الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

هذه قصّة سامي ورانيا العجائبيّة مع رفقا ويوحنا بولس الثاني

المصدر: "النهار"
فيفيان عقيقي
هذه قصّة سامي ورانيا العجائبيّة مع رفقا ويوحنا بولس الثاني
هذه قصّة سامي ورانيا العجائبيّة مع رفقا ويوحنا بولس الثاني
A+ A-

جمعتهما الكنيسة في طفولتهما فكبرا فيها وتحت جناحيها. شهدت على حبّهما الذي نما في ساحتها ونضج مع كلّ صلاة قدّماها، قبل أن يتزوّجا تحقيقاً لحلمهما في تأسيس عائلة. لطالما كانت حياتهما بين يديّ الله الذي سلّما إليه أمرهما وآمانا بمشيئته. مرّا بمطبّات كثيرة وحملا أوجاعاً هائلة لا يسهل على الطبيعة البشريّة تحمّلها، لكن وجود يسوع معهما كان الدعامّة الأساسيّة التي يحتجانها لإكمال مسيرتهما وتحقيق رسالتهما في هذه الدنيا.


هما سامي ورانيا أو عصفورا الحبّ، كما يُطلق عليهما، اللذان أقسما أمام مذبح الله أن يعيشا معاً في السرّاء والضرّاء، وأن يحبّا بعضهما، وأن لا يغتاظا لدى وقوع الشدّة بل أن يجدا في ذلك سروراً، لأن الربّ الذي اختارهما إلى هذه الدعوة هو الذي سيمنحهما العون والإسعاف.


تعرّفت رانيا إلى سامي من خلال الكنيسة، فهي كانت ضمن جوقة كنيسة مار يوسف صربا وهو في جوقة كنيسة المعونات في زوق مكايل. تشاركهما الصلاة والنشاطات والأسرار جعلهما صديقين. نمت علاقة الصداقة مع انتقالهما إلى الجامعة، على تلك المقاعد وفي كواليس جوقة سيدة اللويزة طلب سامي يد رانيا فوافقت. خطبا سنة 1999 وتزوّجا بعد ثلاث سنوات. تقول رانيا لـ"النهار": "في بداية حياتنا نضع أفكاراً كثيرة، لكن التجارب تعلّمنا أن نحكم على كلّ مرحلة في وقتها. سكنا بداية في شقة صغيرة على أن ننتقل إلى أخرى أكبر متى رزقنا بأطفال، كنا نعلم أن وجود طفل في عائلتنا سيكون ثمرة حبّنا الذي أراده الله".


درب صليب رانيا وسامي
مرّت 13 سنة على زواجهما لكن ثمرة حبّهما لم يقطفاها بعد، لم ينجبا طفلاً يضفي فرحاً إلى عائلتهما الصغيرة ويفرح قلبهما: "حملت ثلاث مرّات ولكني لم أنجب. حملي الأخير كان أشبه بعجيبة، فأنا وسامي لدينا علاقة خاصّة مع كنيسة جان بول 2 في بزمار التي شهدنا على تأسيسها مع الكاهن والرعيّة. منذ سنتين في فترة الصوم زرنا القديسة رفقا، وطلبنا منها أن تعطينا إشارة تريح قلبينا، وفي أحد الشعانين كتبت في سجل كنيسة جان بول 2 الطلب نفسه، بعد أيّام وتحديداً يوم خميس الأسرار اكتشفت أنني حامل، أذكر جيداً الشعور الذي انتابنا، لم نصدق الخبر، لقد تأثرنا كثيراً، لا أستطيع وصف فرحتي، شكرت جان بول 2 والقديسة رفقا، اللذين بلسما جروحي وأوجاعي وأعطياني أملاً في الحياة".


فرحة رانيا وسامي لم تدم طويلاً، بعد ستة أسابيع خسرت الجنين الذي كان ينمو في أحشائها، وتتابع رانيا: "لم أرد معرفة الأسباب، لقد حزنت وتأثرت كثيراً عند خسارته، فكلّ امرأة تريد أن تعيش حياة طبيعيّة وأن يكون لها عائلة، لكنني في المقابل شعرت بأمور مختلفة غيّرت مفاهيمي في هذه الحياة، وصلتني رسالة فهمتها أنا وزوجي".


بعد فترة اقتنعت رانيا بالخضوع لعملية تلقيح في الأنبوب كانت ترفضها لما سمعته عن عمليّات الاتجار بالأطفال، وذلك بعد أن خضعت سابقاً ومن دون نتيجة، لمحاولات تلقيح اصطناعي عدّة، هناك عايشت تجربة مؤلمة. تروي رانيا: "أطلعني الطبيب على كلّ مراحل العمليّة، وكان لديّ إصرار على عدم قتل أي جنين، أخبرته أنني لن أزرع أكثر من بويضتين، كي لا أضطر لقتل أي روح. دخلت إلى المستشفى وخضعت للعمليّة، كانت تجربة صعبة، أمدّوني بمخدّر موضعي فشعرت بألم لا يوصف مع كلّ بويضة تستخرج مني. لقد سحبوا ثماني بويضات. لقد تألمت كثيراً وتعبت. هناك كان التعاطي معي بارداً. بات لديّ خوف من العمليّة بعدما أصبت بجرثومة من غرفة العمليّات. لقد أقسمت أن لا أعيد التجربة، وقلت إذا أراد الله أن يعطيني طفلاً فستكون تلك إرادته، لأنه هو الخالق وحده".


عاشت رانيا مرحلة صعبة، تحمّلت الكثير من الأوجاع والآلام، لكن بعدما تخطّت المرحلة نفسياً قرّرت الذهاب إلى طبيب آخر، أعاد شرح مراحل التلقيح بالأنبوب، وأبدى حرصاً على ضرورة معرفة السبب الطبي الذي يمنعها من الإنجاب خصوصاً أن التقارير كلّها تؤكّد قدرتها وزوجها على ذلك: "لقد أراحني وأشعرني بطمأنينته بأنني متى أقدمت على هذه التجربة مجدّداً فستكون من خلال أناس مهنيين، ولن تؤثّر عليّ كما التجربة الأولى".


ثمرة لم يقطفاها بعد!
مع مرور سنين على تحمّل الألم، وزيارة الأطباء، والخضوع لعلاجات كثيرة، إلّا أن هذا الثنائي لم ييأس، لم تستسلم رانيا ولم يكلّ سامي، ما زالا يحلمان بإنجاب طفل يزيّن حياتهما، وما زال إيمانهما بإرادة الله كبيراً، الله الذي أنعم على زكريا وأليصابات بطفل وهما في سنّ الشيخوخة لن يبخل عليهما. وتقول رانيا: "منذ أقل من سنة انتقلنا إلى منزل جديد، خصّصت فيه غرفة للأطفال، جهزّتها بكلّ ما يتمنّاه الطفل ويحبّه، من حيث الألوان والشخصيّات الكرتونيّة والأكسسوارات والألعاب. سابقاً كنت أعيش بقهرٍ نتيجة هذا الواقع أمّا اليوم فأنا أعيشه بسعادة. لا أحبّ مشاعر الشفقة، نعم أحبّ أن يكون لديّ طفل ولكن حياتي لم تقف هنا، أنا سعيدة مع زوج مثالي، قطعت معه مراحل فقرٍ إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه من خلال المثابرة والإيمان. أنا أعيش أمومتي مع من حولي".


لا أحد منهما يشعر بضعف من هذه الحال، فهما متوكلان على الله: "إذا أنعم الله علينا بطفل أم لم يفعل فستكون هذه مشيئته، وستستمرّ حياتنا. ربّما عدم الإنجاب هو أفضل من إنجاب طفل سيئ الأخلاق، أو من فقدان طفل أنجبته ولمسته وحملته. ربّما رسالتنا في الحياة مختلفة. فسامي يعتبرني أجمل طفلة له، وأنا أعامله كإبني في مواقف كثيرة. حياتنا معاً هي الأهمّ، بنوة يسوع التي جعلتنا أبناء الله هي الأهم، أنا لم أنهَرْ يوماً لأن سامي معي، إنه الدعم الكبير في حياتي بعد الإرادة الإلهيّة. لقد فكّرنا بتبنّي طفل، تحدّثت إلى الكاهن وأعلمته برغبتي هذه شرط أن لا أشتري ذلك الطفل، وأن أراه عندما يولد لأختبر تقبّلي الفكرة، لا أريد أن أتبنّاه وأن أندم على ذلك لاحقاً، فأنا لا أريد أن أعذّبه، علّمتني الحياة أن لا أحكم مسبقاً على الأمور وأن لا أتمسّك بشعارات بل أن أترك قراري سيّد الموقف الذي أوضع فيه".


اليوم، تقدّم رانيا ويقرّب سامي حياتهما ليسوع الذي يعرف ويشعر بهما. حوّلا حياتهما إلى تجربة جميلة لا مؤلمة. لا يبكيان ولا ينوحان على حالهما، لا يعيشان ولا ينامان على تجربة فاشلة، يلملمان جراحهما ويقفان مجدّداً. أملهما كبير وسيأتي اليوم الذي تكتمل به عائلتهما: هكذا يؤمنان!


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم