الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"شو أخبار الجنوب يا رضوان"

رضوان عقيل
رضوان عقيل
"شو أخبار الجنوب يا رضوان"
"شو أخبار الجنوب يا رضوان"
A+ A-

كان ملحق "نهار الشباب" بالنسبة لي ولعدد من الزملاء الذين تخرجوا في كلية الاعلام والتوثيق للجامعة اللبنانية الباب الى العمل الصحافي بفعل تشجيع صديق الاقلام الحرة والفتية جبران تويني الذي لم يبخل علينا بشيء.


انضمت كوكبة من الشباب والطلاب والمندوبين الى أسرة الملحق الذي أعطاه جبران كل الاهتمام ودخلناه من دون السؤال او الوقوع في حواجز المذاهب والمناطق لأن صفحاته بدأت مشرعة ولا تزال، على هموم الوطن وشجونه ومساحات اوجاع شبابه.
وتعرفت الى "الاستاذ" في مكاتب "النهار" في الاشرفية آنذاك، وكنت في السنة الرابعة في الجامعة، ولا أنسَ اليوم الذي تسلمت فيه البطاقة الصحافية التي يتصدرها اسم "نهار الشباب" الذي لازم الكثيرين من زملائي.
وكثيراً ما تناولت في بدايات مشاركاتي الصحافية موضوعات عن الجنوب لأن بلدتي كانت محتلة آنذاك، ولم التق افراد أسرتي طوال أعوام، لذلك كان العدوان الاسرائيلي ومعاناة الجنوبيين تخيم على اهتماماتي وكتاباتي التي عبرت عنها على صفحات "نهار الشباب" النابضة التي كنا ننتظرها صباح كل ثلثاء ولا تزال الى اليوم بهمة الزميلة نايلة تويني ومجموعة من الزملاء والمندوبين. بعدما تحولت الى الصدور الخميس. واقترحت على تويني ان يشارك في ندوة في الفرع الاول لكلية الاعلام في بئر حسن آنذاك ليعرض تجربة الملحق بعد مرور عام على صدوره. ولبى هذه الدعوة في 4 أيار 1994 بعدما سبقها الكثير من الاتصالات الحزبية والمخابراتية التي قدمت "نصائح" لمندوبي الملحق في الكلية بابلاغ جبران لعدم اقامة اللقاء لأن البعض آنذاك لم يكن يتحمل الحروف غير المعلبة التي اعتاد جبران على النطق بها.
وعندما وصلته هذه "الانباء" أصر على الحضور "مهما كانت الصعوبات" وهو الذي كان يهوي هذا النوع من التحديات.
وأول ما قاله للطلاب "نهار الشباب" مفتوح أمام جميع الطلاب والاقلام الشابة".
ولا تزال جملته محفورة في ذاكرتي: "اطلقنا "نهار الشباب" فكرة مجنونة من أجل جيل جديد، يمكن اعتباره أهم حزب في لبنان لأنه حزب الأكثرية الصامتة، حزب الجيل الجديد الضائع (...)".
خرج الطلاب من تلك الندوة وأكثرهم لا يلتقي سياسياً مع جبران لكنهم أبدوا اعجابهم بجرأته واقدامه ولاسيما عندما خاطبهم:
"اذا قصرتم تقصرون لا في حق أنفسكم فحسب، بل في حق الوطن".
انضممت بعدها رسمياً الى "نهار الشباب" أنا والزميل غابي سمعان من الفرع الاول في الاعلام وبقي الزميل باسم زين على تواصل مع الحلق وساعدنا جبران أنا وعدد من الزملاء في اصدار اعداد من الصحف اليومية في مبنى "النهار" في الحمراء آنذاك وسمعنا من عدد من الزملاء في "النهار" ونحن نتجول في مكاتبها عبارة "هؤلاء من شباب جبران" وقد صرنا في ما بعد زملاء لهم في المكاتب اياها.
أذكر انني كنت كلما التقيته كان يسبقني سؤاله: "شو أخبار الجنوب يا رضوان".
لا اكشف سراً اذا أفصحت انه كان يكلفني في الكثير من الاحيان في ايصال رسائل او ترتيب لقاءات بينه وبين مسؤولين عن حركة "أمل" و"حزب الله" والمرجع السيد محمد حسين فضل الله لايمانه بالحوار اللبناني اللبناني قبل أن ينسج علاقة خاصة مع الرئيس نبيه بري تفاعلت أكثر بعد دخول جبران الندوة البرلمانية.
وعلاقة جبران مع الجنوب قديمة مذ كان في مرحلة الفتوة حيث رافق والده الاستاذ غسان في زيارات الى هذه المدينة.
ومنذ ذلك الحين والى اليوم لم يتغير شيء على الجنوبيين اللهم الا ارتفاع "محصول" اعداد القنابل العنقودية الاسرائيلية في حقولهم وعلى سطوح منازلهم.
كانت كتابات جبران تحذر من خطورة استباحة الجنوب لكنه ايّد مقاومته ضد المحتل، لذلك دعا الى رفع الاسلاك الشائكة ونزع الالغام وفتح الطريق الى بلدة ارنون في دعوة اطلقها في افتتاحية له في "نهار الشباب" وتترجم هذا الأمر في اواخر شباط 1999 بمشاركة نخبة من الشباب اللبناني وبمشاركة فعالة من مندوبي "نهار الشباب" وكان جبران في مقدمهم. وكتب في افتتاحية "(...) الى ارنون يا جماعة، لا قوة اهم من قوة الشعب".
وبعد عام على واقعة ارنون انبلج فجر تحرير الجنوب في ايار عام 2000 بعد شلال من الدماء والتضحيات.
وبعد اربعة ايام على هذا العرس زار الشهيد جبران على رأس وفد من "النهار" و"نهار الشباب" بلدات جنوبية عدة ووصل الى مرجعيون عن طريق النبطية في يوم ربيعي تلفحه نسمات الحرية وقبضات الاهالي العائدين الى منازلهم لتفقد احبتهم في ضرائح تنطق بالمقاومة ورفض المحتل بعد 22 عاما من كابوس احمر.
المحطة الاولى لجبران كانت في كنيسة القديس جاورجيوس في مرجعيون.
وخاطبهم الأهالي: "امر مهم ان تتحرر ارضنا لكن المطلوب استكمال الخطوة بارسال الجيش الى المنطقة ليحمي حدوده ويسد حدود اسرائيل".
وتأخرت الدولة ستة اعوام لتحقيق هذا المطلب لتصل قوافل الجيش وجنوده الى بلدات الجنوب المتشوقة الى الشرعية وحماية ترابها من خطر اسرائيل الدائم والمستمر منذ عام 1948 لمن لا يتذكر.
وودع تويني المطرانية وكتب على صفحة في سجلها: "تحية الى مرجعيون الصامدة... والمقاومة الاولى، مرجعيون مشتاقة الى الشرعية والجيش والى الآلاف من ابنائها".
ثم زار القليعة ودار حوار في قاعتها مع نائب الامين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم وشدد الثاني على "ضرورة الحفاظ على النصر والتحرير".
وكانت رسالة تويني الى ابناء القليعة "ليس المطلوب مغادرة البلدة".
فالى عين ابل ودبل عيتا الشعب ليسمع من القاضي الشيخ علي سرور "تربينا في مدرسة واحدة وقرأنا في كتاب واحد".
ثلاثة اعوام مضت على رحيل جبران لكن صورته ونبرة صوته ترافقني في مكاتب "النهار".
وفي احيان كثيرة وانا على مكتبي يرافقني اتخيله مسافرا الى باريس وهو يسألني من هناك على الهاتف جملته المعهودة: "شو اخبار الجنوب يا رضوان".
اطمئن يا استاذ "الجيش على الحدود"


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم