السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

نصير الاسد ومستغل عذابات الفلسطينيين: أنا شارلي كوليبالي

المصدر: "النهار"
موناليزا فريحة
موناليزا فريحة
نصير الاسد ومستغل عذابات الفلسطينيين: أنا شارلي كوليبالي
نصير الاسد ومستغل عذابات الفلسطينيين: أنا شارلي كوليبالي
A+ A-

وضع الممثل الفرنسي السّاخر ديودونيه مبالا في الحجز الاحتياطي في باريس اليوم بتهمة "تبرير الارهاب" على خلفية رأي كتبه على صفحته على "فايسبوك" ويقول فيها إنه يشعر بأنه "شارلي كوليبالي"، في خضم موجة التنديد الفرنسي والعالمي الواسعة بالهجمات الارهابية التي تعرضت لها أسبوعية "شارلي ايبدو" ومتجر "كوشر" الذي احتجز فيه أميدي كوليبالي رهائن وقتل أربعة منهم.
وليس هذه التهمة الاولى من نوعها في حق هذا الكوميدي المثير للجدل.ففي ايلول الماضي ،تحركت النيابة العامة في باريس بعد توزيع فيديو يسخر فيه ديودونيه من قطع "الدولة الاسلامية" رأس الصحافي الاميركي جيمس فولي.
في أي حال، ليست المرة الأولى يثير فيها الفنّان الفرنسي المعروف باسمه المسرحي ديودونيه ومبتكر إشارة اليد الشهيرة "كوينيل"، جدلاً حوله. فمنذ تحولت السياسة إلى مادة أساسية في اسكتشاته المسرحية، التصقت به صفه "الاستفزازية" و"المثير للجدل".بدأ هذا الممثل الكاميروني الأصل، ذو البشرة السوداء ،مناضلا ضد العنصرية ، وقدم اسكتشات انتقدت العنصرية ضد العرب والسود في فرنسا ودافع مرارا عن القضية الفلسطينية وعن المقاومة ضد الهيمنة الاستعمارية ، من الممارسات الفرنسية في أفريقيا السمراء الى الاجتياح الاميركي للعراق،مرورا بنظام الابارتايد الجديد في اسرائيل ، وخاض الانتخابات المحلية ضد حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف، قبل أن يبدأ بمهاجمة ما يسميه "محور القوى الصهيوني الأميركي".و«نكاية باللوبي اليهودي»، استضافَ في أحد عروضه مؤسس الجبهة الوطنية الفرنسية جان -ماري لوبن، وأعلن أن المحرقة اليهودية كذبة تاريخية.
كانت تلك النقطة التي أفاضت الكأس، فحتّى أصدقاؤه من مناصري القضية الفلسطينية وأبناء المهاجرين شعروا بالحرج. ذلك أنّ الدفاع عن ديودونيه صار يقتضي الدفاع أيضاً عن ألد أعدائهم من رموز اليمين العنصري.
ومنذ مطلع 2014،عاد ديودونيه بقوة الى الاضواء مع عرض مسرحي جديد له حمل اسم "الجدار".وهذه المرة تكتل ضده رؤساء بلديات مدن فرنسية ونجحوا في انتزاع حكم من مجلس الدولة، أعلى سلطة في القضاء الإداري في فرنسا، لمنع عرضه بحجة أنه "يهين ذكرى ضحايا المحرقة النازية ويعرض الامن العام للخطر". وبذلك، تحول ديودونيه مجددا الشغل الشاغل لوسائل الاعلام الفرنسية، وارتفعت الاصوات المنددة بما اعتبرته انتهاكا لحرية التعبير المقدسة في الدستور الفرنسي، بينما اغتنمت جمعيتان تعتبران من أبرز المؤيدين للقضية الفلسطينية النقاش الدائر لتصحيح الفكرة السائدة عن هذا الممثل الساخر في الاوساط الثقافية الغربية والعربية، ولفتتا الى أنه "فخ للقضية الفلسطينية" وليس نصيرا لها.


"استغلال القضية الفلسطينية"


وأصدرت "حملة المقاطعة الاكاديمية والثقافية ضد اسرائيل بي.دي.أس فرنسا" بياناً نبهت فيه الى أن جماعة ديودونيه التي تتكوّن جهاراً من أشخاص عنصريين، معادين للسامية" ينتمون إلى معسكر اليمين المتطرّف، وخصوصاً معسكر لوبان. وعلى عكس ما يدّعونه، فهم لم يتحرّكوا يوماً دفاعاً عن قضية الشعب الفلسطيني. ما فعلوه هو استغلال هذه القضية واستخدامها في خدمة هذيانهم المؤامراتي".الا أن الجمعية دانت أيضاً الهجوم الذي شنّه وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس الذي يريد أن يضع في سلة واحدة معادي السامية مع المناضلين ضد العنصرية، ومناهضي الصهيونية الذي يقفون بحزم ضد السياسة الاستعمارية والأبارتهايد الذي تمارسه دولة اسرائيل.
بدورها، أصدرت "جمعية التضامن فرنسا ــ فلسطين" نصاً بعنوان «ديودونيه، المخادع العنصري ليس صديقاً للشعب الفلسطيني» رفضت فيه استغلال القضية الفلسطينية في خدمة "الهذيان المؤامراتي العنصري الذي يخدم عدوّ الشعب الفلسطيني".وقالت:"... ليس الشعب الفلسطيني بحاجة إلى هؤلاء الأصدقاء المزيّفين. نضالنا من أجل الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني يقوم على المبادئ العالمية لحقوق الشعوب، وهو يعني رفض كل أشكال العنصرية، ومعاداة السامية، والاسلاموفوبيا... سموم فتاكة سنكافحها بلا كلل".


"تمويل ايراني"


الى ذلك، ذهب كتاب ومثقفون وإعلاميون عرب الى فضح ديودونيه ، معتبرين أن ثمة صفقات مربحة تقف وراء التصعيد في الخطاب المعادي للسامية الذي يعتمده الممثل الساخر، بما فيها تمويل ايراني للائحته في الانتخابات الاوروبية عام 2009.هذا وقد أعلن ديودونيه صراحة في مؤتمر صحافي في طهران عام 2009 أنه حصل من مؤسسة السينما الايرانية على تمويل لانجاز فيلمه "الكود الاسود عن تراجيديا الرق والعبودية"، بمواصفات انتاجية تضاهي السينما الهوليودية التي قال إنها تمثل "الذراع الضاربة للصهيونية العالمية".


"يهتف بحياة الاسد"


ولا يقتصر الغموض في مواقف ديودونيه على معاداته للسامية، وإنما يتعداه الى موقفه من النظام السوري الذي أعلن مرارا مناصرته على طريقة الممانعين العرب.ففي هذه المسألة أيضا،وصفه الكاتب صبحي حديدي بأنه متعصب مهووس ،إذ أنه يهتف على خشبة المسرح، وليس في الكواليس أو المجالس الخاصة، بحياة الأسد ويرفع صورته، ويعطي ممثلي النظام فرصة مخاطبة الجمهور، ويصفّق لهم عندما يفدون قائدهم بالروح وبالدم. وحين يريد توضيح الأسباب التي تدفعه الى تأييد النظام، يسارع ديودونيه إلى امتداح "أجواء الحرّية"، و"احترام الاختلاف"، و"حقّ التعبير عن الرأي" التي لمسها شخصياً خلال زيارة دمشق في عهد الأسد، والتي يفتقدها في بلده فرنسا !.كذلك لا يخفي ديودونيه انحيازه إلى "حزب الله"، لأنه الطرف الذي يقاتل إسرائيل، وما دام الحزب يناصر الأسد، فإنّ الأخير على حقّ!.
من الواضح أن ديودونيه الذي يقدم نفسه ضحية قمع "حرية التعبير" في فرنسا ويتعاطف معه بعض العرب على اساس أنه نصير لهم، ليس الا مستغلا لعذابات الشعب الفلسطيني ومؤيدا للاسد الذي يقمع شعبه ول"حزب الله" وايران اللذين يدعمان النظام السوري.


[email protected] 
twitter:@monalisaf


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم