الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

كارداشيان والبغدادي: الحقيقة ليست ظاهر الصورة

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
كارداشيان والبغدادي: الحقيقة ليست ظاهر الصورة
كارداشيان والبغدادي: الحقيقة ليست ظاهر الصورة
A+ A-

اختزلت المؤخرة النابضة حضورَ كيم كارداشيان، واختزل حزّ العنق ماهية أبو بكر البغدادي. تكثّف كلٌّ في صورةٍ شغلت أحوالاً وحرّضت أقلاماً على التحليل والعرض. كيم جسدٌ يتفاعل، والبغدادي ايديولوجيا. ليس ما يجيز مقارنة الصورتين/ الحدثين، إلا من قبيل إيغالهما في التطرُّف (Extremism)، كلٌّ من حيث مَلَك. كذا لا يجوز بأي الأشكال التلميح الى تقاربٍ مُحتَمل ما بين كيم ذات الجسد الرنّان بعريه، والبغدادي بدعوته الى التشدّد تحت طائلة السحل والصلب والسبي وتصوير الرؤوس المذبوحة.


كيم تشغل المتلصصين على فتنة الجسد وكلّ مَن يدين ويستنكر ومَن يرحّب بما يراه مظهراً للحرية. والبغدادي يُرتِّب على الدول التحرُّك، فيولد "التحالف" ويبقى بان كي مون في حال قلق. عُري كيم يقابله "غطاء" على جُرم البغدادي، فيتيح له الإبقاء على التفظيع من غير رادع. "تغطية" (تعويم) الجنون الداعشي ذريعةٌ ليبقى ويتمدّد، كما يكون التعرّي الكارداشياني وسيلة لتخطف كيم اهتمام العالم. خطف الاهتمام قاسمٌ بين الطرفين/ المتطرّفين، الأولى بالخلع والثاني بالخلافة، إذ فرضا صورة لا تُقرأ بالشكل فحسب. كأنّ كيم تُظهِر مؤخرتها كردِّ تطرُّف البغدادي بـ"تطرُّف" أنثوي خارق. هو الداعي الى تشابه النساء بطمس الأجساد وحجب المفاتن، وهي كأنها الداعية الى إطلاق الجسد من كلّ قيد (حتى اللباس) وجعله يتجاوز كلّ محظور أو ممنوع أو محرَّم. استنفر العالم لكِلتا الدعوتين. كلاهما مركَّبٌ من تدرّجات العبث. المجاهرة بإتاحة تداول الجسد لمن استلذّ وشاء، ضربٌ من المُجون المنسوب حيناً الى المغالاة في الانقلاب على حال. كذا في النقيض المقابل، تُقطَع الرؤوس وتُعلَّق أو توضع فوق الأجساد الهامدة وتُرجَم المرأة حتى آخر نَفَس. يُظلَم الجسد الكارداشياني بزجّه في سياقٍ متصل بالبشاعة الداعشية، وإن التقى الواقعان على ترسيخ فورة التشرذم. الجمالية والقدّ الممشوق لكيم، فيما تُلصَق بالداعشية صنوف التقزُّز والخراب.



يصعب إغفال ثنائيات السنة الآفلة من غير تركيبة كيم- البغدادي العابرة للحدود والأمزجة. كشفٌ مطلق وتصديرٌ للإغراء من جهة الغرب، وتشدُّد ماجن وتكريس الإسلاموفوبيا في بلدان العرب. تتضارب الصورتان القائمتان على بُنية قوامها المبالغة في استعراض الأفكار. كما أنّ الإيجاب (Positive) يناقض السالب (Negative)، وهما في الأصل طينة كيميائية واحدة وإن تمايَزا في الغاية والفعل، فإن كيم- البغدادي كالطاقتين النقيض إذ تُصفِّران المعادلة وتعيدان السياق الى أصله القائم على كثيرٍ من الجذر العدمي لناحية البغدادي وشيءٍ من تمجيد العبثية لناحية الانكباب الهوسي على تحليل الظاهرة الكارداشيانية ولملمة تداعياتها عن المُرحِّب والرافض أشدّ الرفض.
خطَرَ على بال كيم أن "تروّع" العالم بقوّة جسدها، وخطر على بال البغدادي أن ينكّل ويستدعي تحجّر الجاهلية بصفته قوة. ينتفي المجال لتَساوي الصورتين على رغم التناقض الصارخ في هيكلهما، كون سلوك كيم رهن فرديته، لا يُعمَّم وإن جرى تقليده على نطاق أوسع، فيما سلوك البغدادي مُخرِّب، يعيث فساداً ويمعن تشويهاً.



يُغري البغدادي، كما كيم، أتباعاً ينساقون خلفه، وإذ يسعى معجبٌ (ومعجبات) الى التشبّه بكيم والخضوع لجراحة من أجل بعض ملامحها، كذا يسعى كثرٌ الى الالتحاق بـ"الدولة الإسلامية" وإعلان الموت في سبيلها. البغدادي أيضاً فعلٌ "إغرائي"، يرخي في "معجبيه" شهوةً تدفع الى مبايعته مهما اشتدّ الخطر، كحال كيم المُواكَبة إعلامياً، لحظة بلحظة، إن تسوَّقت أو تعرّت أو استمتعت بالجنس على أحد الأسرَّة.
[email protected]
Twitter: @abdallah_fatima

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم