الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

المناصفة الفعلية تعني تكريس المذهبية وإلغاء الأحزاب

ريمون عبود
A+ A-

متى يستفيق الموارنة من سباتهم العميق؟ متى يتخلون عن انكفائهم وخوفهم؟ يقول العلامة الراحل الاب ميشال الحايك: "إن الموارنة هم أكثر الناس تقدمية اذا أمِنوا، وأشدهم رجعية اذا فزعوا". ويا للأسف يطغى التعصب على الايمان. متى ينتفضون على قياداتهم؟ أو ما يسمى "الاربعة الاقوياء"، ورثة المارونية العسكرية التي ألغت الحياة السياسية. فالأول أُلبس عباءة حافظ الاسد، وكان يتباهى بأنه خلال زيارته الشام، لم يكن يعرّج في طريق العودة على عنجر، والثاني يستدعى حيث تدعو الحاجة، تارة لتأييد التمديد، وطورا للبحث في سحب ترشيحه، على رغم محاولاته المضنية للخروج من ماضيه المثقل، لا يزال يحمل بعضا من "نتعاته الميليشياوية"، والثالث يتوسل الرئاسة عبر الكلام المعسول والانفتاح، وتناسى كيف تداعى مقعد دارته تحت ثقل أرييل شارون". أما الرابع فأعمته شهوة السلطة ضمن شعار "تكسير رأس حافظ الاسد" الى مرتمٍ في أحضان جبهة الممانعة، يعطل الانتخابات الرئاسية تحت شعار "أنا أو لا أحد"، انه "الفكر النيروني" والالغائي.
الطائفة المارونية التي ساهمت في انشاء الكيان، كم هزل دورها على يدهم، فمن دور الانفتاح والتنوير، الى مجموعة استتباع تترقب الصراع السني – الشيعي، تستجدي مقعدا في بلدية بيروت أو دركيا في مخفر.
ما تشهده مدينة جبيل من نهضة، نأمل ان يكون بداية انتفاضة على هذا الواقع المزري، ويجب الاعتراف بأن الفضل يعود الى خط الاعتدال الذي كرسه العميد ريمون اده في بلاد جبيل، هذا الخط لن يتداعى على رغم اعتكاف كارلوس اده بسبب قرفه، ولأنه لا يملك السلاح ولا التموين الخارجي ولا الخطاب المذهبي التحريضي، ولا شهداء في المرفأ والاسواق يتاجر بدمائهم. في الاربعينات، كان الرئيسان اميل اده وبشارة الخوري محور السياسة اللبنانية، ماذا تغير ليهبط سقف طموحات الموارنة، عبر طروحات مذهبية تقزّم دورهم من قانون الانتخاب الارثوذكسي، الى المناصفة الفعلية؟ عجز هذه القيادات عن ممارسة دور وطني جعلها تتقوقع وتلجأ الى أفكار عجيبة، فالعلماني ممنوع عليه انتخاب مرشح من خارج طائفته، وماذا تعني المناصفة الفعلية؟ وهل المسلمون يقبلون بها؟ سمعنا من ناصر قنديل نائب الوديعة السورية على لائحة الشهيد رفيق الحريري: "قبلنا المناصفة شرط ان نأتي نحن بالنواب المسيحيين في مناطقنا". المناصفة الفعلية تستهدف وليد جنبلاط وتيار المستقبل، كان كمال جنبلاط يحظى بتأييد واسع في الأوساط المسيحية (نائب الدامور عزيز عون، آل الطحيني، عبد النور، البستاني...) وتيار المستقبل هو الوحيد العابر للطوائف والمناطق ويمثل الاعتدال، هل استبدال هادي حبيش بنائب قواتي او عوني يعزز التمثيل المسيحي؟ هناك اصرار على جعله تيارا مذهبيا والغاء الاحزاب العلمانية، وتكريس المذهبية. كان الرئيس شمعون يجمع في كتلته (محمود عمار، بشير الاعور، فضل الله تلحوق، كاظم الخليل، عصام الحجار) وأوصل حبيب المطران في بعلبك، وحزب الكتائب أوصل راشد الخوري في الزهراني. ماذا لو كان رد المسلمين: بأن المسيحيين يشكلون 33%، لذا نريد 63% من المجلس النيابي. تناسى الجنرال عون ان غالبية نوابه فازت بأصوات "البلوك" الشيعي بتكليف شرعي، في جبيل (نال 49% من أصوات المسيحيين) وبعبدا وجزين، حتى في كسروان 1300 صوت شيعي حسمت المعركة، وسليمان فرنجيه نال غالبية أصوات السنة في زغرتا. انهضوا واستعيدوا دوركم التاريخي، بالانتشار وبعيشكم المشترك مع مختلف المذاهب، تخلوا عن موروثات الحقد والأثر والانتقام، تمسكوا بالحرية والارض ورفض الاستبداد، حافظوا على إرث الاجداد، إذ سيترحم الجيل الجديد، ولا سيما اليسار على "المارونية السياسية" على رغم مساوئها، ازاء ما يعانونه اليوم، في ظلها تعزز الوعي الاجتماعي وانتظم العمل الحزبي، الى ازدهار فني وثقافي، وكانت بيروت منبرا للحرية. غالت قوى اليمين في تحجرها وقوى اليسار في تهورها، فحمّلت البلد أكثر مما يحتمل واستخفت بالواقع المذهبي. والحزب الشيوعي الذي أقام تمثالا لفرج الله الحلو في حصرايل، يُمنع في ظل الشيعية العسكرية من الاحتفال بذكر شهدائه، انه عصر الظلام والانحطاط. وعلى رغم ذلك لا تيأسوا، لا تخافوا، بل جدّدوا قياداتكم والتفوا حول بكركي وسيدها الرحب الصدر والمستشعر بالخطر المحدق أكثر من السياسيين.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم