الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هل عدم تعديل قانون الإيجارات يعني حرية التعاقد بديلاً؟

المصدر: "النهار"
كلوديت سركيس
كلوديت سركيس
هل عدم تعديل قانون الإيجارات يعني حرية التعاقد بديلاً؟
هل عدم تعديل قانون الإيجارات يعني حرية التعاقد بديلاً؟
A+ A-

في خضم الصراع بين المالكين والمستأجرين. هل يحق للمالك استرداد العقار أو مردود؟
قي المقابل، عدد من المستأجرين لا طاقة لهم على تحمّل ترك مأجورهم، فما الحلّ المنصف؟
وفي حال أُقر مشروع غير متكامل، هل يحمل نوعاً من التهجير؟


ترك قرار المجلس الدستوري لغطاً بإبطال المواد 7 و 13 والفقرة "ب 4" من المادة 18 من القانون. وهي المواد المتعلقة باللجنة التي أنشأها القانون لبتّ النزاعات حول تخمين المأجور والتعويض المالي، لعلّة عدم توافر المواصفات والشروط التي تؤدي الى منح اللجنة الصفة القضائية ولأن قرارات اللجنة مبرمة وغير قابلة للمراجعة.


ويقرّ الأستاذ الجامعي في القانون المحامي بول مرقص بأن قانون الايجارات الجديد تشوبه ثغر وعيوب كثيرة في الصياغة، وتنقصه الخطة الإسكانية التي كان من المفترض أن ترافقه لتحمل حلولاً للنقل المشترك والايجار التملكي وتنمية الريف، إلخ. إلا أنه، لو لم يُقرّ القانون المذكور في لحظته التشريعية، لكان من الصعب تصوّر إقراره في المدى المنظور، بعدما عقدت اللجان النيابية المعنية نحو 40 اجتماعاً منذ عام 2002 من دون أن تتوصّل إلى أي صيغة قانون. فضلاً عن وجود عائق آخر كان ليحول دون إقرار القانون وهو يتمثّل بطغيان "السياسة" بالمعنى المبتذل للتعبير اللبناني وحجب ما عداها من الأولويات الاقتصادية والاجتماعية والمالية الملحة. واليوم، في ظل الفراغ التشريعي مع انتهاء مفعول قانون التمديد الايجارات الاستثنائي منذ عام 2012 وصدور القانون الجديد عام 2014، ومع صدور قرار المجلس الدستوري الذي أبطل ثلاثاً من أحكام القانون، يكون المجلس أكّد على دستورية القانون الجديد في مبدئيّته وآليته وروحيّته وسائر مواده غير المبطلة عندما ردّ سائر أسباب الطعن ولم يبطل القانون برمّته. حتّى إن أعضاء المجلس الدستوري الثلاثة الذين سجّلوا مخالفتهم وهم من كبار الدستوريين إنما لم يخالفوا قرار المجلس الدستوري برمّته بل اقتصرت مخالفتهم على إبطال بعض أحكام القانون ما يعني تأكيدهم على مبدأ دستورية القانون بعدما شاركوا في صناعة حيثيات مهمة من قرار المجلس الدستوري".


وتبعاً لذلك يرى رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية مرقص أن القانون الجديد "قابل للتطبيق مع انقضاء الأشهر الخمسة لنفاذه أي بتاريخ 28 كانون الأول الماضي بما فيه التعديل الذي قد يُدخل عليه من مجلس النواب تصويباً للأحكام موضوع الإبطال المقضي به من المجلس الدستوري، باعتبار أن نفاذ القانون يكون بعد ستة أشهر على نشره. أما وقد أصبح قانوناً مكرّساً Loi ecran، وذلك لو لم يتدخّل مجلس النواب مجدداً، بحيث أضحى بإمكان المالكين بعدما انقضت الشهور الخمسة على صدور قرار المجلس الدستوري تقديم دعاوى إخلاء أمام القاضي المنفرد الناظر في قضايا الإيجارات كون الإبطال تناول أحكاماً تقنية تتعلّق بلجنة التخمين وبالصندوق المالي، تُعتبر بموجب هذا الإبطال كأنها لم تكن ولا يحول عدم وجودها دون تطبيق القانون، فيعيّن القاضي الناظر بالنزاع خبراء عقاريين للتخمين عوضاً من هذه اللجان".


ويشير المحامي مرقص إلى "أن المجلس الدستوري اللبناني سار بذلك على نهج المجلس الدستوري الفرنسي، توسيعاً لاختصاصه في حالات الطعن بدستورية بعض أحكام القانون المطعون فيه. فيمارس المجلس الدستوري اختصاصه الرقابي على كامل نصوص القانون معتمداً على قاعدة الترابط في ما بينها، إذ، مثلاً، اعتبر المجلس الدستوري اللبناني في قراره رقم 4 تاريخ 7/8/ 1996 انه يقتضي أن يستتبع إبطال المادة الثانية الجديدة والمادة الثلاثين الجديدة المطعون فيهما، والثالثة والرابعة والخامسة من القانون رقم 530/1996 نظراً الى الترابط القائم بين هذه المواد الأمر الذي لم يذهب إليه المجلس في صدد قانون الايجارات الجديد ما يجعله قائماً ودستورياً. فيتبين أن الاختصاص الذي مارسه المجلسان الدستوريان اللبناني والفرنسي توسع بحيث قبلا الرقابة على كامل مواد القانون، فقضيا بأكثر مما طلبه أصحاب المراجعة، كما أجازا لنفسهما استلهام أسباب وحجج لم يثرها الطاعنون بحجة الترابط القائم بين هذه المواد. هذا من جهة، يضيف مرقـص استطراداً، ومن جهة اخرى، أنه وبالتالي، فلو كانت الأحكام المبطلة من قانون الإيجارات ذات أهمية وترابط يؤثّران على مجمل القانون، لكان القانون برمّته قد أصبح غير دستوري الأمر غير المتحقّق في الحالة الراهنة ".


وعن دور مجلس النواب يرى أنه "كان من المنتظر أن يقوم مجلس النواب بعملية "ترميم" للأحكام القليلة المبطلة في القانون من المجلس الدستوري. والمقصود بالترميم هو تعديل الأحكام التي أبطلها المجلس الدستوري حتى يستقيم تطبيق الآلية المعتمدة في مجمل القانون. إلا أن الإشكالية تكمن في أن المجلس قد تحوّل مبدئياً إلى هيئة ناخبة لا اشتراعية بحسب المادة 75 من الدستور. وتالياً، وفضلاً عن هذا العائق الدستوري، وإن أمكن النواب تخطّيه بالاستناد إلى حجج قانونية، ثمّة عائق سياسي يتعلّق بامتناع عدد كبير من النواب المنتمين إلى فريق 14 آذار عن التشريع إلا في الأمور الضرورية الملحّة كقانون الانتخاب. فهل يعتبرون ترميم قانون الايجارات في أحكامه المبطلة شأناً ملحّاً وضرورياً؟ هذا مع إضافة سبب ثالث لطالما كان محلّ انتقاد رئيس المجلس نفسه، وأسمّيه "استنكاف عدد كبير من النواب عن الرقابة والتشريع" حتى عندما لا تقف دونه عوائق دستورية وسياسية"، مبدياً انه "يقع على لجنة الادارة والعدل في مجلس النواب إعادة ترميم الأحكام التي ابطلها المجلس الدستوري من دون مزيد من التأخير، وأن السياق التشريعي يقتضي بعد الانتهاء من هذه المرحلة ان تُرفع التعديلات الى الهيئة العامة لمجلس النواب لاقرارها، على ان يصدر ذلك بموجب قانون يتم التصويت عليه، ثم يحال على مجلس الوزراء لإصداره بإجماع الوزراء باعتبار ان المجلس يمارس صلاحيات رئيس الجمهورية، من ثم يتم نشره في الجريدة الرسمية ليصبح نافذاً وساري المفعول أو يمتنعون عن الإصدار فيُنشر حكماً ربّما إتاحةً في المجال لعشرة نواب من الكتل الوزارية الممتنعة لإعادة الطعن. فترميم الأحكام المبطلة من المجلس الدستوري لا يمنع من إعادة الطعن مجدداً- بتشجيع من المستأجرين القدامى- بالتعديلات التي قد يُدخلها مجلس النواب سعياً إلى محاولة أخيرة لتأخير تطبيق القانون التي أراها في غير موقعها إذ إنه سيطبّق عاجلاً أم آجلاً لأن بديله كان الرجوع إلى قانون الموجبات والعقود في المادة 543 منه التي تنصّ على حرية التعاقد، وتالياً التحرير المتفلّت للايجارات. وهو أشد إيلاماً على المستأجرين القدامى".


ودعا الدكتور مرقـص "كبار فقهاء القانون والقضاة السابقين خصوصاً ممّن ليسوا مالكين قدامى أو مستأجرين قدامى لكتابة دراسات فقهية تفيد القضاة في أحكامهم عند تطبيق القانون الجديد"، خاتماً بالقول: "ليس من قانون مثالي وإلا وقعنا في الوهم أو ما يسمّى illusion de completude خصوصاً متى يأتي القانون لتنظيم أوضاع استثنائية دامت 80 سنة". و"قانون الايجارات الجديد هو محطة تاريخية أُقرّ في لحظة تشريعية معيّنة بعد طول معاناة لكلا الطرفين، المالكين والمسـتأجرين". مضيفاً "أن القضاء هو الجهة الوحيدة المخولة الفصل في تطبيق القانون وليس أي سلطة سياسية أو مرجع سياسي ما لم تلتئم الهيئة العامة لمجلس النواب لاتخاذ موقف تفسيري أو تعديل القانون الذي جرى إبطال عدد من مواده. فثمة دعاوى كثيرة تُقدَّم من المالكين لعقارات مبنية مؤجرة إلى مستأجرين قدامى، وستشهد المحاكم المزيد منها مع دخول القانون الجديد حيّز التنفيذ راهناً، وللقاضي المنفرد الناظر في قضايا الايجارات مطلق السلطة التقديرية للبت في هذه الدعاوى. وفي مطلق الأحوال، فإنه في حال اعتبرنا أن هناك فراغاً تشريعياً ناجماً عن عدم سريان القانون الجديد، فتقتضي العودة إلى القانون العام، أي قانون الموجبات والعقود الذي يتضمن أحكاماً أشد من القانون الجديد".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم