الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

أين هي القاعدة القانونية لقانون مدني للأحوال الشخصية؟ اقتراح "نائم" في المجلس ومشروع جامد لدى الحكومة

منال شعيا
منال شعيا
أين هي القاعدة القانونية لقانون مدني للأحوال الشخصية؟ اقتراح "نائم" في المجلس ومشروع جامد لدى الحكومة
أين هي القاعدة القانونية لقانون مدني للأحوال الشخصية؟ اقتراح "نائم" في المجلس ومشروع جامد لدى الحكومة
A+ A-

من الآخر، المطلوب من كل "عاصفة" الزواج المدني اقرار قانون واحد للاحوال الشخصية. عندها، يصبح اللبناني خاضعا لقانون واحد ينظم مدنيا أحواله الشخصية، فلا يعود خاضعا لطائفة من هنا او لمذهب من هناك.


على رغم من ان سبعة عقود لزواج مدني سبق ان سجلت في لبنان، استناداً الى رأي الهيئة الاستشارية العليا في وزارة العدل، تتخطى القضية أحقية تسجيل عقود الزواج او لا، لان الموضوع اعمق من معضلة تسجيل واكبر من توقيع وزير. وربما كان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق يعي جيدا هذا الامر، حين قرر طرح موضوع عقد الزواج المدني في لبنان وتسجيله في وزارة الداخلية، على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب، عازيا السبب الى "غياب اي نص قانوني مدني نافذ يرعى احكام هذا الزواج".
وربما كان متوقعا "اللاقرار" الذي صدر عن الحكومة أول من أمس. أما اذا تخطينا جلسة الحكومة الاخيرة ومشكلة تسجيل عقود الزواج، فلا يجوز تضييع البوصلة حين ندرك ان الحل موجود في ادراج مجلس النواب عبر اقتراح قانون "نائم" منذ اعوام. لا من يحركه ولا حتى من يتحدث عنه، كما لو ان القضية هي في تسجيل عقد وليست في توافر قاعدة قانونية ملائمة. وببساطة، أي دولة مدنية لا يمكن أن يبدأ بناؤها إلا بقانون مدني للاحوال الشخصية، حتى لا تبقى القضية مجرد مزايدة من زعيم سياسي أراد أن يصور نفسه على انه "ملك" الغاء الطائفية السياسية.


قانون مدني في المجلس
اقتراح القانون هذا أعدّه النائب مروان فارس، وأدرج في جدول اعمال اللجان المشتركة. كان ذلك عام 2011. بالطبع، لم يقر الاقتراح ولم يدرس، وبقي يؤجل حتى طارت الجلسات ودخل المجلس حينها في جمود. كان ثمة قرار متخذ سلفا ان المجلس لن يدوّن في سجله اقرار هذا الاقتراح، وسط الفراغ الحكومي الذي كان سائداً.
بعدها كرّت سبحة التعطيل، وان عاد المجلس، ولو خجولاً، الى عقد جلسات، الا ان اقتراح القانون المدني كان قد "فقد" من جدول الاعمال. يومها، جال فارس على عدد من رؤساء الكتل النيابية لحصد اكبر دعم لاقتراح القانون، الا ان الحملة لم تؤد الى نتيجة. في هذا الوقت، كانت الكثير من التحركات "تغزو" شوارعنا نحت عنوان: "الشعب يريد اسقاط النظام الطائفي في لبنان"، الا انها لم تعْدُ كونها "تحركات اعلامية" سرعان ما خفتت، من دون تحقيق أي هدف. وفق فارس، فإن "مشوار اقتراح القانون يحتاج الى جهد وتعاون سياسي ومدني".
يتضمن اقتراح فارس 238 مادة، ولا يشمل فقط الزواج المدني، انما ايضا حضانة الاطفال والابّوة والتبني والوصاية واستحقاق الارث والوصية. يعدد الاقتراح 11 سببا موجبا، اهمها حماية حق الشباب في زواجهم المدني برعاية القانون اللبناني"، بدل عقد ا لزواج في الخارج لتعترف به لاحقا الدولة اللبنانية، أي كمن يضحك على نفسه.
والسبب الثاني "استكمال الدولة تشريعا ناقصا وضع عام 1936"، اذ ثمة حق أقرّ وأعطي عام 1936 بأن يتزوج اللبنانيون وفق قانون مدني معترف به رسميا، لكنه اضطر حينها الى اقرار هذا الحق مع اشتراط عقده خارج لبنان، وبالتالي ليس بالمطلوب اليوم سوى استكمال هذا التشريع الناقص. والسبب الابرز في الاقتراح هو أن "على لبنان ان يحسم صيغة محترمة من داخله للاحوال الشخصية". ويعدد الاقتراح أيضا "اسبابا اجتماعية"، اذ "لا يجوز لاي قانون ان يؤسس للتمييز بين الزوجين، بتكريس عدم التوازن بينهما في الحقوق والواجبات وباعلاء شأن أحدهما على الآخر، كما ان كل الاتفاقات الدولية نصت على القضاء على التمييز ضد المرأة، ولبنان ملزم تطبيق هذه الاتفاقات".
والمعلوم ان فكرة اعداد اقتراح قانون مدني بدأت في 24 نيسان 1998، حين عقد "اللقاء الوطني من اجل قانون مدني اختياري للاحوال الشخصية" اجتماعا وانطلق من مشاريع سابقة لـ"الحزب الديموقراطي" عام 1971 ثم في صيغة له معدلة عام 1995، وثانية لـ"الحزب العلماني الديموقراطي" عام 1981، وثالثة للحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1997، ورابعة اعدت بطلب من الرئيس الياس الهراوي عام 1998. حينها، ناقشت هذه المشاريع مجموعة من الحقوقيين، وانبثقت منها لجنة حقوقية مصغرة أوكلت اليها صياغة مشروع مشترك باسم "اللقاء الوطني"، ووضعت الصياغة النهائية، وقدمتها جمعية "شمل" الى المجلس.
أما على صعيد الحكومة، فالجميع يتذكرون ان ثمة مشروع قانون سبق ان وافقت عليه الحكومة في عهد الهراوي بأكثرية 21 صوتا من 30.
كانت المعادلة دائما كالآتي: رؤساء جمهورية مع، رؤساء حكومة ضد (فقط الرئيس سعد الحريري أعلن تأييده)، ورجال دين يعارضون، بل انهم في بعض الاحيان يلعنون "فتاوى" غريبة، كما فعل مفتي الجمهورية السابق الشيخ محمد رشيد قباني حين قال مطلع 2013: "كل من يوافق من المسؤولين المسلمين على تشريع الزواج المدني، هو مرتدّ وخارج عن الاسلام، ولا يغسل او يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين (...)".
اذاً، ثمة مشروع قانون موجود ايضا لدى الامانة العامة لمجلس الوزراء. ولئلا تتحول قضية الزواج المدني عن وجهها الصحيح، ولئلا تغيب المطالبة باقرار قانون مدني، لا بد من العودة الى اصل المشكلة، عبر اقرار قانون موجود في البرلمان او الحكومة، والمطلوب ان يتحمل الوزراء والنواب مسؤولياتهم فيبرهنوا أنهم علمانيون لا مجرد أفراد في طوائفهم!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم