الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

فضيحة الأغذية تابع... أين شهادات الـ ISO؟

المصدر: "النهار"
إيلده الغصين
A+ A-

لم تنتهِ ترددات فضيحة الأطعمة الفاسدة بعد. لائحة المؤسسات التي تبيع مواد غذائية ولا تستوفي الشروط الصحّية لم تكتمل بعد. أسئلة عديدة لم تطرح حول الشهادات العالمية المعطاة لعدد من المطاعم التي ذكرها وزير الصحّة وائل أبو فاعور.


أولى تلك الشهادات التي يحملها عدد من تلك المطاعم هي شهادة الـ ISO أو شهادة المنظمة الدولية للمعايير التي تختص بسلامة الغذاء وحده. إن اجتماع شروط الـ ISO 9001، أحد فروع الـ ISO الأساسية، مع شروط نظام الـ "هاسب" (HACCP) أي نظام تحليل المخاطر ونقاط التحكّم الحرجة، الذي يطبّق على إدارة الأطعمة خلال مراحل تصنيعها، سيمنح الشركة الغذائية شهادة الـISO 22000 وهي مجموعة معايير دولية رفيعة تتعلق بسلامة الغذاء.


أين شهادات الـ ISO 22000؟


بما أن شروط التصنيع وفق شهادة الـ ISO 22000، المختصة بسلامة الغذاء دقيقة جداً، فإنه غير منطقي بتاتاً أن تكون ثمة مطاعم أو شركات تحمل هذه الشهادة قد ظهرت أسماؤها ضمن لائحة المؤسسات التي تبيع مواد غذائية لا تستوفي الشروط الصحية التي كشف عنها الوزير أبو فاعور. إذا كيف حصلت هذه المؤسسات على شهادات الـ ISO 22000 وهل تستوفي فعلياً شروطها كاملةً؟


يتشعّب الجواب إلى عدة احتمالات. ربما تكون المؤسسة قد تزوّدت بأغذية اشترتها من مؤسسات غير حاصلة على شهادة الـ ISO 22000، ذلك أن لبنان لا يُلزم الحصول على هذه الشهادة وليس ضرورياً أن يلتزم المصدر بها. الاحتمال الآخر أن تكون الفحوص التي أجرتها وزارة الصحة قد طاولت منتجاً ضمن كمية منتجات فاسدة. ولو أن الشركات كانت تقوم بخطوة المتابعة الدقيقة، لكان باستطاعتها سحب هذا المنتج، وضمان سلامة غذائها والأمن الغذائي للناس. تتطلب شروط الـ ISO 22000 من المؤسسات متابعة التصنيع وفق تقنية تسجيل كل إصدار غذائي تحت رقم تسلسلي يسمح للمؤسسة بسحب هذا الإصدار عن فئة أو صنف معيّن من الأسواق.


الـ "هاسب" ووكالة "الناسا" وباقي الشروط


أدى تسمّم طاقم وكالة الناسا الأميركية ووفاة أفراده إلى وضع نظام الـ "هاسب" في الولايات المتحدة الأميركية تفادياً لمرور الغذاء بعملية تصنيع غير سليمة تؤدي إلى إفساده.


اختصاصية التغذية وعلم الغذاء مايا غاريوس تفنّد لـ"النهار" شروط نظام الـ "هاسب" التي تتكامل مع شروط الـ ISO 22000 وهي: "الحفاظ على نظافة الغذاء وسلامته خلال التصنيع كالحفاظ على حرارة الدجاج واللحوم المطلوبة، ونظافة المكان المحيط مثل إبعاد النفايات عن أمكنة تحضير الطعام، وصيانة المعدات اللازمة والفصل بين الأماكن أثناء الطهي، والتوضيب السليم للمنتجات خصوصاً مصانع الدجاج واللحوم، المتابعة التامة للمنتج والحفاظ على النظافة الشخصية للعمال.


وتلفت غاريوس إلى "أن غسيل اليدين يساهم في إزالة أكبر نسبة من الجراثيم موضحةً أنه من الضروري تعريض اليدين للماء قبل وضع الصابون لغسلهما. هذا الشرط ينطبق على تحضير الطعام في المنزل أو في أي مؤسسة عامة". وتتطلب الشروط، وفقاً لغاريوس، الفصل بين العاملين بحيث يقوم أحدهم أو أكثر بتحضير اللحم أو الدجاج النيء، فيما يتولّى آخرون الاهتمام بالشواء، لئلا تنتقل باكتيريا من المادة النيئة إلى تلك المشوية.


أسئلة مفتوحة على احتمالات خطيرة


في الواقع اللبناني ثمة مفهوم يسود معظم القطاعات. فلنتحدث عن المعاينة الميكانيكية، ألا يلجأ المواطن أحيانًا كثيرة إلى شخص قد يكون "سمساراً" أو ميكانيكياً يساعده على تطبيق الشروط المطلوبة للمرور بنجاح خلال امتحان المعاينة بشكل ظرفي؟ بعض المطاعم يلجأ إلى الطريقة نفسها.
بهدف الحصول على شهادة الـ ISO العالمية، يلجأ المطعم إلى مستشار يتقن شروط هذه الشهادة فيساعده في تجهيز المطعم للحصول على هذه الشهادة، قبل وصول المدقق القادم من الشركات المرخصة المانحة للـ ISO 22000.


شركات الـ ISO تردّ!


في التفاصيل الإداريّة، تسجّل شركات خدمات الجودة المدققّة والمانحة لشهادة الـ ISO، وسواها من الشهادات المنبثقة عنها في وزارة الاقتصاد، وتكون وكيلاً لإحدى الشركات العالمية التي تمنح شهادات الـ ISO على الصعيد العالمي. في لبنان 8 شركات مرّخصة تقوم بهذا التدقيق لكن لا حصرية في الموضوع إذ يمكن المؤسسة أن تقدّم طلب الحصول على الـ ISO إلى شركة عالمية غير موجودة في لبنان.


يؤكد الدكتور محمود لبابيدي، مدير شركة "TQSCI" الدولية لخدمات الجودة، إحدى الشركات اللبنانية المانحة لشهادات الـ ISO "أنه من الواجب مراجعة مصادر الأطعمة كافة وليس التوقف عند المطعم المعني وحده. كما أن المياه هي إحدى مسببات بعض أنواع الباكتيريا المذكورة في تقارير وزارة الصحة، وتالياً تتحمل الدولة مسؤولية توزيع المياه غير الصالحة مع العلم أنه بإمكان الشركات الكبيرة الاستحواذ على آلة تحليل المياه لضمان سلامتها. كما أن الحليب قد يكون سبباً آخر لوجود الباكتيريا المضبوطة داخل عينات الفحص".


بحسب الدكتور لبابيدي، إن متابعة التدقيق من قبل شركات خدمات الجودة تلزمها بالمرور مرتين أو ثلاث أو حتى أربع تبعاً لخطورة مهام المؤسسة الغذائية للتأكد من حفاظها على شروط شهادة الـ ISO. ويضيف "داخل كل شركة ثمة موظف بمثابة مراقب دائم يقوم بعملية التدقيق يومياً، وإن أي تقصير من هذه الناحية لن تكون شركة خدمات الجودة مسؤولة عنه".


وعن إلزامية الحصول على هذه الشهادة العالمية في لبنان يوضح الدكتور لبابيدي قائلاً: "إن إلزام قطاع الأغذية بالحصول على هذه الشهادة سيليه إلزام باقي القطاعات كالصناعة والاستشفاء وسواهما، ما يطرح العديد من الصعوبات غير المتاحة حالياً".


هل سيتمّ سحب الـ ISO 22000؟


يكلّف الحصول على شهادة الـISO مبلغ 4000 دولار، وإن أي شركة قد تعبت لاستيفاء شروط الـ ISO فإنه من غير المنطقي أن تتراجع إلى ما دون تلك الشروط. فبعد عناء تدريب موظفيها والحفاظ على الشروط المطلوبة كاملة فإنه من البديهي أن تحافظ على تلك الوتيرة والنوعية من العمل.


وعن سحب شهادة الـ ISO من المؤسسات غير المستوفية الشروط العالمية يقول الدكتور لبابيدي: "لدى كشفنا عن أي خلل داخل منظومة الغذاء في الشركة نوجه لها إنذاراً، تختلف درجاته وفق المخالفة، فتُعطى الشركة مهلة شهر لتصحيح أخطائها. وفي حال وجود خطأ فادح، خصوصاً في الأطعمة، فبإمكان المراقب سحب شهادة الجودة فوراً من المؤسسة وإبلاغ المؤسسة العالمية التابع لها ليتم سحب إسم المؤسسة من لوائحها ومواقعها الإلكترونية".


حتى اليوم نظام الـ "هاسب" غير إلزامي في لبنان، وسلامة غذاء اللبناني واقفة بين فكّين. الأول لوائح المؤسسات التي تبيع مواد غذائية فاسدة والثاني إجراءات إصلاحية يجب أن تقترن بالتنفيذ وأن تطال المصادر الأساسية الفاسدة. فما مصير الشهادات العالميّة لضمان الجودة التي تهدف إلى تطمين الزبون على صحّة غذائه وهل سيتمّ سحبها فعلياً من قبل مانحيها؟ هذا طبعاً من دون إغفال دور المال في شراء تلك الشهادات أصلاً.


[email protected] 


Twitter: @ildaghssain


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم