الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

المثلية الجنسية للتسلية على التلفزيون

المصدر: "النهار"
ف. ع.
المثلية الجنسية للتسلية على التلفزيون
المثلية الجنسية للتسلية على التلفزيون
A+ A-

تعلم مقدّمة برنامج "للنشر" ("الجديد") ريما كركي مسبقاً أنّ رجل الدين لن يضيف الى طرحها موضوع المثلية الجنسية إلا مزيداً من الإدانة والرفض والتعوّذ بالله من الشيطان. وعلى رغم الموقف الديني المعروف بإغلاقه النقاش في هكذا حالات، حلّ عضو "هيئة العلماء المسلمين" الشيخ علي يوسف ضيفاً على البرنامج لـ"تشخيص" وضعية شابين ميولهما مثلية، والإقرار بـ"مرضهما" و"شذوذهما"، ثم وصف الدواء المتمثّل بـ"تقوى الله".


ليس الموضوع تعثّر كركي في إدارة الفقرة، ومحاولاتها تبرير موقفها طوال الوقت. يتعلّق الأمر بالمراد منها (الفقرة) وما استطاعت تحقيقه. صحيحٌ أنّ الطرح في ذاته ميّالٌ الى الجرأة، وأنّ الضيفين جاهرا بميولهما بالاسم والصوت والصورة عوض الالتفاف والغَمز والمواربة. لكنّ المحصّلة أنّ هرجاً ومرجاً سادا، ولولا محاولات الصحافي بيار أبي صعب، الجالس قرب الشيخ يحاججه ويحاول اقناعه بأنّ المثلية خيار لا وباء، لبدا أنّ الهدف من الفقرة الإثارة الخاوية المُراد منها كسب المنافسة ليلة الإثنين بأيما طرق وموضوعات.
محمد وغيث (جينيفر) على علاقة منذ أربع سنوات، حضرا ضمن "للنشر" من أجل زواجٍ لم يتحقق. أتت كركي، ليكتمل الاستخفاف بهما، برجل دين خوَّل نفسه محاكمتهما، واتهمامهما بالفسق والفساد وهدم المجتمع. كان الأجدى أن يبقى الشيخ الفضيل خارج كلّ نقاش يمسّ مسألة الحريات، لكنّ اتجاه الفقرة، منذ بدايتها، لم يسعَ الى مسار آخر. ظلّ الطرح في إطاره الساذج، حيث "يُفترض" على المثلي أن يُعرَض على طبيب، أو أن يُؤتَى باختصاصي أمراض نفسية يحلل "تركيبته"، ورجل دين يرجمه بأقسى العبارات. كان بيار أبي صعب وحيداً في مواجهة كركي وضيفها الشيخ، فيما محمد بدا امتداداً لمجتمع يجاهر بحرية مفقودة في علاقته مع صديقه جينيفر، المصادَر حقه في الكلام، من غير أن تنفع محاولات كركي إقناع محمد في السماح له بابداء الرأي، في شيء.


مرة أخرى، تعالج البرامج موضوعات إشكالية بأسلوب يفتقر النضوج التام. كأنّه يكفي فقط أنّ نسبة المُشاهدة علَت والمسألة أحدثت ضجيجاً عبر مواقع التواصل، وهذا بالنسبة الى برامج ليلة الإثنين، الأهمّ. لم يعد في إمكان المُشاهد الوصول الى نتيجة مما يُطرَح. احتدّ الشيخ مدافعاً عن "فلسفة الحرية في الإسلام"، فيما بدا واضحاً أنّ بيار أبي صعب بذل جهداً لضبط النفس. تعود كركي لتسأل عن "صدمة المجتمع" من وجود المثليين، من غير أن تكترث مثلاً لذكورية العلاقة التي تجمع محمد بجينيفر، المبنية أيضاً وفق مقولة "سي السيّد". ظلّ الهمّ أن الواجب تمّ باستعراض "الآراء كافة": المعالج النفسي ورجل الدين والمدافع عن الحريات، إلى الشابين اللذين لم يخرجا من سياق أنهما مذنبان، وفي أحسن الأحوال ضحايا.


ليس "للنشر" أو سواه من المنابر الباحثة عن أرقام مُشاهدة، أرضاً لبحث إشكالية الحرية. كانت الخلاصة أنّ رجل الدين دعاهما الى "التوبة"، وأنّ كركي حارت في تركيبتهما وأصبح هدفها ألا يستغلا البرنامج من أجل تحقيق الشهرة. حتى أنّها لم تحصل على الإجابة المُنتظرة على سؤالٍ من صنف: "هل حاولت زيارة طبيب؟"، وآخر بما معناه: لماذا تحمل أحاسيس تصبّ في اتجاهٍ آخر؟ أما عِقدة "التركيبة"، فلن تُحلَّ حتماً على طريقة السلق المُتَّبع. أمكن كركي أن تحوّل النقاش أكثر "حضاريةً"، أو على الأقل مبنياً على منطق غيره فورة الغرائز. لكنها فضّلت حضور رجل دينٍ يكفِّر ويعقِّد المسائل. لو أرادت عِبرةً من الطرح، لتركت الأخير في أشغاله ووضعت حداً لافراط محمد في عرض رجوليته، وتقبّلت رأي بيار أبي صعب وما سمحت لجينيفر أن يبدو نموذجاً عن الشباب المنبوذ المُضطهَد الباحث عن وجوده الضائع.


 


 


[[video source=youtube id=QdDF3aQIgbI]]


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم