الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

حِكَم \r\nرشّة ملح

جواد الساعدي
حِكَم \r\nرشّة ملح
حِكَم \r\nرشّة ملح
A+ A-

حائرون دائرون
من ذا الذي لا يرى صراع "الأمم المتغلّبة" علينا بصيغته الجديدة الآن، حيث التاريخ يتكرر بفعل الجغرافيا الثابتة وإن تبدلت خرائط الدول؟ من ذا الذي لا يرى عجز العرب الآن وهم يحاولون تكرار أنفسهم؟
لقد "صهر الإسلام قبائلنا في بوتقة واحدة" ثم تركنا نهباً لقبائلَ أُخَر، أشدَّ حنكةً منا وشراسة (تركية، فارسية وغيرها). تركنا بين "القلقلة" و"العنعنة" والـ"ثنا"، حائرين، مرةً بين السلف والخلف، وأخرى بين النقل والعقل، وتارةً بين التسليم بالبرهان والتسليم بالإذعان، وأخرى بين ما ينبغي أن يكون وما قد كان، بين خلافةٍ لا تصحّ إلا في قريش أو أضيق من ذلك، وخلافةٍ تمتد لتسَعَ قبائل الكون كله، وها نحن حائرون دائرون نكرر أنفسنا مع ما يتكرر، ولا نجد ما هو أفضل من الحواشي والهوامش والشروح، تلقي نورها الربّاني على الماضي لينعكس ضياءً على الحاضر والمستقبل إلى أن صار فعلها قداسةً لا تدانيها غير قداسة الله حتى لو ألقت بنا في ظلام التعصب الأعمى ومجاهل التخلف، وصولاً إلى الذبح والحرق المعاصرَين.


* * *


 


على ذمة الشيخ
إليكم هذا الحوارَ الذي جرى بين الشيخ محمد عبده (1849-1905) والشيخ محمد البحيري، عضو مجلس إدارة الأزهر آنذاك، حول إصلاح التعليم في المؤسسة الإسلامية الأبرز، حيث كان الأزهر يرفض أن تدخل العلوم الحديثة - مثل الحساب والجبر والتاريخ والجغرافيا - إلى مناهجه "لعدم جدواها" ويصر على تعليم الطلبة ما درَسَه شيوخهم وأسلافهم:
البحيري: إننا نعلّمهم كما تعلّمنا.
محمد عبدة: وهذا هو الذي أخاف منه.
البحيري: ألم تتعلّم أنتَ في الأزهر، وقد بلغْتَ من مراقي العلم وصرتَ فيه العَلَم الفرد؟
محمد عبدة: إذا كان لي حظّ من العلم الصحيح الذي تذكر، فإنني لم أحصّله إلا بعد أن مكثت عشر سنين أكنس من دماغي ما علق به من وساخة الأزهر، وهو إلى الآن لم يبلغ ما أُريدُ له من النظافة.
انتهى الحوار.
وعندما راجعت الشيخ في كلامه وعرضتُ عليه أن أنقله على ذمته، قال: "يا أخي، إنني ما قصدت إلى خدمة المسلمين في شيء ولقيت فيه مقاومة من غيرهم. لا من إنكليزي، ولا من فرنسي، ولا من قبطي، ولا من شامي" (الأعمال الكاملة، الجزء 3 ص 194-195)
ثم تابع الشيخ:
"على كل حال، هذا الحوار نقله قبلك الدكتور محمد عمارة، وهو اليوم عضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر كما تعرف، وذلك في كتابه "تيارات الفكر الإسلامي" ص 298 ولم أعترض أو أنفِ ذلك.


* * *


تجددوا
لا شيء ثابتٌ سوى التغير، وكل تغيّر يؤدي إلى تغييرات أخرى في مناحٍ مختلفة من الحياة ويوسّع من رقعة الصراع بين القديم والجديد. محاولات القديم للمحافظة على نفسه عادةً ما تكون عنيفة لأنه يقاوم من أجل البقاء. الجديد يتقدم متبوعاً بغبار القديم الذي يتلاشى بمرور الزمن. الجديد ينتصر لأنه يندفع بقوة ذاتية طاردة لبقايا القديم. يحاول القديم الظهور مرة أخرى والانقضاض، أو على الأقل عرقلة سير الجديد، يستجمع قواه من دون أن يجددها فيقع في فخ الهزيمة من جديد.
ويلٌ لأمةٍ لا تتجدد كل يوم.


* * *


... وتعددوا
يا سنّة يا شيعة، يا سلفيون، جهاديون، إثنا عشريون، إماميون، ولاية-فقيهيّون، علويون، وهّابيون، أزهريون، كاثوليك، أرثوذكس، بروتستانت، يهود، علمانيون، لا إدريون، ملحدون، وجوديون، عبثيون وغيرهم: تعددوا... تعددوا كي تتسعَ الأرضُ للجميع.
"إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" (الحج 17)
"إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ" (السجدة (25
فهل تريدون المزيد من كلامه تعالى؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم