الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"مش هيني نصنع الاحلام"

نيكول طعمة وسلمان العنداري
"مش هيني نصنع الاحلام"
"مش هيني نصنع الاحلام"
A+ A-

دعم جبران تويني طوال مسيرته و بعيداً عن ضوضاء السياسة كل فكرة او نشاط او مبادرة من شأنها ان ترفع اسم لبنان عالياً، علّ صورة هذا البلد الذي اشتهر بالحروب والاقتتالات والعنف تتغير وتتحسن في الداخل والخارج لتتضح بذلك المرآة الحقيقية لوطن الرسالة المليء بالنجاحات والقدرات الخلاقة والمميزة اينما وجدت. وعمل دوماً على مساعدة العديد من المبدعين والفنانين على اختلاف انتماءاتهم وخلفياتهم ايماناً منه بدورهم الاساسي والفعال في بناء لبنان.

مايكل حداد
شاب مغامر، طموح، جاد وواعد أبت إعاقته منذ الطفولة أن تقف حاجزاً في انطلاقته وتحقيق أحلامه في الحياة. مايكل حداد ابن الـ 27 عاماً مجاز في الحقوق ورئيس جمعيّة "شيلد" وفاعل في المجتمع المدني. كان "حلمي أن التقي جبران تويني والتقيته قبل 6 أعوام. قواسم مشتركة جمعتنا وهي تصب باتجاه تغيير نظرة المجتمع حيال ذوي الحاجات الخاصة والتطلع نحو مستقبل أفضل". مشروع مايكل المستقبلي أن ينشئ مركز تأهيل لتركيب الأطراف الإصطناعية ولتطوير مجموعة من الخدمات الصحيّة والإجتماعية لمساعدة المعوّقين. "ترجم جبران حلمي واقعاً من خلال تجسيد أفكاره والنهج الذي اتبعه للدراسة التي أعددناها معاً للعمل على تنفيذ المشروع".
وبصوته الصاخب يتابع حديثه: "كانت تردني إتصالات متكررة من الشهيد جبران وتشجعني على متابعة المسيرة لتحقيق المشروع إلا أن يد القدر اختطفته من بيننا.
بعد غيابه سنحت لي الفرصة ان اغادر البلاد، إلا أن شعوري الداخلي كان يلحّ ويطالبني بأن أكون وفيّاً لجبران وأبقى في وطني. وفي الذكرة الثالثة لغيابه، أجد نفسي أسير هذا الشعور عاجزاً عن تأخير ما وعدت نفسي به وما كان يحلم به جبران في حياتنا الوطنية ومسيرتنا نحو الأفضل: جبران حي ولن يموت في حال استمر الشباب الذين آمن بهم متابعة المسيرة نحو القضيّة والمجتمع"...


علي أبو الدهن
قصده إلى مكتبه بعد اطلاق سراحه من سجن سوري ليشكره، لإن جبران تويني أول من أثار القضية وطالب بالافراج عن المعتقلين في السجون السورية. على مدى 13 سنة، عاش علي أبو الدهن عذابات ومعاناة لا تعد ولا تحصى. "تعرّفت إلى جبران تويني عبر صديق لي كان يخبرني دائماً عن مدى اهتمام جريدة "النهار" ومتابعتها لقضية المعتقلين وكم كان قلم جبران لاذعاً ومثيراً حيال هذه القضيّة الإنسانية. وفي كل مرة كنت أزوره كان يفاجئني بطريقة المساعدة التي يمدّني بها ليخفف عني المأساة". لم يتأخر علي عن اخباري ان جبران كان أول من اهتم لوضعه الصحي والإجتماعي والنفسي إلى درجة طلب منه ان يكتب قصصه المؤلمة التي عاشها في السجن وان "النهار" مستعدّة لنشرها. "قررت إعداد كتاب خاص عن مسيرتي في السجن، إلا ان القدر كان سرع من ان احقق حلمي ولا يزال الكتاب من دون نشر حتى اليوم".


توفيق ضاهر
"انا مثل بقية الناس، كنت اعمل في ميكانيك السيارات وتعلمت لسنة فن الرسم، لكن الظروف الاقتصادية لم تسمح لي ان اكمل ما بدأته، تزوجت مبكراً ورزقت طفلاً كان يبلغ شهره الثالث عندما اطلق احدهم علي النار و جعلني مقعداً طوال حياتي".
لا ينسى توفيق ضاهر تلك اللحظة "فعندما دخلت الرصاصة جسدي فقدت الاحساس بالزمان والمكان، لأستفيق في المستشفى على وقع خبر يقول اني لن استطيع الوقوف والمشي مجدداً"، ويضيف "كان شعوراً مخيفاً ومحبطاً وضعني في نزاع كبير بين حب الحياة والتعلق بها، وبين انتظار الموت عله يخلصني من آلامي وواقعي البائس في غرفة العناية الفائقة".
بدأت قصة توفيق مع الابداع والاصرار بالصدفة، اذ جسّد احلامه و تطلعاته محولاً عيدان الكبريت الى قلاعٍ ضخمة تهتف لها العين وتنحني امام تلك الانجازات التي قام بها، فعمل على تنفيذ مجسمات مختلفة الاحجام والاشكال، من قلعة بعلبك وسيدة حريصا، الى برج ايفيل وسفينة التايتانيك الشهيرة التي نفذها مستعملاً فيها ملايين عيدان الكبريت الصغيرة، ليدخل اسمه موسوعة غينيس العالمية للارقام القياسية مسجلاً اضخم سفينة من عيدان الكبريت في العالم.


التقى توفيق العديد من الشخصيات السياسية و الفنية و الاجتماعية، و لكنه وجد في جبران تويني وقعاً خاصاً ومميزاً جداً "اذ اصر جبران على مساعدتي قدر الامكان، ووعدني بتحقيق حلمي الذي يقضي بأن تعرض اعمالي مجسماتي في معرض دائم في قلب العاصمة بيروت كي يتمكن الناس و كل العالم من مشاهدتها". و يضيف: "تلقيت دعماً كبيراً منه، فاتصل شخصياً برئيس بلدية بيروت عبد المنعم العريس، وتواصل مع بعض الشخصيات البيروتية لتأمين مكان مغلق يحتضن اعمالي، الا ان استشهاده في كانون الاول من العام 2005 شكّل صدمة كبيرة بالنسبة لي، اذ تبدد برحيله كل امكان لتحقيق هذا الحلم الكبير. عندما تتعرف الى شخص كجبران، قوي وانساني ومثقف وقريب من الناس وهمومه مقدماً لهم كل الدعم، ومن ثم تخسره، فهذا امر مؤسف ومحزن للغاية و من الصعب تقبله".
يصف ضاهر تواضع "الاستاذ جبران" بالرهيب فكان في كل مرة يلتقي او يتصل به، يظهر حماسة لا تغيب" وفي عيونه ترى شعاعاً من الانسانية الجامحة نحو العطاء والتعاون، وكان يستقبلني في كل مرة برحابة صدر وضيافة معبراً عن اعتزازه وافتخاره بما اقوم به قائلاً لي: "مش هيني نصنع الاحلام ونحققها من عيدان الكبريت".


علاقات عربية وطيدة


أدرك جبران تويني ان لا مستقبل لمؤسسة مثل " النهار" لتنمو وتستمر ما لم تنفتح أمامها الآفاق من من خلال شبكة من العلاقات يكون بوابتها الوطن العربي، لكن الحرب المشتعلة في لبنان منعته من التقاط فرص كثيرة تراءت له بإقامة شبكة علاقات عربية عاد، ورسخها بعد مرحلة 1990 ولغاية إستشهاده .
في نهاية السبعينات والثمانينات إنقطعت "النهار" عن العالم العربي ( 1970- 1990 ) . لكن عندما بدأ جبران بجولته العربية في التسعينات، كان لا زال يملك رصيدا كبيرا من العلاقات والصداقات مع قادة عرب وشخصيات مرموقة وصحافيين كبار وإعلاميين، إستند بعضها الى علاقات شخصية بناها الأستاذ غسان تويني على مدى عقود والى مكانة "النهار" ودورها الذي لعبته على مدى أعوام طويلة، فأخذها جبران عن والده ونماها ووطدها.
تطلع جبران بشوق الى العالم العربي وبخاصة بعد إنطفاء شعلة الحرب اللبنانية في 1990. فكر كثيرا كيف أنهكت هذه الحرب جريدة "النهار" وأبعدتها عن عمقها العربي وجعلتها تنكفئ على ذاتها اللبنانية.
من تلك العلاقات القديمة جدا والراسخة في تاريخ النهار وتاريخ آل تويني، الصلات الطيبة بالعائلة الحاكمة في الكويت وتحديدا بالأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح وهي علاقة تعود الى الستينات أنشأها غسان تويني مع عدد كبير من أفراد العائلة الحاكمة وليس مع الأمير الحالي فحسب الذي كان آنذاك وزيرا للخارجية.
في موازاة ذلك، إعتمد جبران على تحركه المباشر فأنشأ بجهده الشخصي علاقات مع الجيل الجديد من القادة العرب، وهذا ما مكنه من إعادة ربط العلاقات مجتمعة وبالتالي إعادة وضع النهار على الخريطة العربية. فهو إرتبط بصداقة حميمة جدا ولا بل تحولت الى علاقات عائلية مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم بن جبران آل ثاني وهما من الجيل الجديد من القادة العرب.
ومن علاقات الصداقة القوية التي إرتبط بها جبران مع قادة عرب، تلك التي جمعته بالرئيس المصري محمد حسني مبارك وبالامين العام للجامعة العربية عمرو موسى وبالأمين العام للجامعة العربية السابق الشاذلي القليبي، وفي الإمارات ربطته علاقة قوية بعائلة الشيخ زايد بن خليفة آل نهيان وتحديدا الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي نمت علاقة قوية بينهما خصوصا في الاعوام الأخيرة من عمر جبران. أيضا جمعته علاقة قوية مع آل مكتوم وتحديدا مع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
كذلك في الأردن، إرتبط بعلاقة صداقة مع الملك حسين ومع الملك عبدالله الثاني وزوجته الملكة رانيا. التي زارت بيروت في 9 /3 /2004 لترؤس "منتدى المرأة العربية والنزاعات المسلحة " الذي عقد في فندق الفينيسيا، وخصصت خلالها زيارة لـ "النهار" جالت فيها على أقسامها وأقامت نقاشا مع الصحافيين تناول مواضيع حرية الصحافة في العالم العربي . أيضا، جمعت جبران علاقة عاطفية كبيرة بالزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أبو عمار، فكان يخبر جبران كيف كان أبو عماريعامله في كل مرة يلتقيه وكأنه إبن له، وإستمرت هذه العلاقة حتى آخر أيام حياة عرفات.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم