الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هكذا تحدّت هذه النساء "داعش"

المصدر: "النهار"
زينة حريز
هكذا تحدّت هذه النساء "داعش"
هكذا تحدّت هذه النساء "داعش"
A+ A-

تضطلع الصورة اليوم بدور قد يفوق، إن أصاب وصدق، دور الكلمة، في زمنٍ تُنتهك فيه يومياً مبادىء حقوق الانسان وكرامته، حريتهُ، وحقه بالعيش الكريم. المراهقات السوريات في لبنان باتت تتصل بهن فكرة "النزاع" والتشرد، "التحرش" والزواج المبكر. ولكن ماذا لو أردنا تسليط الضوء على حياتهن اليومية؟ واستبدلنا القلم بعدسة كاميرا قد تتحدى جيوش "داعش"، وصور حربهم النفسية؟


نظم "المجلس الدانماركي للاجئين" بالتنسيق مع "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" ومنظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسف)، معرضاً فوتوغرافياً لحياة بعض الفتيات السوريات المراهقات في لبنان، كجزء من حملة لـ16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، بكاميرا الفونسو مورال وعمر إمام.


يشرح المنسق الاعلامي لــ"المجلس الدانماركي للاجئين"، فابيان فافر، لـ"النهار" أن هدف المعرض والـ"DRC" هو محاولة لكسر صورة اليأس المسيطر على فكرة اللاجئ السوري في لبنان. فيوضح أنه بعيداً من الارقام وإحصائات النزوح السوري الى لبنان، "هدفنا اليوم أن ننقل الانسان في اللاجىء، فهم بشر قبل كل شيء". من يومياته وتجربته على الارض، يرى فافر أن "طموح تلك الفتيات يتخطى الارقام والحدود"، وأن "لا بد من هذا الطموح أن يرجعهم أحياء الى موطنهن كطبيبات، محاميات، وصحافيات".


أما المصور عمر، فيوضح أن رسالته من وراء تصوير تلك المراهقات هي " كسر الصورة الاعلامية النمطية لمفهوم النازح السوري، التي تنقل الوجه الحزين له بعيداً من وطنه". أبصر عمر من خلال تصويره المراهقات السوريات "رغبة في البقاء" وليس داخل لبنان فحسب، بل خارج الوطن، وهي رغبة ممزوجةٌ، كما يصف، بـ"لفحاتِ أملٍ تحاول التعويض عن ما فقدنَ من وطنهن المتروك".
بالنسبة إلى عمر، وهو سوري الجنسية، السوريون لم يعتادوا على السفر خارج سوريا، بالتالي، هذا الواقع الذي أجبرهم على ترك الارض، تُرجم بطريقتين مختلفتين، متصلة بالسن والمعاناة. فبعض اللاجئين، كما يروي المصور الشاب، لم يستطع التأقلم مع الواقع الجديد، أما الاصغر سناً، كالمراهقات، فهنً "قادرات على التكيف"، ولو بشكل جزئي مع وضعهم الجديد، الذي قد يكون واعداً بآمال مخفية.


من هنا كان تركيز هذا المصور على "الاختلاف" بين النازحين، فـ"لا يجوز شمل الجميع في كفٍ واحدة". فالامل الملموس في نظراتِ تلك النازحات، كما يروي لنا، "قد يموت يوم تفنى روحهن الشابة"، خصوصاً نتيجة مخططات "زواجٍ مبكر"، أو تهجيرٍ ثانٍ. فأحلام رهف، شذى، وإيمان، هي "المحاماة"، "الصحافة" و"الهندسة"... فما الذي يفرق هؤلاء الفتيات عن غيرهـن؟ وما هو الخطر الاساسي الذي يهددهـُن كمراهقات سوريات، كلاجئات، وكبشر؟
لو شاء القدر أن نكون يوماً مكان إحدى تلك النازحات، لو جـُبرنا على الزواج في سنٍ مبكرة للـ"السترة" أو لاسباب مادية. لو أردنا اللعب، رغبنا في الرسم أو التصوير ولم نجد قلماً، ألواناً، كاميرا، أو كُرة. ماذا كنا لنفعل؟ البعض منا كان سيصُر على تحويل وحلِ المخيمات إلى حبر، والبعض الآخر قد لا يجرؤ على قول "نعم" أو "لا"، وسيعتبرُ سكوته كرضى بـ"نصيبٍ" كُتبَ له، من ولي أمرٍ أو قدرٍ أقوى من تلك الاحلام "الصغيرة الكبيرة".


يروي عمر لـ"النهار"، قصة شذى، التي حفرت تجربته الفوتوغرافية على أرض أحد مخيمات صور. يقول لنا باسماً، أن في اللحظة التي كان يحاولُ إلتقاط صورٍ لها، بدأت شذى بالكلام وتحريك يديها، كمحاولةٍ منها للتعبير أكثر. "أنا عم بحلم صير مصورة متلك... بدي إشتري متل هيدي الكاميرا لما إرجع على سوريا، وبدي إبعتلك صوري تنشوف مين أشطر". ابتسمت شذى للكاميرا، وكأنها تتخيل نفسها مكان عمر. وأكملت بحماسٍ غريب: "أفضل تصوير بيوت الشام وسكانها. هنا المباني عالية جداً، لن تتسع لها عدستي ولن أستطيع حتى رسمها".


صور عمر المعروضة في مركز "نسوية" في مار مخايل ببيروت، التقطت بالابيض والاسود، و تقابلها صور أخرى، ملونة، للمصور الاسباني ألفونسو مورال. بخلاف الاخير في صوره، حياة المراهقات السوريات في لبنان على طريقته الخاصة. فيشرح لـ"النهار" أن هذه تجربته الفوتوغرافية الاولى المتعلقة بسوريا، أو بمناخ صراعٍ أو تهجير. لمس ألفونسو، قليلاً من الحزن في وجوه المراهقات، يطغى عليها أملٌ صغير بالعودة الى سوريا. لم يستطع ألفونسو التحدث الى الفتيات بسبب لغته، ولكنه حاول التقاط عفوية تلك الفتيات التي، إن ترجمت بصورة، لا تحتاج الى ترجمةٍ أخرى. صادف ألفونسو فتياتٍ "سعيدات"، وأخريات "حزينات"، نتيجة وضع مسكنهم "المزري"، كما يصفه.


بالنسبة إلى عمر وألفونسو: "الصورة هي المؤثر الرئيسي في الحرب". يرى في الامل النابع بعيون المراهقات السوريات تحدياً لصور إجرام "داعش". فهو كمصور يشرح أن هدفه الدائم "البحث عن الامل... وتحدي الجميع به، وهو ما يجب التركيز عليه"، أي الانسان فينا. فوراء كل صورة سؤال، واليوم "صورة واحدة قد تهز العالم وتحرك جيوش".


[email protected]
Twitter: @zeinah5

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم