الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

هل تضع سميرة ابنها بين القبور؟!

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
هل تضع سميرة ابنها بين القبور؟!
هل تضع سميرة ابنها بين القبور؟!
A+ A-

"كلما هممت بأن أضعه بين القبور أخاف وأتراجع في اللحظة الأخيرة". تلك هي حال سميرة والدة علي التي منعها حبّها لولدها المصاب بشلل دماغي من تنفيذ الخطّة المحفوفة بالمخاطر، التي نصحها بها بعضهم، والتي تؤدّي الى تواجد فلذة كبدها داخل مقبرة في ليلة شديدة الظلام، علّه يشفى من مرضه بعدما عجز الطب عن إيجاد العلاج له.


لم تترك سميرة باباً خلفه دواء أو وصفة لإنقاذ ولدها إلا وطرقته، وذلك بعدما أُقفِلت في وجهها أبواب المستشفيات، وقالت لـ"النهار": "عندما تم إعلامي في أحد مستشفيات بيروت أن ابني لن يعيش أكثر من عامين، شعرت كأن صاعقة أصابتني، فكيف لِمن حملْته في أحشائي تسعة أشهر، ورآه قلبي قبل أن تبصره عينيّ أن يفارقني من دون أن أؤمّن له دواء يشفيه؟! عندئذ بدأت أسأل أصدقائي علّهم يرشدونني إلى وسيلة أو علاج يمكن أن يشفي ولدي. وابتدأ المشوار وتعدّدت الطرق... لكن للأسف، النهاية واحدة".


طرق عدّة ونتيجة واحدة
سلكت سميرة أولاً طريق الطب البديل، وعندما وصلت الى حائط مسدود غيّرت اتجاهها، وسلكت طريق المشعوذين التي دلّتها إليه إحدى صديقاتها، وتشرح "يا ليتني لم أقصده، فعلاوة على أنني لم أستفد منه بشيء دفعت أموالاً طائلة ليقولوا لي بعدها إن الله الشافي".
اليوم يبلغ علي الخامسة والعشرين ربيعاً، لم يُشفَ، وتقول: "إنّه طبيعيّ مثل أخويه ربيع وجميل، لكنه ما إن بلغ السنة حتى بدأتُ أشعر أن أمراً ما أصابه، وعندما عرضته على طبيب أبلغني أنه يعاني من مرض السحايا، وهو التهاب في الغشاء الذي يغلِّف الدماغ والنخاع الشوكي، وارتفاع الحرارة من أعراضه الاساسية، لكن حرارة علي كانت داخلية لم أشعر بها، لذلك تمكّن المرض منه وأتلف دماغه".
علي لا يتكلم ومع ذلك فإن سميرة تفهم من نظرته ماذا يريد، وقالت: "أعلم متى يريد تناول الطعام ومتى يريد أن يشرب، مع العلم أن كل طعامه مهروس أو سوائل؛ كما أعلم إن كان سعيداً أم حزيناً، مع العلم أنه يفرح عند رؤية والده ويحزن عندما تطول فترة غيابي".


"قرين" سميرة
لم تقصد سميرة المشعوذين من أجل علي فقط، فهي كانت تفقد جنينها في كل مرة تحمل بفتاة، وقد ألمح لها أشخاص أن ما يسمّى بـ "القرين" قد يكون السبب وراء ذلك، فخاضت غمار رحلة جديدة مملوءة بالأشواك، لم ينتج منها سوى هدر المال وفقد ثلاثة أجنّة إناث. وتقول عن ذلك: "أحبُ أن يرزقني الله بفتاة تزيّن حياتي، لكن للأسف في كل مرة كنت أحمل بفتاة كنت أجهض، وبعد حديثي عن الأمر مع إحدى قريباتي قالت لي إن القرين يغار من أن أرزق بما أرغب، وأنه السبب في ما يحصل لي، وقد أكد لي الأمر بعض المشعوذين لكن لم يستطيعوا حلّ مشكلتي".


التعامل مع الجن محرم
القاضي الشيخ حسن الحاج شحادة شرح لـ"النهار" ما ذكرته سميرة، وقال: "في عالم السحر "القرين" هو الجن الذي يتلبّس ...فالجن في الدين الاسلامي موجود وهو يشارك الإنسان في الحياة ويؤثر عليه سلباً وايجاباً، والله عز وجل ذكره في القرآن الكريم، يقول: "قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً"، وكذلك في الآية "وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ زَهَقًا"، إذاً حتى القرآن بيّن أن هناك اشخاصاً يستعينون بخدمات الجن".
وأكد شحادة أن "التعامل والتواصل مع الجن محرّم؛ وأنّ حالة سميرة ليس لها شفاء غير العودة الى الله من خلال القرآن الكريم، فهي تستطيع محاربة الجنّ بالقرآن الذي جعله الله شفاء للناس؛ والجن لا يخاف إلا من ذكر الله".
وعن الطريق الذي أرشدها البعض إليه لشفاء ابنها، أشار: "الناس تتعلق بقشة كي تنقذ أولادها، لكن هذه الأعمال محرّمة. إذا وضعته في المقبرة ولم يشفَ فكيف ستكون حالها؟ بالتأكيد ستندم وتتعرّض لصدمة، هذه الاساليب غير منصوص عليها لا في القرآن ولا في السنة النبوية". ورأى أن من يدلّها إلى هذه الأساليب فقط إنّما يستغلها مادياً.
إنه القرن الواحد والعشرون ولا يزال هناك أناس يصدّقون السحر والدجل والشعوذة، أناس يقصدون السحرة والدجّالين، يدخلون عالمهم الغامض والمخيف للبحث عن حلول خارقة لمشاكلهم المزمنة، فيجدون أنفسهم يخضعون لقانون ليس له بنود، ليتحوّلوا مع الوقت إلى ضحايا موهومين منساقين وراء مطالب من يدّعون تواصلهم مع العالم غير البشري، وبعد أن يخسروا كل شيء يستيقظون ويندمون.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم