الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

"هل ترون ما أرى؟"

المصدر: زحلة – "النهار"
A+ A-

"هل ترون ما أرى"، عنوان معرض صور فوتوغرافية، نظمته مفوضية الامم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين في مقرها في زحلة. هو نتاج اعمال 13 مراهقا سوريا خضعوا على مدى اسبوعين لدورة تدريبية على استخدام الكاميرا كاداة للتعبير بالصورة وبكلام الصورة، على يد المصور الصحافي براندون بانون.


يوضح براندون بأن الدورة "لم تكن درسا في تقنيات التصوير. بل التعلم كيف ينظرون ويختبرون من خلال الكاميرا ويستكشفون محيطهم". اراد ان ينقل لهم "حب التصوير جواز سفر للابحار في عالمهم، وطرح الاسئلة ومقابلة الناس وبناء شبكة علاقات".


لقد شكلت الورشة متنفسا لهؤلاء المراهقين المنقطعين عن دراستهم منذ نزوحهم الى لبنان، مع ما توافره المدرسة من بيئة للنمو ونسج علاقات مع اقرانهم. هي بالنسبة لاستاذهم "فرصة ليكونوا معا، والخروج من عزلتهم، واعادة اكتشاف بعض الامور الجميلة الساحرة التي لديهم كاشخاص". اما هم فيقولون عن هذه التجربة "تعرفنا على الاستاذ ومن خلاله على امور جديدة، تعلمنا روح المشاركة والتعاون، وبعد اسبوعين اصبحنا اصدقاء". فيصعب على براندون مع انتهاء الورشة رصد التغيرات لدى من "التقيتهم كتلامذة وتركتهم اصدقاء. بدأنا كمجموعة غرباء وانتهينا كافراد عائلة". ما يستطيع قوله هو بان "كل واحد منهم وجد في نفسه وفي اقرانه، الحكمة، التحدي والفرص للاستكشاف، واصبحوا اصدقاء بالمعنى العميق للصداقة".


براندون المصور الصحافي الذي غالبا ما عمل مع اللاجئين في عدة بلدان واخبر عبر صوره حكاياهم، اعتبر "ان المهم هو ان تكون لديهم الفرصة ليخبروا هم قصصهم وليس بواسطة صحافي". مضيفا "سيروننا اشياء عن حياتهم لا يمكن ان نتصورها لاننا لا نعيشها. وما سيروننا ايضا هو ان حياتهم تشبه حياتنا اكثر مما نتوقع، وبانه في اي وقت، اي واحد منا يمكن ان يصبح لاجئا، ونخسر ما نملكه، ما نعرفه".
وعندما نقصد ان نرى بعيونهم سنجد مراهقين، اقتلعوا من حياتهم، انقطعوا منذ اكثر من سنتين عن دراساتهم، يعيشون في عزلة، ومن دون ان تكون لديهم مساحة خاصة بهم. فصورة زهراء، 16 سنة، على شرفة منزلها تتحدث اكثر مما نظن عن حياتها في شقة مبنى في قب الياس مع 6 من افراد عائلتها، من دون ان تكون لديهم علاقات مع جيرانهم اللبنانيين، "لا يختلطون معنا".


محمد، يعيش مع 9 من افراد عائلته في شقة كبيرة في قب الياس، تتيح له ان تقتصر مشاركته لغرفته مع شقيقه، وتجمعه علاقات جيدة مع جيرانه من اللبنانيين والسوريين. احداهم سيدة تخبز على الصاج لتؤمن لقمة عيشها، اختار محمد ان يصورها تقديرا للمرأة العاملة. هو من تحوّل من تلميذ، غادر مقاعد الدراسة تلميذ "بريفيه"، واصبح عاملا مؤقتا في دهان السيارات والبلاط.


عادل، 16 سنة، ليس فقط تخلى قسرا عن دراسته، بل لم يعدّ يتسنى له ان يمارس هوياته بالرسم، واصبحت دفاتر رسوماته التي احضرها معه من سوريا صورة فوتوغرافية عن حياة سابقة. لقد ضاق عالم عادل، بضيق الغرفة ومنتفعاتها التي يعيش فيها 10 اشخاص من عائلته. وندر ان امسك القلم ليرسم الا للتنفيس عن غضبه بعد ان يعود من عمله في معمل للكبيس حيث عمل لفترة. اليوم اصبحت الكاميرا لا تفارقه، الصور التي يلتقطها هي انعكاس لمشاعره، تحمل دائما رسالة. فالمنظر الخريفي الجميل، انما قصد منه عادل العمود الذي حفر عليه غرباء اسماءهم، ورأى فيها "الذكريات التي يخلفها الناس بعد ان يرحلون". والخمس ليرات سورية في الصورة هي تعبير عن "زمن كانت لها قيمة فقدتها اليوم".
تقول ام علا، وهي تقلّب دفتر صور ابنتها ان "افضل ما اكتسبوه في الدورة انهم بدأوا يعبرون عن انفسهم. نحن، بشكل عام، لا نعلم الاولاد ان يعبروا عن انفسهم، بل نقيّدهم بالحرام والممنوع".


الوالدة التي كانت مديرة مدرسة في سوريا قبل ان تضطر للنزوح مع عائلتها الى لبنان، تتوقف عند صورة فوتوغرافية تظهر فيها علا وهي تساعد ابن خالتها في دروسه، وتقول: "الاهم من الحصة الغذائية ان نعلم اولادنا". ثم تشير الى سيدة ترافقها وتقول: "عندها 3 اولاد بالبيت لم تتمكن من تسجيلهم في المدرسة، سيخلق جيل كامل اميّا، هذه هي المعاناة. ربطة المعكرونة وكيلو الرز رغم انها من الاساسيات، لكن عندما اعمل واكسبها بكرامة امر يختلف عن ان يتصدقوا بها عليّ".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم