الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

هل صحيح أنهم "يمنعون" الجنسيّة اللبنانيّة عنا؟

المصدر: "النهار"
فيفيان عقيقي
هل صحيح أنهم "يمنعون" الجنسيّة اللبنانيّة عنا؟
هل صحيح أنهم "يمنعون" الجنسيّة اللبنانيّة عنا؟
A+ A-

هاجرا خلال الحرب اللبنانيّة من إحدى قرى قضاء بعبدا إلى فرنسا هربًا من القتل على الهوية والقذائف المتطايرة وأمن الميليشيات. هربا بحثًا عن حياة آمنة بعيدًا من لبنان لا لكي ينسيا أصولهما أو يُحرما منها.


بعد سنين، أنجبا ولدًا، وأرادا له الحصول على جنسية لبنانيّة تظهر هويته الحقيقيّة، سألا عن المستندات المطلوبة والوثائق اللازمة لتقديم طلب اكتسابها. طلب استغرق سنين دون أن يتحقّق، وفق ما يؤكّده الوالد لـ"النهار": "أمّنت المستندات المطلوبة والوثائق اللازمة وأرسلتها إلى وزارة الخارجيّة والمغتربين ومن ثمّ إلى وزارة الداخليّة، بعدها ضاع الملف، راجعت فيه مرّات عدّة عندما أتيت إلى لبنان، لكنه اختفى. جواب لم يقنعني ولكنّه لم يشجّعني لأكمل في هذه المعاملة أو المراجعة فيها مجدّدًا. لا يريدون إعطائنا الجنسيّة حسنًا، ربّما يريدون وجهًا جديدًا للبنان، وجهًا أحاديًا، وقد تكون حادثة فرديّة. لكن الجنسيّة الفرنسيّة تكفي إبني ليُعامل بكرامة أكثر من الجنسيّة اللبنانيّة التي يشدّنا الحنين والحبّ إليها".


قصّة تسّلط الضوء على عمل السفارات ووزارتي الخارجيّة والمغتربين والداخليّة والبلديات في ملف المغتربين اللبنانيين في الخارج، فهل هي حادثة من ضمن أخرى متكرّرة تكتنف وراءها نيات معيّنة، أم هي فرديّة ناتجة عن أخطاء قد تحدث في كلّ الإدارات؟


تراخي سابق
كيف تتمّ آلية تسجيل المغتربين وما هي الأخطاء التي قد تنتج؟ تقول رئيسة دائرة الأملاك والقيد في وزارة الخارجيّة والمغتربين، ديانا مرقص، لـ"النهار": "تتمّ الآلية من خلال الحقيبة الديبلوماسيّة التي ترسل الملفات إلى وزارة الخارجيّة، فيعطى كلّ ملف رقمًا ومضمونًا ويُرسل إلى وزارة الداخليّة، وتحديدًا إلى الأحوال الشخصيّة للتنفيذ، التي ترسلها بدورها إلى النفوس المعنية لمطابقة القيد، وعند انتهاء التنفيذ يبلّغ صاحب العلاقة. قد يضيع الملف أحيانًا ولكن علينا معرفة الرقم لنستخرج بدلاً عن ضائع، لكلّ مشكلة حلّ".


وعمّا يشاع بأن هناك عمليّة لعرقلة تسجيل البعض، تقول: "سابقًا، ربّما كان هناك بعض العراقيل فتبقى ملفات في الوزارة، لكن في عهد الوزير زياد بارود أرسلت كلّها إلى الداخليّة ونفّذ أغلبها، وحاليًا كلّ المعاملات تسجّل في الخارجيّة. أيّام الحرب كانت تتوقّف المعاملات، وحصل تراكم في فترة معيّنة لكن الآن الوضع مختلف. في السنة الواحدة يصلنا حوالى 30 ألف معاملة بين ولادات ووفيات وزواج واكتساب جنسيّة".


ضرورة المراجعة
كيف يسير العمل في هذه الملفات؟ وهل من غموض يكتنفها؟ تقول مديرة المؤسّسة المسيحيّة للانتشار، السيّدة هيام بستاني لـ"النهار": "إضاعة وتمييع الملفات موضوع قديم جدًا، كان هناك تقصير في السنين السابقة، وكان عدد الموظفين قليل، لكن القنصليّات لم تعد تتعامل بهذه الطريقة مع أصحاب العلاقة، بل هناك لبنانيون يتهرّبون من مسؤولياتهم تجاه لبنان، ويرمونها على الدولة بحجّة أنهم ذهبوا إلى القنصليات وكانت مغلقة وأو مزدحمة ولم يتمكّنوا من التسجيل".


وتضيف بستاني: "قمنا بجولات عدّة على القنصليات في الخارج مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، ووجدنا العكس، وزارة الخارجية تراقب العمل، هناك وعي ومسؤوليّة أكبر حيال الأمر، والدليل الطلبات الكثيرة التي تقدّم، فيما يرفض القليل منها لسبب جوهري، مثل عدم وجود إثبات بأن مقدّم الطلب لبناني، أو لأنه بدّل اسمه ولم يجلب مستندًا من البلد الذي يعيش فيه يثبت ذلك، أو لأن مستنداته ناقصة".


وتؤكّد بستاني أن كلّ ما يُقال عكس ذلك هو طرح عامّ يفتقر إلى الدقّة، إذ لا يمكن لأي ملف أن يضيع، وتقول: "لسبب من الأسباب قد يعاد الملف المقدّم، وبسبب وجود نقص في الموظفين قد لا يبلّغ صاحب العلاقة بمصير معاملته، لكن ذلك لا يعني أن الملف ضاع، فكلّ ملف لديه رقم ويمكننا ملاحقته ومتابعته".


آلية التسجيل
وعن الآلية المتعبة لتسجيل المغتربين، تردّ بستاني: "كلّ لبناني مقيم خارج لبنان مهما كانت سنّه، له الحقّ بطلب تسجيله أو تسجيل زواجه في أي وقت، شرط أن يكون لديه مستند لبناني يثبت لبنانيّته أو أن يكون لديه أصل في لبنان من أب، وفي حال لم يكن لديه هذا المستند، فالقنصلية ملزمة باستشارة وزارتي الخارجيّة والداخليّة لمعرفة إذا كان لديه قيد في لبنان، وإذا كان سجله واردًا في الأحوال الشخصيّة في لبنان بموجب إحصاء 1932، وفي حال ثبت ذلك يعطى له بيان قيد، وهو مستند يعطيه الحق ولكلّ متحدّر منه باكتساب الجنسيّة اللبنانيّة".


التسجيل والتدابير
وعن نسبة تسجيل المغتربين وأسباب تراجعها سابقًا وارتفاعها راهنًا، تردّ بستاني: "أسباب التراجع في السنين السابقة سببه عدم الحسّ بالمسؤوليّة واليأس المسيحي من الحكّام وعدم متابعة الكنيسة للملف، لكن الآن كبرت كرة الثلج، وأصبح هناك وعي وإحساس بالخطر لدى كلّ المعنيين، والوزارات المتعاقبة تسير على هذا النهج وتعمل على النهوض بقضية الاغتراب. هناك ارتفاع في عدد الأشخاص المهتمين بتسجيل أولادهم وزواجهم بنسبة 30%. المسلمون نشيطون أكثر من المسيحيين الذين يذوبون في المجتمع الأجنبي ويكتفون بجنسية البلد الذي يعيشون فيه، كما أن الشيوخ المسلمون يتقاضون رواتب من الدولة لحثّ رعاياهم على تسجيل أولادهم، وهو أمر تنبّهت له الكنيسة وتعمل عليه، ومن هنا أتت أسفار البطريرك الذي رفع شعار "سجّل ما تأجّل" لمعالجة تقصير السابق على المستوى الرعوي".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم