الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"لا بكاء" رواية الحرب الإسبانية تحصد "غونكور" 2014

المصدر: " النهار "
رلى راشد
A+ A-

مُنحت "غونكور" 2014 للسيدة المولودة من رحم طفلة تَحدّثت لغة فرنسية مُتعثّرة شابتها اللهجة الإسبانية. ربما يكون تاليا الإمتياز الأدبي، انتقام المرأة الناضجة للفتاة التي تعرّضت للمهانة بسبب هذا التقصير اللغوي، وعرَفت الخشية من التهميش الإجتماعي على خلفية الإنتماء إلى بيئة عُمّالية وعلى خلفية النشأة في منزل بسيط كاد أن يُشعرها بالعار.


لأكثر من تفصيل، لم تكن الكاتبة ليدي سالفير تاليا، الإسم الأوفر حظا لنيل قبلة الجوائز الأدبية الفرنسية الـ "غونكور"، وإن تبدّت الهوية التأليفية المُعترف باستحقاقها لأعوام خلت. تردّد ان التكريم، في نسخته هذه، ربما يذهب في اتجاه كاتب جزائري يُعبّر بالفرنسية وتجاسر على التقرّب من جدارية العلاقة الجزائرية الفرنسية الملتبسة الملقاة في مناخ العبَث: "الغريب". بدا الجزائري كامل داوود الذي أعاد التصدّي لنص ألبير كامو المحوري ليستنبط "مورسو: تحقيق مضاد"، على مقربة من الجائزة، غير ان الكلمة الفصل قيلت في النهاية، قبل ساعات قليلة، ليذهب الإمتياز صوب قسط من أوروبا القريبة، مُتمهلا عند تجربة روائيّة تتعامل مع إسبانيا المُعتقلة في براثن النظام الفرنكوي (نسبة إلى فرنكو).


منذ السطور الإستهلالية لرواية ليدي سالفير "لا للبُكاء" (الصادرة لدى "سوي") نستدرج إلى مناخ النضال الإجتماعي وإلى مطرح جغرافي وزمن تاريخي يلائمانه تماما. نقرأ "بإسم الآب والابن والروح القدس، يَرفَع سيادة المطران ورئيس أساقفة بالما يَدَه المُجلّة حيث يلمع الخاتم الرعوي، ليدلّ القضاة إلى الفقراء السيئيين. يخبرنا بذلك جورج برنانوس. الكاثوليكي الورع. نحن في إسبانيا في 1936. توشك الحرب الأهلية على الإندلاع، وأمي واحدة من هؤلاء الفقراء السيئيين. الفقيرة السيئة هي الفقيرة التي تتكلم. في 18 تموز 1936، تفتح والدتي فمها لأول مرة في حياتها. تبلُغ الخامسة عشرة وتقيم في احدى قرى كاتالونيا العليا المَنسية، وحيث يتمسّك مَلاّكو الأراضي ومنذ قرون عدة، بالإبقاء على عائلات كمثل عائِلَتها في فقر مدقع".
تنبش الكاتب الفرنسية ها هنا في إرثها العائلي وهي المتحدرة من ثنائي إسباني جمهوري تعرّض للنفي إلى جنوب فرنسا. تعود إلى الجذور إذا. تستدعي مواطنها في الكتابة جورج برنانوس الكاثوليكي أيضا، المؤيد للملكيّة والشاهد على إرتكابات نظام فرنكو. تستحضره بغية أن تأتي بوجهة نظر إضافية، إزاء قصة الحرب المريرة التي لم تسكتُ أوجاعها بعد. في حين يضارع كلام برنانوس، صوت أمها مونسي.


عند الحديث عن النسب التأليفي والشغف الروائي تسمّي سالفير إلفريدي يلينيك وتذكر أيضا ميشون وإريك شوفييار بسبب قدرته على "البوح بأمور مهمة تحت ستار الفكاهة".


نجد في رصيد الكاتبة عنوان "سبع نساء" بينما تُبرز في جميع نصوصها نماذج ذكوريّة مستبدة لاسيما لجهة الأبّ، تأتي كصدى لتجارب أبناء ذاكرتها السقيمة. بين روايتها الأولى "التصريح" (1990) وبين الرواية المكللة بالفوز المرجو "لا بكاء"، حقبات من التنقيب عن الصوت الكتابي الأجدى. أعوام دأبت خلالها سالفير، الطبيبة النفسانية قبل أن تصير الكاتبة، ترصد دواخل الناس. ربما تكون في "لا بكاء"، وصلت إلى قعر روحها وتصالحَت معها، في قالب لغوي يمزج بين القشتالية والفرنسية، تمرين يصلُحُ إجهارا علنيّا، ربما.


[email protected]


Twitter: @Roula_Rached77


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم