الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

لن تصدقوا كيف تدخل المخدرات الى المدارس اللبنانية

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
لن تصدقوا كيف تدخل المخدرات الى المدارس اللبنانية
لن تصدقوا كيف تدخل المخدرات الى المدارس اللبنانية
A+ A-

في سن الـثانية عشرة بدأ جو بتعاطي المخدرات من باب الفضول ونتيجة تشجيع بعض الرفاق الذين حضُّوه على ذلك، ولأنه اعتبر أن اكتساب الأصدقاء يكون بالتماهي معهم، وجد نفسه مدمناً في سنِّ مبكرة. هؤلاء الأصدقاء لم يلتقِ بهم جو في الشارع، أو في المقاهي ومحلات ألعاب الكمبيوتر حيث تغيب رقابة الأهل، بل داخل جدران المدرسة. ما يطرح أسئلة عدَّة عن مصير هؤلاء الأبناء ومستقبلهم ودور المدرسة في تشديد الرقابة على طلابها.


الفاليوم والريفوتيرول


يقول جو، الذي بات في الـ 17 من عمره، إنَّ "تعاطي المخدرات كان سببه الفضول، أحببت أن أجرِّبها وشعرت بعد تناولها بالفرح. كانت زميلتي في الصف هي من عرفتني إلى هذا الأمر، راحت تأخذني جانباً وتخبرني عن المخدرات، وتجلب لي حبوب أدوية مثل الفاليوم والريفوتيرول... ثم أصبحت لديَّ خبرة في هذا النوع من المخدرات، ولاحقاً باتوا يعرضون عليَّ الحشيشة التي اعتدت لاحقاً على تدخنيها". ويضيف: "تلك الفتاة وصديقتها وصديقها كانوا معي في الصف عينه، إلاَّ أنهم كانوا أكبر مني سناً لعدم نجاحهم الأكاديمي. كانت تكبرني بعامين، وكان أصدقاؤها يتناولون في الجلسة الواحدة علبة كاملةً تحوي حبوب أدوية مخدرة، في حين كنت آخذ أنا حبَّة واحدة أو 2. هذه الحبوب كنت أتناولها داخل المدرسة، بعدما تجلبها الفتاة من صديقها خارج المدرسة الذي يبدو أنَّه يتاجر بهذا النوع، وتدخلها عبر وضعها في حمالة صدرها، لأنه كان يتم تفتيش الطلاب في المدرسة. كانت تأخذ مني كمية كبيرة من المال. اقتصر إدماني على الحبوب المهدئة والمخدرة، ولم أتعاطَ الإبر أو الهيرويين على الرغم من أنَّ أصدقائي كانوا يتعاطونها أمامي، إلاَّ أني لم أرغب في أن أجربها بعدما رأيت كيف أصبحت أشكال أصدقائي بشعة نتيجة الإنخراط في تعاطيهم، فخفت من هذا الأمر".


أغلبية تتعاطى الحشيشة


يتابع: "قررت عندما كبرت أنه من الضروري أن أحدَّ من التعاطي، وصرت أرى المدمنين، وأقول في نفسي إنني لا أرغب في أن أصبح مثلهم، فهم جانحون نحو الخطأ. كانت إرادتي قوية فلم أخضع لعلاج بل توقفت عن تعاطي المخدرات والتدخين بملء إرادتي، لكنني حالياً أشرب الكحول بشكل كبير، فهي تبقى أفضل من المخدرات". ويختم: "واجهني والدي مرة واحدة عندما علِم أنني أتعاطى المخدرات، لم يتجادل معي كثيراً إذ إنَّه لم يكن يدرك أنني مدمن بل اعتبر أن ما قمت به كان من باب الفضول والمعرفة. ولكنني أؤكد لك أنَّ أغلبية التلامذة يتعاطون الحشيشة داخل المدارس وخارجها".


شرارة الحرب الأهلية


في هذا الإطار، إلتقت "النهار" نقيب الأطباء الدكتور أنطون البستاني الذي اعتبر أنَّ "تعاطي المخدرات ظاهرة ساهمت حرب الـ 1975 في تفشيها، فبدأت مع الميليشات كافة من دون استثناء، ولجأ إلى تناولها عدد كبير من الشبان المقاتلين كي يتمكنوا من السهر والقتال. في العام 1990 انتهت الحرب، إلاَّ أنَّ الظاهرة انتشرت بشكل كبير، ولم تقتصر على أنواع المخدرات المعروفة، بل وصلت إلى حبوب الأدوية المهدئة التي تعتبر كذلك نوعاً من المخدرات. بعد مرور عامين من انتهاء الحرب برزت أولى مؤشرات هذه الظاهرة في الجامعات، اعتقدنا في البدء أنها ستنتهي ولكنها تفشَّت. وبعد 6 سنوات بدأت تصل إلى المدارس وأصبحنا نستقبل أولاداً في سن الـ 12 والـ 13 مدمنين على المخدرات. هذه المشكلة لم تناسب بعض المدارس التي خافت من أن يُفتح ملف المخدرات أو أن تنتشر أخبار قد تشوِّه سمعتها".


النزعة البيولوجية أو النفسية – الاجتماعية


يلفت النقيب البستاني إلى أنَّ "هذا الإدمان ظاهرة اجتماعية – ثقافية سببها الأول الفلتان الأمني، والثاني الأهل الذين يُعتبرون أحد الأسباب التي تودي بأبنائهم إلى الإدمان. وهنا، لست ألوم الأهل بل أقول إنَّ المسؤولية تقع على عاتقهم في مكان ما. إذ إنَّ لدى كل مراهق بيئة نفسية تكون حاضنة أو غير حاضنة لهذا النوع من الإنفلات، وهي نابعة من تربية الأهل، الذين يخلقون أرضية وقابلية لدى أبنائهم للتعاطي، وترافقها نزعة بيولوجية أو نفسية – اجتماعية. والمجتمع الأول الذي يؤثر بالأبناء هو العائلة ثمَّ المحيط والمدرسة. ومن الطبيعي أن يحظى الأبناء بالحب والاهتمام، ولكن يجب أن ترافقهما حدود وقواعد وقيم يجب أن يتبعوها. بالتالي، من الضروري تعريف الأهل إلى هذه المشكلة وتوضيح الخطأ في التربية والخطر المحدق بأبنائهم قبل حدوثه. كما عليهم أن يدركوا أنَّ التساهل في التعاطي مع الأبناء يمكن أن يضر بهم. أما من اكتشف أنَّ أولاده مدمنون فعليه أن يتقبَّل هذا الواقع أولاً، ثم أن يعرف كيفية التعامل مع المدمن من خلال التواصل مع المعنيين من أطباء واختصاصيين نفسيين".


الشفاء لا يتخطى الـ 10%


في ما يتعلق بانتشار المخدرات في المدارس، يجيب البستاني "منذ مدَّة علمنا أنَّ أحد بائعي الكعك بالقرب من إحدى المدارس تواطأ مع تلميذ، فكان يضع المخدرات داخل الكعك ويقوم التلميذ بإدخالها إلى المدرسة لإطعام أصدقائه. هذه الحادثة تستدعي من المدارس الوعي والمراقبة الشديدين. وكنقابة غالباً ما تطلب منا المدارس إعطاء محاضرات للتلاميذ، إلاَّ أنَّ عمل النقابة وحدها غير كافٍ، بل إنَّ المسألة تستدعي تنسيق الجهود بين الوزارات المعنية، لاسيما الصحة والداخلية والعدل والتربية".


عن المدمنين داخل المدارس ونسبة شفائهم بعد خضوعهم للعلاج، يؤكد البستاني أنْ "لا أرقام مبدئية تحدد نسبة حالات الإدمان الموجودة في المدارس، فما من إحصاءات حول هذا الموضوع، ولكننا هنا نحرص على ضرورة لفت إدارات المدارس إلى هذه المسألة من دون إمكان إعطائهم أسماء أو حالات بعض المرضى الذين نعالجهم وهم دون الـ 18 عاماً. أما في ما يرتبط بدور مراكز تأهيل المدمنين فلا بدَّ لنا هنا من معرفة أنَّ نسبة الشفاء في لبنان وبقية دول العالم لا تتخطى الـ 10% بعكس الأرقام التي تتكلم عن وصول النسب إلى 30 و40%، خصوصاً بعدما أصبحت مراكز العلاج شبيهة بمراكز التجميل، أي ليس لديهم أي تخصص"، مشيراً إلى "وجود مركزين إثنين جديين في لبنان، في حين أنَّ الآخرين مدعومون بغطاء ونفوذ سياسي إذ إنَّ المصحلة الشخصية تسيِّر الوضع في البلد".


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم