الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"ذنون الموصلي" يروي لـ"النهار" شظف العيش في كنف "دولة الخلافة" - 1: الحياة مهددة بالانقراض والقائمة الطويلة للممنوعات تُحدّث باستمرار

بغداد – فاضل النشمي
"ذنون الموصلي" يروي لـ"النهار" شظف العيش في كنف "دولة الخلافة" - 1: الحياة مهددة بالانقراض والقائمة الطويلة للممنوعات تُحدّث باستمرار
"ذنون الموصلي" يروي لـ"النهار" شظف العيش في كنف "دولة الخلافة" - 1: الحياة مهددة بالانقراض والقائمة الطويلة للممنوعات تُحدّث باستمرار
A+ A-

كيف يعيش الناس تحت وطأة سيطرة تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش)؟ وكيف يمضون يومهم؟ ما هي الآليات الحياتية التي يعتمدونها لتلافي الاضرار المحتملة المترتبة على خرقهم الاوامر والتعليمات التي يصدرها التنظيم؟ كيف يعيشون مع مخاوفهم اليومية؟ وما هي طريقتهم في التخلص من قلق الحاضر والمستقبل؟


"النهار" تمكنت بمشقة من تسليط الضوء على بعض ما يجري هناك، بالاتصال بشاب موصلي أبدى تعاوناً وترحيباً، على رغم خضوع مدينة الموصل لسيطرة تنظيم "داعش" منذ نحو ستة أشهر.
ومع ذلك، كانت عملية الاتصال شاقة ومجهدة، ففي "ولاية نينوي" يسعى التنظيم الى اقفال منافذ الاتصال بالعالم الخارجي، وقد اوقف فعلاً منذ اسابيع شبكات الاتصال للهواتف الخليوية، لكنه أبقى شبكة الانترنت، وفي ضوء ذلك لم يبق من طرق التواصل الا الحديث عبر رسائل "فايسبوك". وفي ساعة متقدمة من الليل تمكنت من تأمين الاتصال بالشاب الموصلي.
"ذنون الموصلي" الاسم المستعار للشاب، وهو، على جرأته ورغبته في التعاون، يتعامل بحذر شديد، وقد رجاني بعد الانتهاء من المحادثة ان امسحها من صفة الدردشة! وحذره الشديد، دفعه الى انشاء صفحة في "فايسبوك" باسم مستعار، والمفارقة انه وضع دولة لاتينية في خانة محل الاقامة!
مرحبا ذنون.. مراحب. قلت له لم اعلم انك تسكن دولة لاتينية!
ضحك وأجاب: "شوية سكيورتي"!
ذنون الموصلي، مدرس عمره 25 سنة، غير متزوج، يسكن في الجانب الايسر من مدينة الموصل، مهنته معلم، لكنه يمارس عملاً ثانوياً في صون شبكات الانترنت، اذ فقد عمله في التعليم نتيجة سقوط مدرسته في احد اقضية نينوى في أيدي قوات البشمركة الكردية وتحولها ساحة حرب. وقال إن البشمركة "لم يسمحوا للعرب بالعودة" الى القضاء الخاضع لسيطرتهم.
سألته: كيف تمضي يومك؟
"استيقظ في الساعة العاشرة صباحاً، اتوجه الى عملي وأعبر الى السوق. بعد ذلك التقي اصدقاء عند احد الارصفة او في المنزل، ثم اعود الى البيت. يتكرر ذلك كل يوم تقريباً، واحياناً العب مع اصدقائي بعض الالعاب الالكترونية".


ديوان الحسبة
¶ لماذا لا تذهبون الى المقاهي بدل الارصفة والبيوت يا ذنون؟
- الجلوس في المقاهي مسألة صعبة، لا احد يستطيع التدخين، فهو محظور، ولكن اذا رصدوك فلن يقطعوا رأسك، يأخذون علبة السجائر منك، ويقولون لك: اتركها لله، هذا اذا كانوا جنوداً عاديين. أما اذا كانوا من ديوان الحسبة، فيحاسبونك، وثمة فارق في الحساب ان كنت مدخناً او بائعاً، لكني لا اعرف حتى الآن طبيعة العقوبة.
¶ هل ثمة فارق بين الجنود العاديين وجماعة ديوان الحسبة؟
- في الموصل جيش وشرطة وشرطة مرور اسلامية، وهناك قوات تشبه قوات "سوات" الحكومية، لكني لا اعرف ماذا يسمونها، وهناك شرطة اقتصادية. اما جماعة الحسبة، فهم رجال مسلحون بمسدسك يراقبون الشوارع ويتجولون في الاسواق. لاحظ ان غالب المتطوعين جدد ومن ابناء القرى والارياف المحيطة بالموصل، وهؤلاء بالذات صلفون ويتعاملون بخشونة مثلما كان يفعل الجيش العراقي، وفيهم الاكراد والتركمان وحتى بعض الايزيدية الذين اعلنوا اسلامهم، الى العرب والاجانب.
¶ وأي ملابس يرتدون؟
- يلبسون زيا عسكريا، وبعضهم يلبس الزي الافغاني.
"ذات مرة، يروي ذنون الموصلي، تعرضنا لاطلاق نار، نصبوا لنا مكمنا وصاحوا علينا، لكنهم تركونا حين عرفوا اننا مجرد اشخاص عاديين، اعتذروا لنا، وظلوا يكررون مرارا: الحذر واجب.
حين ترتكب مخالفة، يقولون لك: نحن نسامحك اما الروافض (يشيرون بذلك الى الجيش الحكومي الذي يتألف من افراد شيعة) فلن يرحموا حالك". ويضيف: "المفارقة انك تستطيع محاججتهم واقناعهم بوجهة نظرك"!


الحياة مهددة بالانقراض!
طلبت من ذنون الموصلي ان يحدثني عن الانطباع العام عند الناس في الموصل، وهل هم مرتاحون ام خائفون ام ماذا؟
اجابني فورا: "الناس غير مرتاحين اكيد، لان الحياة مهددة بالانقراض". وقال بلهجة محلية: "كل شوية اجاك الذيب واجاك الواوي"، بمعنى ان الشائعات الكثيرة تفتك بالاهالي.
طلبت منه ايضا ان يحدثني عن اوضاع المدينة عموما، فقال: "اعمال البناء شبه متوقفة، ليتر البنزين يصل سعر المحسن منه الى 1700 دينار (450 في بغداد)، اما سعر الليتر السوري فيبلغ نحو 1000 دينار. اسطوانة الغاز بـ 38 الف دينار (8 آلاف في بغداد)، كهرباء وطنية منذ نحو شهر، والاهالي تستعين باصحاب المولدات الاهلية، حيث يشغلون نحو تسع ساعات بسعر سبعة آلاف للامبير الواحد، وان رغب احدهم في خط ليلي فسعر الامبير يرتفع الى 17 الف دينار. الماء يأتي كل يومين مرة واحدة.
الاكل رخيص عموما، ونلاحظ انتشار المطاعم بشكل لافت في عموم المدينة، الى انتشار باعة الخضر والفواكه، لكثرة المهاجرين وانحسار فرص العمل. وكذلك انتشر بائعو البنزين بشكل لافت، يشترون مضخة بنزين ويضعونها في كرفان صغير ويعرضون بضاعتهم. ومع ذلك، ارجو ان تقول ان الحياة تسير بوتيرة نوعا ما، لاني لا يمكن ان انقل اليك جميع المعطيات الحياتية بصورة تامة، فبين فترة واخرى تضاف اشياء وتسلب منك اخرى".
¶ وماذا عن اسعار السلع الغذائية؟
- "السلع باقية على الاسعار نفسها تقريبا، لحوم الحيوانات انخفضت بشكل لافت، لحم الغنم يباع بسبعة آلاف دينار، والبقر ثمانية آلاف (15 الفا في بغداد)".
¶ هل ذلك ناجم عن "غنائم الدولة الاسلامية"؟
- في البداية ذبحت "الدولة الاسلامية" الغنائم وباعتها، ثم بنت مسلخا وحصرت الذبح به، وبامكان القصاب الشراء منه والبيع للناس. ومع ذلك اسباب انخفاض اسعار اللحوم هي جلب قطعان الماشية من سوريا وعدم تصدير قطعان المواشي العراقية الى الخارج. ثم ان بعض الناس توقفت عن اكل اللحم لانها غنائم، وبعضهم لا يشترونه، وبعضهم يأكل ويشتري بشكل عادي.


قائمة الممنوعات
¶ وماذا عن ممنوعات "الدولة الاسلامية"؟
- الى جانب، منع السجائر، لا يسمح التنظيم بلعب الدومينو والورق والطاولة وبيع الالعاب الالكترونية، الى منع تدخين الاركيلة واقراص الافلام والموسيقى والالعاب وصالات النت. كما منع حف الشعر بالخيط في محلات الحلاقة. ولا ننس ان اغلاق المحال التجارية اجباري وقت الصلاة. الاتصالات ممنوعة، والسفر كذلك. ومع ذلك قائمة الممنوعات يتم تحديثها باستمرار.
غدا جزء ثان من الحديث: الاعراس والنساء وعلاقة أهل الموصل بالتنظيم

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم