الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

استاذ جبران

غسان حجار
غسان حجار @ghassanhajjar
استاذ جبران
استاذ جبران
A+ A-

استاذ جبران، فكرت في ما أكتبه لك هذه السنة، ليس في ذكراك الحاضرة كل يوم، بل في ذكرى غيابك الرابعة. وأنت تعلم كما نعلم، أن ثمة ذكرى خامسة وسادسة وعاشرة... صرت ذكرى مهما قلنا ان ذكراك باقية أو انك باق في الذاكرة... في الواقع لم تعد موجوداً، وهذا مؤلم، فوالدك وكبيرنا غسان تويني تلمّس غيابك في ذكراك الثالثة وكتب "حبيبي جبران". غلبه الفراق، غلبه الألم الذي لم يفارقه يوماً، غلبه الشوق الذي عاناه جزئياً حتى في حياتك.


وها نايلة تفتش عن ذاتها في غيابك، بين الادارة في "النهار" والنيابة والزواج، تحاول ان تتلمّس المستقبل وتعوض الفراغ الذي تركته في حياتها. أمور كثيرة لم تملأ كل زواياه. وحال ميشيل مثلها في الفراغ، وان بدت أبعد عن المسرح الاعلامي.
ونحن أيضاً، عائلتك، "النهار" وأهلها، ما زلنا نفتقدك، نفتقد الطيف والحضور والغطاء والدعم والحركة. نحاول قدر ما استطعنا ان نكون، كما اردت، لنبقى أوفياء ليس لشخصك لأننا نرفض الشخصنة والصنمية، بل للحلم الذي كنته، وللقيمة التي مثلتها، وللوطنية التي ما تراخيت فيها، وللبنانية حقيقية استشهدت من أجلها.
لذا يا استاذ، سنبقى لهذا الوطن بمساحته الكاملة، بكيلومتراته الـ 10452، وسنكون مقاومة مستمرة ضد كل احتلال أكان اسرائيلياً في بعض الجنوب، أو اتخذ أشكالاً أخرى في مناطق أخرى. سنظل على رفضنا للتدخل سورياً أو ايرانياً، أو حتى سعودياً وتركياً، أو اميركياً وفرنسياً، سنتمسك بالعلاقة الجيدة مع اي طرف، شرط احترام سيادتنا وحريتنا واستقلالنا.
قد يقول البعض تعليقاً إن كلامنا شعر ونثر، هكذا يفهمونه لأنهم باعوا انفسهم ووطنهم بثلاثين من الفضة طمعاً في مقعد نيابي أو وزاري أو صفقة كسارات ومخدرات وما شابه، أما نحن فما اهتممنا لهذه أو تلك.
اهتممنا لرسالة حرية وسيادة وكرامة.
فرسالتنا حرية لم يختبرها البعض لأنه ما ولد وما تربى عليها، لذا لم يعشقها، واعتاد العيش بعيداً منها.
رسالتنا سيادة لم يفهمها البعض لأنه آمن بمشاريع فرز وضم ومساحات اكبر من لبنان أو اصغر منه، وتعامل مع المحتل اياً كانت هويته، محققاً مصالح فردية وآنية.
رسالتنا كرامة، فمن لا يعرف الحرية والسيادة والاستقلال لن يعرف معنى الكرامة.
هكذا نحن، وسنبقى، لا اطلاقاً لشعارات فارغة من المضامين او متقلبة في كل حين، بل انطلاقاً من مصلحتنا لأننا لا نستطيع العيش في لبنان لا يشبه لبناننا، في لبنان لا يحترم التعدد، والحرية السياسية والدينية، لبنان منتهك السيادة، ولبنان من دون كرامة. فكرامتنا في هذا البلد من كرامته، ونحن ما ارتضينا ان نعيش الذل. فإما ان نعمّر لبنان، أو ينهدم على رؤوسنا جميعاً إذا أخفقنا، وعندها لن يكون أمامنا إلا الهجرة أو الموت، لكننا اخترنا ان نعمّر لبنان متحدين الصعاب.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم