعمل المسيحيون التقويم الشمسي الذي صححه يوليوس قيصر (العام 45 ق.م)، لتحديد مواعيد الأعياد المسيحية"، يشرح استاذ اللاهوت الرعائي في معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي في البلمند الاب بسام ناصيف لـ"النهار". وفي مطلع القرن الثاني، "حصلت مناقشة بين الكنائس حول يوم العيد: أهو اليوم المناسب للفصح اليهودي (السبت الذي تلا الصلب في زمن المسيح)، أم الأحد الذي يليه (إعلان القيامة)؟ أو كيف نحتسب تاريخ العيد؟".


في بداية القرن الرابع، ارتأى آباء المجمع المسكوني الأول (325م)، وفقا لما يفيد ناصيف، "أنه لائق بالمسيحيين في كلّ العالم أن يحتفلوا بالعيد معاً، في يوم واحد، وباسلوب واحد، وخصوصاً أن هذا العيد هو للمسيحيين "عيد الاعياد وموسم المواسم"، كما يسمّيه القديس يوحنا الدمشقي". فأقرّ المجمع (القانون السابع) أن يعيّد الفصح دائمًا في يوم أحد، وأن يكون الأحد الذى يلي بدر الاعتدال الربيعي، أي ننتظر البدر بعد 21 آذار، والأحد الواقع بعد حصول القمر بدرًا (على خط الزوال لمدينة أورشليم القدس) في الاسبوع من الإثنين إلى السـبت، فيكون عيد الفصح. وبما أن تحديد الاعتدال الربيعي يستدعي مراقبات وتدقيقات فلكية، كلّف المجمع بطريرك الإسكندرية التي كانت مركزاً مهما للعلوم الفلكية، أن يعيّن كلّ سنة تاريخ العيد، وأن يعلن ذلك لكلّ الكنائس، برسائل كانت تُدعى "فصحية". هكذا توحّد عيد الفصح المجيد وتعمّم في كلّ الكنائس".


إذاً، أُعتمد عيد الفصح على "حسابات الدور الشمسي (الاعتدال الربيعي)، والدور القمري (البدر)، والدور الأسبوعي (يوم الأحد)". ويقول ناصيف: "رمزياً، بما أن في زمن هذا الحساب (الاعتدال الربيعي والبدر) يكون كوكب الأرض أكثر مرة معرضاً فيها للضوء خلال السنة، هكذا يكون زمن الفصح، كونياً، زمن النور بامتياز، لأن الرب يسوع هو " نور العالم" (يوحنا 12:8). أما الأحد، فهو "يوم الرب"، وإعلان القيامة، وبدء الخليقة الجديدة".


غير ان مشكلة حقيقية ظهرت في القرن السادس عشر، بظهور تقويم جديد، التقويم الغريغوري، الى جانب التقويم اليولياني. ويشرح ناصيف: "العام 1582، أصلح البابا غريغوريوس الثالث عشـر التقويم اليولياني، إذ تبيّن للفلكيين، بسبب تقدم علم الحسـابات الفلكية، أن هناك خطأ مدته 10 أيام في احتساب التـقويم اليولياني القديم، وقد تراكم إعتباراّ منذ العمل بالتاريخ الميلادي. ويرجع سـبب هذا الخطأ إلى أن فتـرة 365 يومًا وربع اليوم هي أكبر قليلا من الفترة الحقيقـية لدوران الأرض حول الشـمس. وقد أُطلق على التقويم المعدّل اسم التقويم الغريغوري (التقويم الغربي). واعتُمد في العالم المدني".


بارقة امل في الافق؟


في مقارنة بسيطة، أصبح حاليا التـقويم الغريغـوري متـقدماً على اليولياني بـ13 يومًا. "صارت بداية السـنة الكنسية، وفقا للتقويم اليولياني الشرقي بسـبب ذلك متأخرة 13 يوما عن السنة المدنية (وفقا للغريغوري الغربي)، أي أن الاعتدال الربيعي عند الشرقيين يبدأ (في حساب التقويم الغربي) في 3 نيسان. إذًأ لا يُعيّد الشرقيون عيد الفصح أبدًا قبل 3 نيسان أو بعد 8 أيار (في حساب التقويم الغربي). وهكذا، يعيّد الفصح شرقاً وغرباً في يوم واحد، إذا ظهر القمر بدراً بعد انقضاء الثلاثة عشر يوماً، أي قبل 4 نيسان. وهذا يعني أن احتساب يوم العيد هو نفسـه، وأن الإختلاف هو فقط في نوع التـقويم المسـتخدم".


ولكن لماذا لم تتبع الكنيسة الأرثوذكسية التقويم الغريغوري؟ يجيب ناصيف: "السبب الأول هو أن البابا غريغوريوس الثالث عشـر لم يستشر رؤساء الكنائس الأرثوذكسية أو يطلعهم على اسباب تغيير التقويم. والسبب الثاني هو أن قرار البابا أتى في زمن يسوده التشنج والاختلاف بين الكنيسة الكاثوليكية البابوية والكنائس الأرثوذكسـية. وهكذا، برز موضوع إصلاح التقويم كعارض من عوارض الاختلاف الحاصل بين الشرق والغرب".


مسألة معقدة في احتساب الفصح. والحصيلة حتى اليوم حسابات تراجعت على مرّ القرون، اخطاء تراكمت دقائق وايامًا، تقاويم تفتقر الى الدقة... وكلام على ضرورة توحيد العيد، ومحاولات عدة حصلت لتقريب الصفوف. العام 1997، عقد اجتماع في حلب (سوريا)، بدعوة من مجلس الكنائس العالمي، ضمّ ممثلين للكنائس الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية، للبحث في موضوع توقيت العيد. "وكان اتفاق على اتباع المبادىء التي أقرّها المجمع المسكوني الأول حول العيد، واستعمال التقنيات الحديثة لوضع جداول فلكية تحدد مواعيد الأعياد المسيحية بدقة علمية". لكن الاتفاق لا يزال ينتظر توافقا مستقبليا.
وربما ثمة امل في الافق، مع وضع موضوع التقويم في برنامج مناقشات الكنائس الارثوذكسية خلال الاجتماعات التحضيرية للمجمع الارثوذكسي العام المنعقد في القسطنطينية (اسطنبول) سنة 2016، "بغية التوافق على قرار بشأنه يشمل سائر الكنائس الأرثوذكسية، فيكون مصدر وحدة، لا انقسام"، على قول ناصيف.


[email protected]


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم