في اليوم العالمي للإذاعة: الشباب "يحتلّ" مذياع صوت لبنان

"من اخترع جهاز الراديو؟"، من منا حاضر الجواب على هذا السؤال دون اللجوء الى خدمات محرّك البحث الإفتراضي الأشهر، لحينه، غوغل؟ حسنًا، كم تمنينا لو نستطيع تلقي اتصالاتكم الهاتفية ورسائلكم النصيّة على هذا السؤال غير أن المساحة المطبعية المتاحة لنا والمسؤولية الأدبية تحتّم الجواب الشافي.
بعيدًا عن الغوص في تاريخ تجارب الموجات الكهرومغناطيسية، هنالك خطأ شائع ينسب فكرة اختراع الراديو الى عالم الفيزياء الإيطالي الأصل غولييلمو ماركوني، بينما مخترع المذياع والراديو هو العالم الفيزيائي والمهندس الميكانيكي الصربي الأصل نيكولا تسلا.
كلامنا هذا مطابق لمواصفات اليوم أيّ "اليوم العالمي للإذاعة" والذي تحتفل به منظمة الأمّم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، اليونسكو هذا العام تحت شعار "الشباب والإذاعة"، وذلك بهدف تحفيز مشاركة أكبر لهم في مجال الإذاعة، ليس فقط كمستمعين، بل كمنتجي برامج ومذيعين.
احتفالاً بهذا اليوم، تعاونت منظمة اليونسكو في بيروت مع جامعة سّيدة اللويزة (NDU) وإذاعة "صوت لبنان" (VDL 93.3 FM)، لإنتاج برنامج إذاعي خاص من نوعه. فكان روّاد هذا البرنامج طلاب جامعيّين غير محترفين، بعضهم لا يملك أيّة خبرة إعلامية أو معرفة مسبقة في أسلوب التحضير الإذاعي. بعيدًا عن السياسة المحلية، أضفى المخرجون الجدد رونق خاص لهذا البرنامج، فكان بمواضيعه المتنوّعة أشبه بمجلّة ثقافيةتفتقد لها الإذاعة اليوم. كما ناقشوا معلومات وهواجس عكست ما يمرّون به كشباب لبنانيين في الوقت الراهن.
"لهيدا السبب نحنا جينا احتلينا اذاعة صوت لبنان"، تعلن ميريلا بو خليل خلال البرنامج، وهي طالبة صحافة، عاونها في الانتاج طالب الهندسة المدنية رولان خوري، جاسمن ليليان دياب وهي طالبة دراسات عليا في القانون الدولي، وفيرونيكا عاقوري وهي أيضاً طالبة صحافة، فيما تولى الإخراج شادي العقّاد.
"على الرغم من تمثيل فئة الشباب لأكثر من 40 في المئة من سكان لبنان، يفشل الراديو في الكثير من الأحيان بنقل أصواتهم وآراءهم حول مختلف قضايا المجتمع. من هنا تركيز اليونسكو في هذا العام إلى أهمّية تخصيص برامج للشباب، ومُعدّة من قبل الشباب"، صرّح جورج عواد وهو مدير وحدة الاتصال والاعلام في اليونسكو. وتعليقاً على هذه المبادرة، أضاف عوّاد أن "هذا البرنامج سيمثّل فرصة مثالية للشبان والشابات في لبنان لإيصال صوتهم والتعبير عن وجهة نظرهم بحريّة".
من جانبه، أشاد مدير برامج اذاعة صوت لبنان شادي معلوف بهذه التجربة، معتبراً أنها تأتي في إطار الرسالة التي تسعى إذاعته إلى إيصالها. فقال معلوف: "اعتادت الإذاعة على دعم الافكار والمشاريع الرائدة في مجالات مختلفة، فكيف اذا كانت الفكرة هذه المرة منطلقها الأمم المتحدة وعنوانها "اليوم العالمي للإذاعة"، وصوت لبنان معنية بها مباشرة حيث تشارك اذاعتنا في احياء هذا اليوم للسنة الثالثة على التوالي. نحن سعيدون بهذا التعاون وبفسحة الهواء الإذاعي لطالبات وطلاب جامعة سيدة اللويزة. وهم عبّروا على طريقتهم وعلى مسؤوليتهم عن رؤيتهم و افكارهم للعمل الاذاعي".
يُعتبر الراديو من أكثر وسائل الإعلام المتوفّرة انتشارًا وأسهلها استخدامًا: فهي وسيلة إعلامية غير باهظة التكلفة وتتطلّب تقنية غير معقّدة نسبيًا، كما تطال في مداها أصحاب القرار والمسؤولين، كما المجتمعات الريفية والفئات المهمّشة. وفيما لا نجد الكثير من البرامج التي تركّز على شؤون الجيل الجديد وشجونه بعيدًا عن القوالب النمطية، يأتي هذا التعاون ليؤكّد على مسؤولية وسائل الإعلام والجامعات تجاه المواطن اللبناني عامًة والطلاب خاصًة.
تشير بعض الدراسات أن ما يزيد من نقص مشاركة الشباب في الإذاعة هو الجهود المضنية والدخل محدود. في المقابل أظهرت دراسة نشرتها مؤسسة مايندشيرMindshare في العام 2014 وتناولت توجهات وسائل الإعلام عالميًا، ان الشباب الذين ترواح اعمارهم بين الـ18 والـ24 عامًا يفضلون الإستماع الى الراديو غير أن 26 بالمئة منهم يفضلون أن الاستماع عبر الوسائط الحديثة للراديو، أي من خلال تطبيقات الشبكة الإلكترونية، في حين تفضّل النساء أكثر من الرجال، الإستماع الى الراديو. "قد لا يكون هذا واقع الحال في لبنان"، أعلنت استاذة الإعلام في جامعة سيدة اللويزة ربى الحلو، وتابعت قائلة: "في ظل غياب أيّ إحصاء رسمي لنوعية المشاهدة وكيفية استهلاك الوسائل الإعلامية سنعتمد على ما يقدمه الغرب لنا وهذا ليس بسلبي تمامًا أو ايجابي. ما قدمّه طلّاب غير متمرسون في العمل الإعلامي هو دليل على ضرورة وضع أسّس استراتيجية "اعلامية-تربوية"، تلحظ فئات المجتمع كافة. هذه التجربة، على تواضعها، خير دليل أن الجيل الجديد يملك فطرة التخطيط الفردي أكثر منا".

اليوم العالمي للإذاعة: بناء على اقتراح قدمته إسبانيا، أعلن المؤتمر العام لليونسكو اليوم العالمي للإذاعة في عام 2011 بغية زيادة الوعي لدى الجمهور ووسائل الإعلام بأهمية الإذاعة؛ وتشجيع متخذي القرار على دعم الإذاعات وتوفير المعلومات من خلال الإذاعة؛ فضلاً عن تعزيز الشبكات والتعاون الدولي بين المسؤولين عن البث الإذاعي واحتُفل بأول يوم عالمي للإذاعة في 13 شُباط/فبراير من العام التالي، أي يوم إطلاق إذاعة الأمم المتحدة في عام 1946. وفي عام 2012، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح إقرار اليوم العالمي للإذاعة يوماً عالمياً للأمم المتحدة، ترسيخاً له كاحتفال عالمي رئيسي خلال السنوات التالية
ملحوظة: يعرض البرنامج عبر أثير صوت لبنان 93.3 FM، اليوم الجمعة 13 شباط في الساعة 12:30 بعد الظهر.