الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

لبست الأبيض في العزاء

المصدر: "النهار"
رين بوموسى
A+ A-

لأول مرة منذ العام 1927، مرّ صباح من دون صباح، الأسطورة التي تركت في ذاكرة جميع اللبنانيين الأغاني والمسرحيات والأفلام، لن تتكرر. هي التي كانت أيقونة الصوت الجميل و"الأوف" والميجانا، أيقونة الجمال والأناقة وأيقونة التواضع والحب من دون مقابل. كفها أبيض كقلبها الذي لطالما حنّ الى المنطقة التي حضنتها منذ طفولتها وأحيّت لها في العام 1971 حفلتها الأولى في وادي شحرور، "راجعة على ضيعتنا... وعلى الأرض لربتنا"، واليوم تعود اليها محملة على الأكتاف وتمر فيها لتدفن أخيراً في جارة الوادي بدادون.


انطلاقة الصبوحة كانت من قلب حي الفغالية في وادي شحرور، فلقبت بشحرورة الوادي تيمناً باسم المنطقة وكون عمها هو شحرور الوادي. لجانيت فغالي أصدقاء كثر من طفولتها، واحدى هؤلاء الأصدقاء  لعبت لسنوات مع صديقتها جانيت، تدعى ايزابيل مرعب وتقطن منطقة بدادون التي تتحدر منها الشحرورة، "كانت حلوة كتير، شعرها أسود وعيونها بيحكو حكي"، تصف ايزابيل التي تصغر جانيت بسنتين. لم تخنها ذاكرتها، عندما أخبرت ايزابيل "النهار" كيف كانت تلعب وجانيت في ألعاب يصنعونها بأشرطة ملونة. "كان غرامها تغني.. في منطقة بمكين، مطرح ما كانو يصيفو كانت تغني للمغاربة اللي اجو بالحرب العالمية الثانية"، تتذكر، وتضيف ضاحكة وكان المشهد يمرّ امام عينيها "مرة اد ما غنت نشحطنا".



ايزابيل ليست الوحيدة التي تستذكر الصبوحة وكيف كانت "تعربش عالشجرة لتغني للولاد"، اذ ان السيدة تقلا فغالي روت لـ"النهار" ما سبق واخبرتها اياه والدتها. لتقلا ذكريات كثيرة مع صباح التي عادت الى وادي شحرور في العام 1971، في حينها قدمت الحفلة مجاناً بهدف مساعدة أبناء "ضيعتها" على توسيع كنيسة مار مخائيل. تروي تفاصيل كثيرة عن لحظات مهمة مع الشحرورة، وتستذكر كيف وقفت صباح الى جانبها في محنتها مع ابنتها المريضة التي ولدت في يوم عيد ميلاد صباح التي أهدتها حينها سلسلة معلّقة بقلب ألماسي "هيا قلبي للصغيرة كوليت".
وبعد 23 عاماً عندما مرضت ابنتها، كانت صباح تصر على تقلا ان تشاهد جميع مسرحياتها كي ترفع معنوياتها لتستطيع أن تساعد ابنتها المريضة والتي توفيت، فأتت صباح باللون الأبيض لتعزي الوالدة الثكلى معللة انها ترتدي الأبيض لأن كوليت حمامة بيضاء طارت الى السماء.
عاشت تقلا الى جانب صباح، لسنوات عديدة، ورافقتها الى معظم المسرحيات، "كانت تعزمنا دايماً... وكنا نكمل سهرتنا عنا بالبيت للصبح"، ذكريات جميلة تستذكرها بألبومات صور لا تزال تحتفظ بها حتى اليوم.



في ذلك الحي، السيد ايلي فغالي الذي لا يزال يحتفظ بصور من حفل العام 1971، ويقول أن صباح عاشت أكثر من 7 سنوات في المنزل الذي يقطنه وزوجته. وخلال زيارة "النهار" المنزل، صودف وجود ريتا الفغالي التي حملت الورود للشحرورة خلال الحفل تعبيراً عن حبها الذي كبر يوماً بعد يوم لفنانتها المفضلة، "صباح وردة ما بتدبل مثل ذاكرتي اللي ما بتنسى اللحظة اللي جمعتني فيها". يفلفش في صوره القديمة، ليبحث عن صور "شحرورتنا" فخر آل فغالي، فـ"شمسها لا تغيب".
ديغول فغالي رافقها حتى الشهر الماضي، فصباح التي كانت تعشق "الفطاير بقشوة"، اصبحت في ايامها الاخيرة طريحة الفراش ولم تستطع ان تأكل تلك الفطيرة، ففضل الا يراها مجدداً ليترك صورة صباح الاسطورة المليئة بالحياة في ذهنه. "رحلت صباح... خسرناها"، يقول ديغول بتحسر وحزن كبيرين.
تترك صباح فراغاً كبيراً لدى أحبائها في وادي شحرور وبدادون وصولاً حتى أقاصي الأرض، وتبقى أغانيها وأعمالها خالدة في ذاكرة اللبنانيين.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم