الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مسلخ لبنان

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
A+ A-

رسالة إلى الرأي العام،


اقرأوني جيداً وبوضوح. هذا المنبر لا يستزلم لأحد، ولا يُحني رأسه لأحد.
وليعلم الجميع أن لا أحد فوق رأسه خيمة. والحال هذه، لا تهاون مع أحد. ولا مجاملة لأحد. ولا غضّ نظر عن أحد.
دورنا في هذا المنبر، هو إعلاء شأن الحرية والحقيقة، والكلام عن الجروح والأوجاع، وممارسة النقد والفضح. وسنمارس هذا الدور حتى آخر محبرة.
أمس، كتبنا عن مسلخ بيروت، بلغة السخرية السوداء، المبطّنة، الحاملة في طيّاتها ألف مخرز ومخرز، فظنّ بعض القرّاء أننا ندافع عن المسلخ. هل من المعقول، أن تصل القراءة المبسّطة إلى هذا الحدّ من سوء الفهم، يا عمّي؟!


على كلّ حال، معليش. المهمّ أن المسلخ أُغلق إغلاقاً نرجو أن يكون أبدياً. المهمّ أيضاً أن وزير الصحة ماضٍ في حملته حتى النهاية. ونحن معه في حملته حتى النهاية. حتى آخر محبرة. وعندما يجفّ الحبر، نصنع من الدموع، دموع القلب، حبراً. بل نصنع من الغضب النقيّ عاصفةً محبّرة، حتى يبقى هذا المنبر نابضاً بالدفاع عن الحرية والحقيقة، فيواصل دوره التاريخي في حمل أوجاع الرأي العام، وجعلها تصير ربيعاً.
أمس أيضاً، عجز مجلس النواب عن انتخاب رئيس للجمهورية. السبب أن البعض يواصل فرض الأمر الواقع بقوة الأمر الواقع.
البعض يقول: فشر! نحن، بدل التحدي، نسأل: لماذا لا ينزل الرجال، يا عمّي، إلى مجلس النواب؟! سؤالنا هذا نطرحه بصراحةٍ ملأى بالفجاجة، والفظاظة: أين هم الرجال؟!


لا أحبّ هذا المجلس الممدِّد لنفسه. لا أحبّه على الإطلاق، بل أرى فيه طعناً للديموقراطية، لكنه، بكل أسف، هو المكان الوحيد، لممارسة ما بقي عندنا من طيف الرجولة الديموقراطية الفذة. فأين هم الرجال من النزول إلى هذا المجلس الممدِّد لنفسه؟!
على سيرة المسالخ والمجالس والرجال، المعروف عالمياً، والأجدى صحياً، عندما تنتشر الأمراض الفتّاكة والقاتلة في أرضٍ ما، في بلادٍ ما، كما هي الحال راهناً في بلادنا، وفي بلدان الجوار، إعلان الإنذار رقم 3، وهو أعلى أنواع الإنذارات، التي لا يُطلَق نفيرها إلاّ بعد استنفاد كل الحلول الممكنة.
لا ينفع إلاّ الكيّ. لبنان مسلخٌ كلّه، أيها القرّاء الأعزاء. ولم يعد ينفع فيه إغلاق مسلخ واحد.
كل كلام معسول، أو جزئي، يجب أن يكون موضع تشهير وإدانة.
لبنان كلّه، يجب أن يوضع في الحجْر الصحي. أعني الكرنتينا، على ما عنونت زميلتنا جمانة حداد، مقالها المنشور في "نهار" يوم الإثنين الفائت.
مرضنا الحقيقي، المخيف، المرعب، والمهلك، ليس الطاعون، ولا الشلل، ولا الملاريا، ولا السلّ، ولا الجرب، ولا التهاب السحايا، ولا فقر الدم، ولا الجوع، ولا العطش، ولا الفقر.


هذه الأمراض قد يمكن الشفاء منها، بحيلة من الحيل، أو بسواها.
أما الفساد فهو مرضنا الأخلاقي العميم، المنتشر في سحايا الوجدان وتلافيف الروح والضمير، ولا شفاء منه... إلاّ بالكرنتينا.
السرطان الأخلاقي، سرطان انعدام الأخلاق، هو الموضوع. الحلّ بوضع لبنان كله في الحجْر الأخلاقي.
مسلخ لبنان لا خلاص منه، إلاّ بهذا الحجْر.
فلنحجر عليه. أما المطلوب فهم... الرجال الرجال!


[email protected]


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم