الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الغرب سينتظر الارهاب في "المترو" والصحيفة أم يعالج أصل المشكلة؟ (خاص "النهار")

المصدر: "النهار"
عباس صالح
الغرب سينتظر الارهاب في "المترو" والصحيفة أم يعالج أصل المشكلة؟ (خاص "النهار")
الغرب سينتظر الارهاب في "المترو" والصحيفة أم يعالج أصل المشكلة؟ (خاص "النهار")
A+ A-

ليست فرنسا وحدها في قلب محنة الإرهاب... بل أوروبا كلها، والغرب كله، بل العالم بأسره يكابد آفة الإرهاب الدولي المعولم، عبر خلاياه النائمة في كل الأماكن.


إنها آفة العصر الكبرى، والمعضلة - اللغز، التي عجزت عن حلّها أعرق الدول، وحتى تلك التي يحكمها الديكتاتور ذو القبضة الحديدية والبوليسية والامنية، لم تسلم من ضربات الإرهابيين وجرائمهم الوحشية، كما الدول الحرة والديموقراطية في الغرب والشرق وعلى امتداد كل القارات الكونية، حيث لا يتوانى المتطرّفون عن توجيه ضرباتهم الموجعة ضد المدنيين والأبرياء أينما كانوا، كما حصل أخيرًا في فرنسا التي يبدو أنها دخلت في حرب طويلة الأمد مع الإرهاب على اختلاف وجوهه البشعة.
ربما تكون حرب فرنسا مع الإرهاب، أكثر قساوة وأشد إيلاماً، نظرًا لكثرة الخلايا النائمة على أراضيها من الأصوليين الإرهابيين، ومن المتطرفين المؤهلين دائما للتحول إلى إرهابيين في أي لحظة، وهو ما بدأت تلوح تباشيره في أفق الأزمة التي اندلعت شرارتها على أثر الهجوم على مجلة "شارلي إيبدو" الساخرة، والذي جاءت نتائجه كارثية اذ حصد اكثر من 12 ضحية من بين رساميها، وسقط عدد كبير من الجرحى. ولم تتضح سبل مساراتها ونهاياتها بعد في ظل التطورات الميدانية التي ترجمت حتى الآن أعمال عنف متفرقة، اتسعت رقعتها إلى أكثر من مكان في ظل غموض واضح يكتنف مصيرها.


الايوبي: الأداء الأمني الواعي مطلوب
كيف وصلت خلايا الإرهاب إلى عمق اوروبا وقبلها إلى اميركا وإلى الغرب كله؟ وكيف ستتطور الامور مع خلاياه النائمة في تلك البلدان، إذا قرّرت التحرّك فجأة، وعلى أيّ إيقاعات يمكن إيقاظها؟ وكيف يمكن ان تتخلص أمة الغرب من شرور الإرهاب القاعدي وتسمياته المتعددة؟ وبأيّ ثمن؟ أسئلة وجهتها "النهار" إلى 3 خبراء في الشأن الامني، فأشار العميد منذر الايوبي وهو أحد القادة الامنيين المخضرمين الذي عمل طويلا في ملفات مكافحة الإرهاب في لبنان الى ان " هذه المجموعات هي خلايا نائمة متواجدة على مساحة الجغرافيا الاوروبية، ويمكن استغلالها وفقاً لأجندة وحوادث معينة. وهذه المجموعات تتلقى دعم وتدريب بعض اجهزة المخابرات العالمية أحيانا، كما تفعل اسرائيل في غالب الاحيان، فتستغل هذه المجموعات الإرهابية بطرق مباشرة او غير مباشرة، خاصة ان هذه المجموعات الإرهابية الموجودة في اوروبا حانقة بطبعها نتيجة أداء عنصري أحيانا، يستهدف مجموعات دينية معينة".
الايوبي يرى ان "المساس بالنبي محمد واستغلال الرسوم المسيئة، خلال فترات معينة ما هو الا دفع غير مباشر في اتجاه التحريض على تنفيذ مثل هذه الاعمال الاجرامية، من خلال اعطائها لبوس ممارسة الحريات العامة، ولا يخفى على احد ما تعنيه ممارسة الحريات للمجتمعات الغربية".
ويقول ان "على أجهزة الامن الاوروبية ان تبذل مجهودا كبيرا في متابعة هذه المجموعات عبر تعاون وثيق مع مجتمعات المهاجرين اليها من أصول عربية واسلامية، وليس من خلال قمع هذه المجتمعات ككل وإظهارها بمظهر المستهدف كما حصل امس في الاعتداء على بعض المساجد في فرنسا".
ويشير إلى ان "اجهزة الامن الاوروبية ستتمكن من تحقيق نجاح نسبي في مكافحة الإرهاب في حال تعاونت مع هذه الفئات والشرائح الاجتماعية لديها، وتمكنت بالتالي من ضبط ردود الافعال غير العقلانية ضدها".
ويرى ان أداء "الحكومات والسلطات الاوروبية عموماً يجب ان يكون واعيا ومستوعبا لموضوع مكافحة الإرهاب، لا سيما لجهة ضرورة الفصل بين الإرهاب والاسلام، لأن الإرهاب لا دين له والعمل الإرهابي هدفه زرع الرعب في المجتمعات عبر ممارسة أنواع من العنف وجرائم عنفية تخرج عن المنطق وتحفر عميقا في ذاكرة المجتمعات كما حدث في 11 ايلول 2001".


جابر: الغرب قادر على القضاء على الإرهاب
الباحث في قضايا الإرهاب العميد الركن الدكتور هشام جابر قال ان "أوروبا قادرة على مكافحة الإرهاب، ولكن بصعوبة كبيرة، لأن للإرهاب خلايا نائمة في أوروبا محضرة ومجهزة منذ سنوات، ولديها بيئة حاضنة ومصادر تمويل، وتحديدا في فرنسا وبريطانيا واستطرادا في المانيا".
ويرى جابر ان بامكان أوروبا مكافحة الإرهاب، من خلال العمل الجدي وليس الاستعراضي عبر الابتعاد اولاً عن ردات الفعل العشوائية كما حصل في فرنسا، وعدم التعاطي مع ملايين المسلمين فيها على انهم موضع شبهة. لكن الاهم ان فرنسا كدولة متطورة وحليفة للولايات المتحدة الاميركية ولديها أجهزة استخباراتها المتطورة، تعرف حتماً من يموّل الإرهابيين ومن يزرعهم ومن يشجعهم على مدى عقود من الزمن. واذا كانت الادارة الاميركية تقول انها لا تعرف من يموّل "داعش" والتحويلات اليها والخ، فاننا لن نصدقها ابدا. وبالتالي فان اوروبا وفرنسا وبريطانيا هم حلفاء لأميركا، ويفترض ان يجعلوها تقطع الوريد الذي يغذي الجماعات الإرهابية بالمال والاعلام، ولماذا لا تقفَل مئات المحطات التلفزيونية الفضائية التي تشجع الإرهاب وتحض عليه، إضافة إلى المحطات الاخرى التي تعطي مساحة واسعة جدا من تغطيتها للإرهابيين، وصفحات ومواقع التواصل الاجتماعي على اختلافها التي تحتاج إلى مراقبة وضبط، وهذه خطوات بديهية جدا لمكافحة الإرهاب، ثم هناك البيئة الحاضنة للإرهاب لأن البيئة الحاضنة هي الماء، والإرهاب هو السمك، ولا يعيش أبدا من دونها".
اما في الرؤية العسكرية فيرى جابر ان "المعركة مع الإرهاب توجب الذهاب اليه في عقر داره لملاقاته وليس انتظاره في المترو والصحيفة والمؤسسة. وعلينا ان نهاجمه في بقعة انطلاقه، عبر التنسيق بين أجهزة الاستخبارات والتنسيق مع المواطنين، ولا سيما المجتمعات الاسلامية المعتدلة في اوروبا وغيرها".


خبير أمني: سيرتفع التطرّف اليميني في الغرب
خبير أمني آخر، فضل عدم الكشف عن اسمه، يرى ان مكافحة الإرهاب في اوروبا والغرب عموماً تتطلب معالجة منابع الإرهاب والمساحات التي تصدّره، والتي نشأت بعد سقوط الاتحاد السوفياتي كأفغانستان والشيشان وغيرها، كما يتطلب منع الاستثمار السياسي في الإرهاب، اضافة إلى المعالجة الدينية المسؤولة عنها القيادات الدينية في الدول الاسلامية.
ويؤكد المسؤول ان الغرب ليس حاضرًا اليوم، لمعالجة هذه الظواهر على أراضيه، وقد بات أمام معضلة اضافية، وهي حالة استنهاض التطرّف اليميني المضاد الذي سيرفع الصوت بضرورة تمتين المجتمعات الغربية، ورفض لغة التسامح التي كانت سائدة، وبالتالي سيقوى صوت التطرف لديهم، وهذا ما يؤسس لتبدلات سياسية اذ ان اليمين الذي كان يشكل ربما عشرة بالمئة من مجموع المجتعات الغربية ستصبح نسبته عالية، وستكون الحكومات أمام مشكلتين داخلية وخارجية، تقتضي اقفال حدودها وهذا ما سيبعث على حالات طلاق أكيدة بين الدول الغربية وبعض الدول العربية والاسلامية، التي يمكن ان يعود عبرها المقاتلون إلى الغرب".


ويردّ ذلك إلى القوانين التي تسود دول الغرب ودساتيرها وأنظمتها القائمة على عناوين الحريات وحقوق الانسان، ومجتمعاتها المتراخية التي تعيش على قيم التسامح وقبول الآخر أياً كان دينه وعرقه. في حين أفاد الطرف الآخر من المساحة المعطاة له بإضافة أعداد المهاجرين الكبيرة، التي لم تتمكن من تأمين سبل العيش الكريم، وبقيت مجتمعات فقيرة وحاقدة، ولم تسهم قياداتها الروحية ان تخرجها من تلك الاحقاد بل ساهمت في تأجيج التطرف لديها وأخذتها إلى الحروب الخارجية، التي ظنت دول الغرب انها قد تكون مخرجاً للإرهابيين من أرضها وانهم لن يعودوا إليها، لكن أعداداً كبيرة منهم عادت وغيرهم كثيرون سيعودون.


[email protected]


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم