الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ماذا أهدى المصمّمون اللبنانيون أمّهاتهم؟ (خاص "النهار")

إيلده الغصين
ماذا أهدى المصمّمون اللبنانيون أمّهاتهم؟ (خاص "النهار")
ماذا أهدى المصمّمون اللبنانيون أمّهاتهم؟ (خاص "النهار")
A+ A-

كانت براعم ربيع ورامي ونيكولا مطبقة، يوم كانت والداتهم يخترن لهم ثيابهم أو يحيّكنها. وما لبث الصغار الثلاثة أن كبروا فحضنوا مشهورات العالم بأجمل الأزياء. تفتّحت مواهبهم وحصدوا نجاحات في لبنان والخارج، وزرعوا إبداعهم في حدائق عواصم الموضة. إذ يُقبل الـ21 من آذار بحبور الربيع ولمّة الشمل في عيد الأمّ، يعود ربيع كيروز من باريس ظافراً بالعطاء، يترك زهير مراد نيويورك ليحتفل مع أمّه في عيدها، أما رامي قاضي فيحلم بأن يحطّ رحاله في لندن أو ميلانو.


تختلف رؤية كلّ من أولئك المصمّمين اللبنانيين. تحادثهم "النهار" وتسألهم الاختيار بين الاحتفال بعيد الأم أو تقديم عرض في أسبوع الموضة، بين اللؤلؤ أو الزمرد أو الألماس لحياكة فستان يليق بمن وهبتهم الحياة. وكان الحوار التالي:


 


ربيع كيروز: العيد "سخيف"!


تجمع المصمّم اللبناني العالمي ربيع كيروز علاقة خاصة بوالدته، فهي "لا تحبّ الهدايا" ومثل كلّ أم لديها أمنية واحدة: "جلّ ماتتمنّاه أن نبقى أنا وإخوتي إلى جانبها دوماً". بين تقديم عرض أزياء لإحدى مجموعاته في أسبوع الموضة أو الاحتفال مع والدته في عيدها يؤكّد كيروز "أنه سيختار العرض بوجودها طبعاً". كلمة واحدة لها "شكراً". وعن تصميم خاص يليق بها يقول "سأصمّم لها تصميماً بسيطاً كما شجّعتني وعلّمتني أن أصنع ما هو بسيط ومن دون تكلّف".
يبقى يوم العيد بين أيام السنة الكثيرة "سخيفاً" بالنسبة لكيروز، لأنه يعتبر أن كل ّ يوم هو عيدها ومن المجحف بحقّها أن نعايدها مرة واحدة في العام".


 


رامي قاضي وصلوات أمّه


لا تزال روح رامي قاضي المصمّم الشاب الموهوب ترغب المغامرات. يصرّح لـ"النهار" "أنه يتحضّر لقضاء يوم كامل مع والدته وأنه يفضّل ابتكار المفاجآت على الهدايا العادية". يحبّذ مناداتها هكذا: "ماما بحبِّك". طموحٌ وعمليّ. طارداً شاعريّة الإجابات التقليديّة، يحزم رامي أمره "إذا خيّرت بين الاحتفال مع أمّي أو تقديم عرض في أسبوع الموضة سأختار العرض. بإمكاني الاحتفال مع والدتي في أي وقت وعيد الأم موجود في كلّ عام. أما العرض فسأكون مجبراً على الالتزام فيه ووالدتي ستتفهم هذا الأمر طبعاً".


يحظى قاضي بالدعم المعنوي الكامل من والديه. دعاء الأمّ يستعطف قلب الله. يقول "إنها الوحيدة التي تصلّي لي من كلّ قلبها وهذه نعمة تباركني". يتأثر قاضي لدى حديثه عن الوالدات اللواتي يقضين آخرتهنّ في مأوى، ويوجّه إليهنّ رسالة للبقاء قويّات و"لينظرن بإيجابيّة إلى مكان وجودهنّ، لأن المأوى يبقى أفضل بكثير من التواجد مع من تركوهنّ"، وهو لا يبرّر فعل الأبناء إنّما يعرف أنّه "ثمة ظروف تتحكّم بهم أحياناً. زيارتهنّ أقلّ ما يمكن القيام به".


لا يستعجل رامي قاضي الشاب مشروع الأبوّة. مغرمٌ بعمله يستبعد فكرة الارتباط حالياً. يعلم تماماً أن الفتيات اللواتي يؤجّلن مشروع الأمومة "معذورات بحكم عملهنّ. هذه حريّتهنّ فليدعهنّ المجتمع وحالهنّ".


يكون الشباب متطلّبين غالباً. هل ثمّة ما يودّ قاضي أن تحقّقه له والدته؟ "لا شيء. لقد أعطتني كل ما استطاعت القيام به" يجبيب. هل من تصميم مميّز يهديه لوالدته؟ يقول قاضي "سيكون فستاناً وفق أسلوبها الكلاسيكيّ جداً. أودّها أن ترتديه وأن تحبّه. سيشبه أسلوبها فقط ولن أضيف إليه شيئاً".


 


نيكولا جبران والأمّ في غياب الأبّ


لا يحتار المصمّم اللبناني العالمي نيكولا جبران في شأن هديته الثمينة لوالدته يوم 21 آذار، يعرف تماماً أن الحديث عن الهدايا الماديّة ليس بشيء مقابل الحياة التي وهبته إيّاها. "ما من هديّة غالية على الأمّ" يقول في حديثه لـ"النهار". مثاليّ هذا المصمّم. لم يختر جبران فستاناً مشكوكاً باللؤلؤ ولا مرصّعاً بالزمرد ليقدّمه تصميماً فريداً لوالدته وحدها. لا يبالغ "أصمّم لها ثيابها لذلك لا أفكّر بإهدائها فستاناً مميّزاً، بل أفكّر بزرع البسمة دوماً على وجهها في أي خطوة أو تصرّف أقوم به". بفعل وتيرة عمله المتسارعة يعرف جبران أنّ الوقت هو الأثمن "أودّ إسعادها كأن أسافر معها إلى أي مكان، أو أن آتي لقضاء الوقت معها في بيروت". حين يُفتقد الأب يختلّ توازن العالم فتصبح الأمّ وحدها محوره "في غياب والدي تشغلني ابتسامة والدتي ووجودي إلى جانبها".


لا تختلف والدة جبران عن باقي الأمّهات، تغمره بفيض كلماتها تختار أجملها ولا تترك له متسعاً من الاحتمالات. "أكرّر على مسمعها كلمات تسبقني إلى قولها" يجيب. يخفق في موازنة كثرة تعابيرها. يحلم برضاها لعلّه "أهم ما يمكن أن يحصل لي في حياتي". ويُضيف "وجودها إلى جانبي يعوّضني عن باقي الأمور".


كيف يتجلّى دعم الوالدة عندما يكبر الأولاد ويستقلون ويحصلون على ما يكفيهم في الحياة؟ يجيب جبران في حديثه لـ"النهار" "إن عاطفتها ونظرتها من دون كلام وأنا أعمل تكفيني كونها ترافقني في يومياتي. وجودها إلى جانبي يمنحني طاقة إيجابية وهذا يكفي".


يعود نيكولا جبران من أميركا ليكون مع والدته في هذا العيد. وإذا خيّر بين عرض في إحدى عواصم الموضة أو الاحتفال بعيد الأمّ معها يجيب "سأسطحبها معي إلى العرض". لا تغيظه والدته ولا يذكر أنّه تضايق منها يوماً "والدتي ملاك وليست مثالاً لي فقط" يقول جبران، "رغم مزاجيتي بفعل عملي والضغط المستمرّ فإنها تحرص على راحتي".


نحشر سؤالاً إضافياً في حديثنا مع جبران. نتخيّل أنه ارتبط بشريكة حياته وعليه الجزم بين الحماة والكنّة. يفترض معنا السيناريو غير الواقعي ويستحضر عقلانيته ليقول "على العكس، إن الإنسان المعتدل الذي يعرف كيف يحترم المرأة ويقدّرها، يعرف تماماً أن امرأته المستقبليّة هي امرأة مثل والدته. سيكون لأمّ أولادي احترامها الخاص، لكنني لا أستطيع أن أنسى والدتي أبداً لأنها ولدتني للحياة. سأقدّر والدتي دوماً وسأعلّم أولادي الأمر نفسه".


أمّهات شهداء الجيش اللبناني في ذروة الألم. كيف يعود إليهنّ العيد؟ يتخرسن الكلام أمام مصابهنّ. يحاول جبران جمع الكلام رغم ثقله "أصلّي لهنّ وأطلب من الله أن يخفف عنهنّ. لا كلمة تعوّض عن خسارة الابن. منذ الحرب الأهليّة وحتى الآن نحن ندعو لكلّ أم فقدت ابنها".


تموت فرحة العيد بغياب الأم، فماذا عن أمّهات يعيّدن وحدتهنّ في مأوى العجزة؟ لا يتوجّه إليهنّ جبران بأي كلمة، يجد عذاباً في تذكيرهنّ بمعاناتهنّ. يعثر على المنفذ في مخاطبة الأبناء "من غير المقبول أن نترك الوالدِين بعد كلّ معاناتهم في تربيتنا. كيف لنا أن نتركهم في نهاية حياتهم؟ الأكيد أن أولئك الأبناء يشعرون بالذنب وهم يتعذّبون في حياتهم ويجهلون السبب". حين لا يُبادل الأهل بما قدّموه يلحق الغضب الأبناء. هل هي لعنة؟ يتابع جبران "ستكبرون مثل والديكم وستجدون نفسكم متروكة وتعاملون بالطريقة نفسها. فلينوّر الله حياتكم".


 [email protected] 


Twitter: @ildaghssain

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم