الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

2014 يمنيًّا... أفول دولة "الإخوان" وظهور دولة الحوثيين

أبو بكر عبد الله
2014 يمنيًّا... أفول دولة "الإخوان" وظهور دولة الحوثيين
2014 يمنيًّا... أفول دولة "الإخوان" وظهور دولة الحوثيين
A+ A-

ودّع اليمنيون عام 2014، مثقلين بتركة هائلة من الحروب والصراعات السياسية وأعباء التحولات الكبيرة التي شهدتها البلاد في هذه السنة، التي توصف بأنها سنة الإنجازات والانتكاسات الكبيرة في آن.


ففي هذه السنة شهد اليمن حروبًا عدة سبقت الانهيار الكبير لدولة الاخوان المسلمين التي ظلت تحظى بنفوذ مدى 33 سنة من حكم النظام السابق، وظهور جماعة الحوثيين كقوة عسكرية وسياسية مسيطرة على الميدان ومؤثّرة في القرار، بالتزامن مع تحقيق اليمنيين أكبر إنجازاتهم السياسية في وثيقة الحوار الوطني التي سجلت أول توافق وطني للشكل الجديد للدولة اليمنية الاتحادية.



دوامة الحروب
استقبل اليمنيون عام 2014 بدوامة حروب بين الحوثيين والجماعات السلفية في منطقة دماج بمحافظة صعدة، استمرّت حتى منتصف السنة، وانتهت باتفاق رعته الرئاسة اليمنية قضى بمغادرة الجماعة السلفية التي تضم زهاء 15 الف نسمة من اليمنيين والأجانب باتجاه صنعاء ومحافظات اخرى، مقابل تكفل الدولة بمنحهم مزايا مالية وعقارية وتعويضات لقاء طيّ صفحة الحرب التي استمرّت مع الحوثيين ثلاثة اشهر، فيما عدّتها دوائر سياسية أكبر عملية تهجير على خلفية طائفية.
وخلال الشهور الأولى من السنة توسعت رقعة الحروب إلى محيط محافظة صعدة، بعدما تعهّد وجهاء القبائل الموالين للجماعات السلفية والإخوان بزعامة شيوخ آل الأحمر بفرض حصار على صعدة لمساندة السلفيين، إلى قيادتهم مليشيا شعبية مسلحة لمواجهة الحوثيين في حروب امتدت من محافظة حجة شمالاً إلى عمران جنوبًا ومحافظة الجوف شرقًا وصولاً إلى الضواحي الشمالية للعاصمة.
الحرب الثانية التي خاضها الحوثيون مع مسلحي آل الاحمر بدأت في منطقتي حوث والخمري وسريعًا بسيطرة للحوثيين وتدمير أوّل قصور الشيخ صادق الاحمر في منطقة الخمري قبل أن تتوسع المعارك في محافظة عمران التي هبّت سائر قبائلها الموالية للحوثيين في حرب ضد نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في هذه المحافظة، التي توصف بأنها من أهم وأخطر معاقل جماعة الاخوان فيما عرف بـ "ثورة القبائل".
التحركات السياسية في هذه المحافظة كان لها حضور أيضا مع تنظيم الآلاف من أبناء المحافظة تظاهرات سلمية رعاها الحوثيون، مناهضة لنفوذ الأذرع القبلية والعسكرية للاخوان (شيوخ آل الأحمر وقوات الجيش الموالية للواء علي محسن)، وتطورت إلى مواجهات مسلحة مع قوات اللواء 310 بقيادة اللواء حميد القشيبي انتهت بفرض الحوثيين سيطرة كاملة على عمران وانهيار أكبر قلاع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن.



اجتياح العاصمة
النجاحات الكبيرة وغير المتوقعة التي حققها الحوثيون في مدى شهرين بمحافظتَي حجة وعمران تزامنت مع تظاهرات عمّت المحافظات اليمنية وأشعلها قرار الحكومة رفع أسعار المشتقات النفطية، الذي فتح الطريق للحوثيين إلى العاصمة، وتكلل ذلك في مطلع أغسطس/آب، بدعوة زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي اليمنيين للتظاهر لإسقاط قرار الجرعة الاقتصادية، وتلاه نصب الآلاف من انصاره مخيمات سلمية وسط العاصمة تطالب بإسقاط الجرعة الاقتصادية والحكومة وتنفيذ مقررات الحوار الوطني، بالتوازي مع حشدهم الآلاف من مسلحي القبائل في محيط العاصمة لحماية المتظاهرين.



التحولات الكبيرة
يصف اليمنيون شهر آب بأنه شهر التحولات الكبيرة إذ تزامن مع تصاعد أزمة تظاهرات إسقاط الحكومة التي قادها الحوثيون والتي نحت في منعطف خطير للغاية بعد مقتل سبعة متظاهرين حوثيين برصاص قوات الجيش، ما دعا صنعاء إلى تحريك جهود الحل السياسي التي قادها المبعوث الأممي جمال بن عمر، وأفلحت في التوصل إلى اتفاق السلم والشراكة الوطنية.
لكن الحوثيين شنّوا قبيل ساعات من توقيع الاتفاق الذي نظّمت له الرئاسة فعالية خاصة حضرها قادة الأحزاب السياسية وممثلي جماعة أنصار الله، هجومًا أطاح بأكبر مراكز النفوذ التابعة لجماعة الاخوان ممثلة بالجناح العسكري بقيادة اللواء على محسن والجناح التجاري والسياسي ممثلاً برموز الجماعة بقيادة الشيخ حميد الاحمر، وتخلّله مواجهات مسلّحة في الضواحي الشمالية للعاصمة أوقعت مئات القتلى والجرحى وانتهت بسيطرة الحوثيين على العاصمة.
في 22 أيلول أفاق اليمنيون على غياب كامل للجيش وحضور كثيف لدوريات اللجان الشعبية المسلحة التابعة للحوثيين والتي سيطرت كذلك على معسكر الفرقة الأولى المدرعة وجامعة الأيمان التي يديرها الشيخ عبد المجيد الزنداني وعشرات المرافق والمؤسسات التابعة لجماعة الإخوان، بالتزامن مع هروب العشرات من قادة الجماعة إلى الخارج.



المشهد السياسي
يُجمع كثيرون على أن إقرار وثيقة الحوار الوطني كان من أكبر الإنجازات التي تحقّقت في العام 2014، وقد جاءت بعد موجة خلافات عاصفة استطاعت الرئاسة اليمنية خلالها إذابة جليد الخلافات على مراحل بدأت باقرار المكونات السياسية المشاركة في الحوار خطة انتقالية أتاحت تمديد ولاية الرئيس هادي لحين تنصيب الرئيس المنتخب الجديد وفقًا للدستور الجديد، تلاها إقرار القوى السياسية وثيقة الحوار الوطني، وحسم خلافات خطة أقاليم الدولة الاتحادية بإصدر الرئيس هادي قرارًا باعتماد ستة اقاليم لدولة اليمن الاتحادية وكذلك تأليف لجنة صياغة الدستور الاتحادي.
يشار في ذلك أيضا إلى توافق اليمنيين على توقيع اتفاق السلم والشراكة الوطنية والذي وقّعه الافرقاء اليمنيين في رعاية أممية في 21 أيلول 2014.
وعلى أن التوقيع على هذا الاتفاق خفّف من وقع صدمة اليمنيين نتيجة الانهيار الكبير لمراكز نفوذ جماعة الاخوان المسلمين السياسية والعسكرية، إلا أن التداعيات الميدانية التي تلت هذا الاتفاق كانت كبيرة وخصوصًا بعدما وجه الحوثيون مسلحيهم باتجاه محافظات ذمار وحجة وإب.
اما المشهد السياسي جنوبا فقد سجل في العام 2014 أكبر تصعيد في الفعاليات الاحتجاجية التي تقودها الفصائل المتشددة لقوى الحراك الجنوبي بعد انهيار سائر التفاهمات مع هذه القوى للانخراط في العملية السياسية في مقابل تصاعد المطالب بفك الارتباط بين شمال اليمن وجنوبه.



المشهد الأمني
قياسًا بسلسلة الحروب التي شهدها اليمن في العام 2014 والتي خلفت آلاف القتلى والجرحى وشردت عشرات الآلاف من المدنيين، كان المشهد الأمني في الجانب الآخر مختلاً تمامًا وخصوصًا مع تصاعد الهجمات الإرهابية وحرب الاغتيالات التي سجّلت أعلى معدلاتها سواء في عديد الهجمات أم في عديد الضحايا.
ومع نهاية كانون الثاني عاود تنظيم "القاعدة" هجماته على مواقع الجيش في عشرات الهجمات الإرهابية غير أن أكثرها تأثيرًا كان الهجوم على موقع للواء 37 مدرع في حضرموت، والذي أسفر عن مقتل 18 جنديا فضلا عن مقتل آخرين في هجمات في البيضاء وشبوة، وتلاها هجوم استهدفت اتوبيساً تابعا لقوات الدفاع الجوي وقتلوا ستة ضباط وجنود وأصابوا 12 بجروح بينهم ثلاثة في حال حرجة.
كما شنّ التنظيم هجومًا على مقر السجن المركزي بصنعاء في العملية التي أسفرت عن مقتل ثمانية جنود ومدنيَّين اثنين، وفرار 29 سجينًا بينهم 19 من سجناء "القاعدة"، وآخر على ثكنة عسكرية بمحافظة الحديدة أسفر عن مقتل مقتل 20 جنديا وإصابة آخرين.


وفي آذار قتل مسلحو التنظيم 23 جندياً في هجوم استهدف ثكنة عسكرية بمحافظة حضرموت. وتمكّن مسلحو التنظيم من السيطرة على عدة مناطق في محافظتي شبوة وحضرموت، غير أنه فقدها سريعًا بعد تدخل قوات الجيش التي أعلنت في أيار مدينة عزان بمحافظة شبوة مدينة محررة وتحت السيطرة، كما أعلنت استعادة السيطرة على مدينة سيئون بمحافظة حضرموت بعد هجمات متزامنة شنّها مسلحو "القاعدة" على أكثر المواقع العسكرية والمرافق الحيوية في المدينة، وأسفرت عن مقتل 12 جنديا وإصابة 15 فضلا عن مقتل 16 مسلحًا بينهم قياديان يحملان الجنسية السعودية.



حرب الاغتيالات
لم تتوفر حتى الآن حصيلة رسمية عن نتائج حرب الاغتيالات التي تقول السلطات الرسمية أنها سجلت العام 2014 أعلى معدلاتها، وطاولت الرئيس هادي ووزير الدفاع وعدد من المسؤولين الكبار في الدولة إلى شخصيات سياسية كما طاولت ديبلوماسيين أجانب.
وتؤكّد وزارة الداخلية اليمنية أن عمليات الاغتيال استهدفت قائمة طويلة من القادة العسكريين والأمنيين في عدة محافظات، في حين لم تخلُ القائمة من الاغتيالات السياسية التي طاولت اثنين من القادة الكبار في جماعة" أنصار الله" الحوثية هما الدكتور عبد الكريم جدبان والدكتور احمد شرف الدين، فضلا عن الأمين العام المساعد لحزب اتحاد القوى الشعبية الدكتور محمد عبد الملك المتوكل.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم