الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

باريس مذهولة: ابن "النورماندي" يذبح مع "داعش"!

المصدر: "ليبرالسيون"، ترجمة نسرين ناضر
A+ A-

يظهر فرنسي واحد على الأقل هو مكسيم هوشار، 22 عاماً، من النورماندي، بين المنفّذين في مقطع الفيديو الذي بثّه تنظيم "الدولة الإسلامية" لعملية ذبح الرهينة الأميركي بيتر كاسيغ و18 جندياً سورياً. فما هو عدد الفرنسيين الذين انضموا مثله إلى الجهاد؟ ما هي مواصفاتهم وماذا يفعلون في الميدان؟ ديفيد تومسون، الصحافي في "إذاعة فرنسا الدولية" ومؤلف "الجهاديون الفرنسيون"، أجاب عن أسئلة قرّاء صحيفة "ليبراسيون" حول الموضوع.


رداً على سؤال عن أبو عبدالله (مكسيم هوشار)، وعما إذا كان قد تواصل معه، قال تومسون: "لا أعرف الكثير عنه. عمره 22 عاماً، وصل إلى سوريا قبل عام ونصف العام. وقد حصل بيننا تبادلٌ مقتضب عبر فايسبوك إنما ليس أكثر من ذلك. إنه موجود الآن في الرقة، عاصمة الدولة الإسلامية. نعرف ذلك من خلال الصور التي نشرها عبر فايسبوك ويظهر فيها أمام أماكن معروفة في الرقة.
كان يتواصل من دون قيود عبر موقع فايسبوك في مرحلة معيّنة، مستخدماً اسمه الحقيقي واسمه الجهادي. لم يكن معروفاً كثيراً من الجهاديين الفرنسيين الآخرين لأنه كان في كتيبة مؤلّفة في غالبيتها من السوريين. ولم تكن لديه النيّة بالعودة، فقد عبّر مرات عدة عن رغبته في الاستشهاد هناك. اختفت صحفته عبر فايسبوك منذ بضعة أشهر. لا أعرف إذا كان هو قد أغلقها أم إن إدارة الموقع هي التي عمدت إلى إغلاقها".


المجموعات الفرنكوفونية
وسئل تومسون: "اليوم، كيف تجنّد الدولة الإسلامية الجهاديين المبتدئين، وما هي مصلحتها؟ ليست لدى الفرنسيين في شكل عام خبرة في أمور الحرب، وعدد قليل جداً منهم يتكلّم اللغة العربية وتحديداً اللهجة السورية-اللبنانية". فأجاب: "هدف الدولة الإسلامية هو تجنيد مقاتلين، وكذلك عائلات يخرج منها جهاديو المستقبل، ويجنّدون أيضاً أشخاصاً لبناء دولة. لم يسبق أن استخدم تننظيم جهادي الدعاية والتواصل بقدر ما تفعل الدولة الإسلامية. ومن أبرز أسلحتها مقاطع الفيديو التي تبثّها. هناك شقّان: التواصل الرسمي الذي يمرّ بالوسائط الإعلامية الثلاث: وكالة الفرقان للأخبار التي بثّت مقطع الفيديو يوم الأحد، ومؤسسة الاعتصام، ومركز الحياة المتخصص بالترجمة المتعددة اللغات للمضمون الذي تنتجه الوسيلتان الأخريان والذي يُصدر مجلة الدولة الإسلامية، دابق. والشق الثاني هو التواصل غير الرسمي، أي أشخاص ينشرون عبر الإنترنت صوراً ومقاطع فيديو مستمدّة من حياتهم اليومية، ويحضّون الآخرين على الالتحاق بهم، ما يمارس تأثيراً كبيراً على الشباب، فهم يتماهون معهم". أضاف تومسون: "في الواقع، غالبية الوافدين الجدد لا يتكلّمون اللغة العربية. لهذا غالباً ما يتوزّعون في مجموعات على أساس اللغة، فالفرنسيون ينضمون إلى المجموعات الفرنكوفونية. بعضهم يأخذون دروساً في الميدان، حتى إنهم يتلقّون دروساً في الدين. وبعضهم يكتسبون مستوى جيداً جداً في اللغة العربية، لكن الأكثرية لا تتكلّم العربية. لا ينضم جميع الفرنسيين إلى الجبهة الأمامية. يمكن أن يلتحقوا بالشرطة أو الإدارة أو يُكلَّفون توزيع المواد الغذائية... تحتاج الدولة الإسلامية إلى أعداد كافية من المجنّدين للدفاع عن أرضها وتوسيعها".



سؤال: يصعب أن نصدّق أن هؤلاء الأشخاص ينضمون إلى التنظيم بعد مشاهدة الصور ومقاطع الفيديو التي تُظهر تلك الفظائع؟ كيف لهم أن يرغبوا في ارتكاب أفعال مماثلة؟ لا بد من أن هناك عوامل مختلفة تجذبهم للذهاب إلى هناك؟



تومسون: كل واحد من مقاطع الفيديو هو عامل استقطاب لجميع أنصار "الدولة الإسلامية". يستمتعون به ويطلقون النكات حوله. مثلاً، في ما يتعلق بمقطع الفيديو الذي نُشِر أمس، أقام كثرٌ بينهم مقارنة بين السكاكين وبرنامج الطهو Top Chef... هذه المقاطع هي التي تستقطب المرشّحين للجهاد. فهي في نظرهم إثبات على أن "الدولة الإسلامية" مستعدّة لفعل أي شيء من أجل مهاجمة "أعداء الله". ومقاطع الفيديو هذه هي التي تسهّل العبور إلى الفعل لأنها تجعله مبتذلاً. تتمتّع بقدرة فعلية على التجنيد.



سؤال: لماذا لا يظهر الجهاديون مقنّعين في الفيديو الأخير؟



تومسون: ليست صدفة أن تختار "الدولة الإسلامية" ظهور مقاتلين أجانب في هذه المقاطع. فهي تدرك تماماً أن وجود جهادي فرنسي يمارس تأثيراً إعلامياً ونفسياً مضاعَفاً في فرنسا، ويُرغم المسؤولين على التعليق على مقاطع الفيديو. وهذا ما يحصل فعلاً. لو لم يكن هناك فرنسي في مقطع الفيديو الأخير، لما أثار اهتماماً أكبر بالمقارنة مع مقاطع الفيديو الأخرى التي تُبَث أسبوعياً. والشيء نفسه ينطبق على المملكة المتحدة. والسبب الثاني هو جعل المجنّدين المحتملين يتماهون مع هؤلاء الأشخاص.



سؤال: تحدّثتم أمس عن احتمال وجود فرنسي آخر بين المنفّذين. هل ما زال هذا الاحتمال قائماً؟



تومسون: لا يزال هذا الاحتمال قيد الدراسة. لم يتأكد شيء بعد. لا يمكن قول المزيد حالياً.



سؤال: هل تعتقدون أنه بإمكان هؤلاء الفرنسيين العودة بسهولة إلى فرنسا؟



تومسون: الجواب هو كلا... أغلبية الفرنسيين الذين يعودون من سوريا توقفهم الشرطة سريعاً ويوضَعون في السجن. لقد توجّه عدد كبير منهم إلى القنصلية لأسباب متعددة، منها حاجتهم إلى أوراق ثبوتية (تحتفظ "الدولة الإسلامية" بجوازات سفرهم). يعودون إلى فرنسا بسبب وفاة قريبٍ لهم، أو تعرّضهم لإصابة، أو لأنهم ضاقوا ذرعاً... وعدد كبير منهم يعود أيضاً بسبب الخلافات بين المجموعات الجهادية.



سؤال: هل تعتقدون، مثل سامويل لوران (مؤلف "القاعدة في فرنسا")، أن الاستخبارات الفرنسية تعاني من العجز؟ أم على العكس يعود الفضل في غياب الاعتداءات في فرنسا (في الوقت الحالي) إلى الفاعلية التي تتمتّع بها تلك الأجهزة؟



تومسون: لست على احتكاك بعالم الاستخبارات، لذلك لا أستطيع أن أجزم في هذا الموضوع. ما يمكنني قوله هو أنه عندما غادر العدد الأكبر من الجهاديين الفرنسيين إلى سوريا في 2012-2013، أعرب لي كثر بينهم أنهم فوجئوا لتمكّنهم من مغادرة البلاد بسهولة في حين أنهم كانوا معروفين من الشرطة. لقد اعتمدت السلطات الفرنسية الاستراتيجيا الآتية: "سوف نترك الأشد خطورة يذهبون من أجل إبعاد التهديد، وفي حال عودتهم، يمكننا مطاردتهم لأنه ستصبح لدينا إثباتات ضدهم". لم تتوقّع السلطات حجم المشكلة في فرنسا.
ربما اعتقدوا أن أرض الجهاد الحقيقية كانت أفغانستان أو باكستان أو وزيرستان، إنما ليس سوريا. في حين أنه كان معلوماً منذ عام 2013، أن كوادر "القاعدة" يتّجهون نحو سوريا. ربما أساؤوا تقدير الأمور. ولم تتحرك السلطات الفرنسية إلا في ربيع 2014 بعدما وصل عدد الفرنسيين المتورّطين في النزاع السوري إلى 700.
لا بد من الإشارة إلى أنه سُجِّلت 4 أو 5 محاولات لتنفيذ اعتداءات في الأراضي الفرنسية، لكنها أُحبِطت كلها.



سؤال: هل يعرف هؤلاء الجهاديون الفرنسيون القرآن والسنّة؟ أم أنهم جاهلون على المستوى الديني؟ هل قرأوا ابن تيمية مثلاً؟ أم يعرفون فقط بن لادن والعولقي؟
تومسون: من الواضح أن ابن تيمية هو مرجع عقائدي أساسي بالنسبة إليهم... يمضي هؤلاء الشباب حياتهم في قراءة النصوص إنما في شكل عصامي، بالاستناد إلى نصوص فرنسية يتم تبادلها عبر الإنترنت. عدد كبير من الجهاديين يمارس الشعائر الدينية منذ وقت قصير، ربما منذ بضعة أشهر أو بضع سنوات. غالباً ما تكون معرفتهم بالدين مجتزأة.



سؤال: هل انضم مهندسون وأطباء وعلماء إلى "الدولة الإسلامية"؟



تومسون: لقد وجّه البغدادي، أمير "الدولة الإسلامية"، نداء إلى هؤلاء الأشخاص للانضمام إلى التنظيم، دائماً بدافع الحرص على تحقيق الاكتفاء الذاتي. لا أستطيع أن أعطي رقماً عن عدد المجندين، لكن كثراً بينهم معروفون. هناك مثلاً طالب في الهندسة من Lunel في منطقة Hérault، وقد لقي مصرعه مؤخراً في دير الزور. هناك أشخاص أكفياء ومؤهلون داخل تنظيم "الدولة الإسلامية".



سؤال: ما هي المواصفات النموذجية للمجنّدين في "الدولة الإسلامية"؟



تومسون: ليست هناك من مواصفات نموذجية، إنما هناك خصائص مشتركة. جزء كبير من الجهاديين الفرنسيين قادم من الضواحي الفرنسية الشعبية. إنما هناك أيضاً أشخاص من الطبقات الميسورة والمحظيّة. وبعضهم كانوا أشخاصاً فاعلين جداً في المجتمع قبل ذهابهم إلى سوريا.
القاسم المشترك بين عدد كبير منهم هو العودة نحو الإسلام أو اعتناق الدين الإسلامي منذ فترة قصيرة. كثرٌ بينهم مرّوا في مرحلة "الجاهلية" أي مرحلة ما قبل الإسلام. إي إنهم كانوا يخرجون مع الفتيات ويحتسون الكحول... كانوا يعيشون مثل الشباب الفرنسيين الآخرين. ثم حصلت قطيعة ما والتحقوا بالإسلام. وبعضهم كانوا منحرفين في السابق ويعتبرون العودة إلى الإسلام بمثابة توبة.
لكن الوضع مختلف بالنسبة إلى الفتيات: معظمهن من طبقات ميسورة وتحوّلن نحو الدين الإسلامي.


متوسط أعمار المجنّدين هو 25 عاماً. ويمكن أن يبدأ الجهاد في سن أصغر. أعرف شخصَين بدآ يظهران اهتماماً بالجهاد منذ سن 11 عاماً.



سؤال: ما دور الفتيات اللواتي يذهبن إلى سوريا؟ هل يقاتلن؟



تومسون: كلا. لا يحق لهن القتال، حتى لو كانت بعضهن يرغبن في ذلك. هذا لا يعني أنهن لن يحاربن ذات يوم. لكنهن تحملن السلاح دفاعاً عن النفس. مهمتهن تنشئة الأولاد على ثقافة الجهاد، وجعلهم مشاريع مقاتلين في المستقبل. كما أنهن ناشطات على الإنترنت لا سيما من أجل استقطاب مزيد من الشابات للانضمام إليهن. وفي الرقة، هناك أيضاً كتيبة نسائية في الشرطة مهمتها تطبيق الشريعة.



هل هناك "كتيبة فرنسية" أو بالأحرى "فرنكوفونية" داخل "الدولة الإسلامية"؟



نعم. في البداية، أنشئت الكتائب الفرنسية لأن الفرنسيين لا يتكلّمون العربية. وكان الهدف أن يتمكّن الجميع على
الجبهة من فهم الأوامر، لا سيما وأن التنظيم تكبّد خسائر بسبب عدم قدرة البعض على فهم اللغة. كانت هذه الكتائب تضم فرنسيين وبلجيكيين وسويسريين... وكانت هناك أيضاً كتيبة فرنسية في "جبهة النصرة". لكنني لا أملك معلومات محدّثة حول هذا الموضوع.



سؤال: هل لا يزال هناك رهائن غربيون محتجزون لدى "الدولة الإسلامية" في سوريا؟ ومن هم؟
هناك نحو 15 رهينة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم