الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

عرفتك رغم الرحيل!

سمير صباغ
عرفتك رغم الرحيل!
عرفتك رغم الرحيل!
A+ A-

رحلت قبل ان أعرفك ولو بمصافحة عابرة، فعندما تمكن الجبناء من اغتيالك كنت أنا لا أزال تلميذاً لا يتجاوز الـ 16، ولم تكن أنت بالنسبة لي أكثر من صحافي أحكم عليه من خلال ما أقرأه وأشاهده في الإعلام. عبّرت لي حينها في مقالاتك ومقابلاتك وافكارك التغييرية، عن مدى صلابتك وجرأتك وشفافيتك، اذ لم تكن متلوناً أو مجاملاً في مواقفك خصوصاً عندما رفضت لوطنك ان يخضع للإرادة الصهيونية، فتوجهت مع الشباب الى أرنون الجنوبية. وكم كنت لاذعاً وصادقاً في تعبيرك عن حبك لوطنك – القضية، بإختيارك الكلمة سلاحاً لتدفع بشعبه نحو الحرية وتحرره من ذلك القيد السوري الذي هيمن، فأساء الى لبنان وسوريا على السواء.
إغتالوك بعدما ضاقوا ذرعاً بقسمك الذي إلتزم الوحدة الوطنية، أخذوك من الحياة قبل ان أعرفك وأناقشك في ما نتفق عليه وفي ما نختلف حوله، لكنني في ذكراك الثالثة أحببت مخاطبتك بهذه السطور علّها تخبرك كيف عرفتك من كثب رغم رحيل الجسد. فأمام المشاهد المتسارعة التي رافقت لحظة اغتيالك، وقفت حائراً، بين المكترثين واللامبالين، إلا انني قررت حينها التعرف اليك من خلال من عرفوك وعايشوك في خطاك وأحلامك. فوجدت في عينيّ نايلة، رغم الحزن المخيم عليهما، لهيب إيمانك وتحديك للمجهول، وفي ابتسامة ميشيل ثقتك وصلابتك، ولامست عاطفتك في تصرفات منال التي لا يمكن لوجهها ان يخفي فرحها او حزنها، وأسلوبك النقدي اللاذع حاضرٌ دوماً في أحاديث وديع، وشفافيتك يعكسها نمر بتعليقاته العفوية، وتطرفك للقضايا التي آمنت بها أراه في تطرف طوني وسلوى ربما لقضايا يختلفان حولها. أما صمتك عندما تفكر فيجسده هدوء كريم، وشغفك للتغيير يتميز به عياد وماريو، ولروحك المحبة للآخرين مكان في قلوب نيكول وهنادي وألين، بينما رغبتك باكتشاف الحقائق يظهرها رضوان المتأهب دوماً للبحث عنها في أخطر المناطق، وإيمانك بالصحافة الرسالة لا يغيب عن مقالات هيام، ولثوريتك بصمةٌ في فكر ماري كلير وإبرهيم، ولتواضعك المتعالي أثرٌ في زياد ووليد. ويبقى للحجار حزمك وجديتك وتشجيعك المواهب الشابة. هؤلاء هم أسرة تحرير "نهار الشباب" تركت بصماتك في شخصياتهم وأثرت بهم، فعرفتك من خلالهم لأنهم بتكاتفهم في صورة واحدة يكونون صورتك وشخصيتك. نعم، فليعلم القتلة أنهم بقتلك لم يسكتوا الصوت الذي ردد القسم الوصية: "نقسم بالله العظيم مسلمين ومسيحيين... ان نبقى موحدين الى أبد الآبدين... دفاعاً عن لبنان العظيم". ها أنا اليوم عرفتك رغم الرحيل وتيقنت ان جبراننا لم يمت و"النهار"مستمرة بشيبها وشبابها.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم