الأربعاء - 17 نيسان 2024

إعلان

جوائز جبران تويني... لمن يستحقها

سلوى بعلبكي
سلوى بعلبكي
جوائز جبران تويني... لمن يستحقها
جوائز جبران تويني... لمن يستحقها
A+ A-

ماذا يبقى من الشهداء؟ الكثير بالتأكيد، والأهم الرسالة والمسيرة ومنهما مشتقات كثيرة بعضها نصب تذكاري وصور وكتب وجوائز.


لكل منهم اثر يخلّد الذكرى ولو بحسها المادي، لأن المعنوي منها يبقى في القلب.
في السنة الرابعة لاستشهاد جبران تويني، نستعرض ذكراه في جائزة لا بل في جوائز. من اقرب الناس اليه نبدأ، من انطوان شويري، عميد نادي الصحافة الذي دأب على تمويل الجائزة السنوية تخليدا لذكرى "جبران البطل والمؤمن والحر"، والذي ما تراجع قيد أنملة عن دعم كل مشاريع "جمعية نهار الشباب" والمهرجانات واللقاءات التي تنظمها.
لم تفارق الدمعة عينيه، وهو يستذكر جبران صورا حية من الماضي القريب. "اتمنى الا تكون القضية التي تسببت باستشهاده قد ذهبت أدراج الرياح"، يقول شويري واصفاً جبران بـ"ظاهرة" لن يكررها التاريخ"، خصوصا لجرأته وتعلقه بالشباب وقضاياهم وهمومهم.
يذكر شويري اللقاء الاول بينهما في ظروف استثنائية. "في طائرة متجهة الى دبي، واجهنا حادثا كاد أن يودي بنا. وقد لفتني جبران بهدوئه النابع من عمق ايمانه، اذ بقي ينقل مسبحته بين اصابعه متمتما صلاة تنقذنا. هكذا، تعرفت الى جبران لتبدأ من حينه علاقة مهنية بعد علاقة شخصية بقيت متينة على مدى اكثر من 20 عاما".
اول غيث العلاقة المهنية قبل 20 عاما، كان في اجتماع عمل في احد مطاعم بيروت، "وقد وقعنا العقد على لائحة الطعام Menu التي احتفظ بها لغاية اليوم". ويقول ان العقود كانت تتمّ شفهيا "نظرا الى الثقة المتبادلة".
رافقه جبران أيضا في شغفه بكرة السلة رغم ان هذا النوع من الرياضات لم يكن يستهويه. "كان يقف بجانبي مهدئا وداعيا الى التسلح بالايمان. اهدأ، وخلّي ايمانك كبير... رح يصير كل شي متل ما بدّك".
الحديث عن جبران يجرّه عفويا الى نايلة "هي استمرار لجبران. علاقتي معها تشبه علاقتي بوالدها الذي قدمني اليها، وكان يعوّل عليها كثيرا في متابعة مسيرته... وهكذا كان"، يقول بحسرة وامل في شعور واحد يحمل تناقضين. وايضا لا يغفل الحديث عن ميشيل و"الوردتين الصغيرتين". يقول "كان متعلقا كثيرا بعائلته الصغيرة. لكن قضيته من اجل لبنان واستقلاله وحريته اخذته باكرا من البنات".
ماذا عن المنحة المخصصة باسم جبران تويني؟
يعود شويري الى الماضي ايضا حين يبرّر قرار تمويلها. "لان جبران كان يعتبر ان قوة لبنان هي بشبابه، وقد راهن عليهم لتحقيق استقلال لبنان وسيادته. واعتقد انه كان محقا بدليل ان المليون ونصف مليون لبناني الذين نزلوا الى الشارع، نصفهم كان من الشباب".
الى الذين استحقوا المنحة، تبقى كلمة توصية من شويري: "تذكروا ان هذه المنحة تحمل اسم جبران. كونوا على الخط السيادي والاستقلالي الذي دفع جبران شبابه غاليا من اجله".



لأن جبران رفع عاليا قضية الحريات الصحافية من ضمن تطلعات عاش من اجلها، ارتأى نادي الصحافة ان يرد له التحية بجائزة. بعد شهر تقريبا على الاغتيال، ولدت فكرة "جائزة جبران تويني" تخليدا لذكراه.
"لم نفكر كثيرا. وجهنا الدعوات الى مؤتمر صحافي لاطلاق الجائزة"، يقول رئيس النادي الزميل يوسف الحويك. "كان لدينا همّ تمويلها. موازنة النادي متواضعة، لذا وجهنا دعوات الى قادة سياسيين والى محبي جبران واصدقاء ومؤيدي مشروعه ببناء دولة حرة بعيدة من الفساد وصاحبة قرار مستقل... وكان انطوان شويري بينهم. سارع الى الاتصال مبديا الرغبة في التمويل بعدما اطلع على الاهداف"، يقول الحويك.
وهكذا، حددت قيمة الجائزة بـ 20 الف دولار تمنح لخمسة طلاب متفوقين ومحتاجين ماديا. "لكن، وفي المؤتمر الصحافي المخصص لاطلاق الجائزة، همس شويري في اذني: سنزيد القيمة الى 25 الف دولار للمساهمة في دعم مهنة المتاعب، ولتبقى روح جبران تويني ماثلة في اذهان الاجيال الطالعة".
18 طالبا فازوا بالمنحة، وفق حكم صدر عن لجنة تضمّ أرملة الشهيد السيدة سهام تويني، والزميل راجح الخوري ممثلا لجريدة "النهار"، والسيدة روز سلامة شويري ممثلة لـ "شويري غروب" ويوسف الحويك ممثلا لنادي الصحافة. وتقرر ان تمنح الجائزة لخمسة طلاب متفوقين في نهاية كل سنة جامعية، استنادا الى ترشيحات عمداء كلياتهم.
يتابع "لكن في آذار 2008، منحت الجائزة لستة طلاب، ورفعت قيمتها الى 30 الف دولار. وفي ايار 2009، احتفلنا بمنحها الى سبعة طلاب، مما رفع قيمتها الى 35 الف دولار".

لماذا جائزة جبران تويني؟
يقول الحويك "لان جبران راهن على الاجيال الشابة في تبديل الواقع من أجل مستقبل أفضل". والجائزة تعبّر عما كان يتطلع اليه. "فهي لا تمنح على اساس طائفي او مذهبي او استنادا الى انتماء سياسي، بل للطلاب المتفوقين بدليل ان اللجنة المشرفة لا تتعرف اليهم شخصيا الا بعد اختيارهم".
ولكن، في بلد مثل لبنان، تدخل الوساطات في كل شيء. فهل ينطبق الامر على جائزة جبران تويني؟ لا ينكر الحويك ان النادي تلقى اتصالات من اصدقاء ومقرّبين، توصية ببعض الطلاب. "لكن اللجنة لم تأخذ باي منها، لان الاتصالات لا تتآلف مع روح الدولة التي كان جبران يناضل في سبيل قيامها. فالوساطة والمحسوبيات تصب في مفهوم الفساد وتتعارض مع مفهومنا للجائزة وما تهدف اليه".
وإذ يبدي تحفظا عن "عدم وفاء الفائزين للنادي"، يكتفي بان الجائزة ستبقي جبران في اذهانهم. "فمن يفز لن ينسى جبران، والمال الذي اتاح له اكمال تعليمه الجامعي. يكفي ان يترحموا على روح جبران، ويتمنوا لممول الجائزة انطوان شويري دوام الصحة".
أمل اخير للحويك في ألا تذهب مبادئ جبران التي ناضل واستشهد من اجلها، سدى، وان يحفظ رفاقه في ثورة الاستقلال العهد "ويتذكروا أنه لولا جبران وامثاله، لما تحقق أي من الاهداف الاستقلالية".


المنحة لمستحقيها
المنحة مخصصة للمتفوقين فقط. علي حمدان، حاز منحة جبران تويني في 2009، وهو متفوق في دراسة الاعلام في الجامعة الاميركية للعلوم والتكنولوجيا AUST. كان يفرح علي ان يصبح معروفا بتفوقه بين زملائه، لكن ان يصبح معروفا لدرجة ان يستحق جائزة جبران تويني، فهذه فرحة من نوع آخر: مزيج بين الاعتزاز والفخر. "فالجائزة تحمل اسم شخصية غير عادية، انسان حر وجريء، مناضل من أجل الحرية والسيادة والاستقلال".
مشاريعه الدراسية وعلاماته المرتفعة، كانت بطاقة عبور لنيله الجائزة. اما ديناميته ونشاطه، فلفتا اللجنة وكان القرار بمنحه الجائزة من دون تردد. يتحدث حمدان بفخر عن الجائزة "سأبقى أذكرها حتى آخر يوم من حياتي. فهي تحمل اسم جبران تويني، المثال الذي كان سببا رئيسياً في اختياري هذا الاختصاص".
بصراحته العفوية، يجيب حمدان عن وجهة استخدام المنحة: "لم استخدمها لدفع قسط الجامعة، بل لشراء سيارة تمكنني من الذهاب الى الجامعة". لكن، على اهميتها، لم تكن القيمة المادية للمنحة مصدر فرحه بقدر أهميتها المعنوية. "هي جائزة أعظم صحافي عرفه التاريخ، وسيبقى لها ذكرى خاصة خصوصا انها ساهمت بدعمي معنويا، ودفعتني لكي أكون منتجا أكثر. اطلب من الله ان يعطيني القدرة لأحقق نجاحا في عملي مستقبلا، حتى أكون على قدر ثقة اسم الجائزة التي منحت لي".


جائزة جبران تويني الدولية
لأن جبران تويني كان من الشخصيات الفريدة من نوعها في "الاتحاد العالمي للصحف" لنحو عشرين عاماً، وباعتباره عضواً بارزاً رائداً في لجنة حرية الصحافة، وعضواً في مجلس الإدارة لما يزيد على عقد من الزمن، ومشاركاً منتظماً في بعثات حرية الصحافة إلى "مناطق الحوادث الساخنة"، وناصحاً مخلصاً وداعماً لقيادات الاتحاد في ما يتصل بالقضايا العربية والقضايا المرتبطة بحرية الصحافة. ولأن ما من احد ساهم كجبران تويني في عمل الاتحاد في مجال حرية الصحافة طوال التاريخ الحديث لتأسيس الاتحاد...لهذه الاسباب مجتمعة كان إعلان رئيس "الاتحاد العالمي للصحف" تيموثي بالدينغ في 3 آذار 2005 تخصيص الاتحاد "جائزة جبران تويني الدولية السنوية للحريات الصحافية".
الاتحاد أراد تخليد ذكرى جبران، والمساعدة على تركيز استقلال الصحافة وحريتها في العالم العربي، عبر تقديم جائزة سنوية باسمه لصحيفة أو ناشر أو محرر في المنطقة العربية، وذلك "بغية تشجيع الصحف والناشرين والمحررين المقدامين المستقلين في العالم العربي على الجهر دائماً بقول الحقيقة والدفاع عن الحرية الاعلامية".
وتختار لجنة من ممثلين لـ"الاتحاد العالمي للصحف" وأسرة "النهار" الناشر أو المحرر الذي ترى أنه الأفضل في إبراز القيم التي جسدها جبران تويني وصحيفته: الارتباط بحرية الصحافة، والشجاعة واستقلالها، وروح الزعامة، والطموح، والمعايير المهنية والإدارية الراقية.
والجائزة منحة مالية بقيمة عشرة آلاف أورو، تمكن الفائز من تلقي تدريب متقدم في مجال إدارة الصحف. كما يحصل الفائز على أشكال إضافية من الدعم من "الاتحاد العالمي للصحف"، وذلك من طريق مركز التدريب التابع لجريدة "النهار"، ويمنح الفائز مجسماً يجسّد الجرأة التي امتاز بها جبران تويني وقلمه وصوته.


سبعة فائزين في 2009


فاز بجائزة جبران تويني في 2009 سبعة طلاب هم: سيرين الحايك (جامعة سيدة اللويزة)، ربى هاشم (الجامعة الاميركية للتكنولوجيا)، علي حمدان (الجامعة الاميركية للعلوم والتكنولوجيا)، داني نجيم (الجامعة الانطونية)، اميل مكرزل (جامعة القديس يوسف)، ريتا عقيقي (الجامعة اللبنانية – الفرع الثاني)، وأليسار عبد الباقي (الجامعة اللبنانية - الفرع الاول).


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم