الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

درباس لـ"النهار": الحرب انتهت شمالاً والوحش قتل مَن ربّاه الحكومة لم تفقد زمام المبادرة والسنّة بيئة حاضنة للجيش

برلين - أحمد عياش
A+ A-

الساعات الأربع التي أستغرقتها رحلة الطائرة التي حملت رئيس مجلس الوزراء تمام سلام والوفد المرافق الى برلين للمشاركة في المؤتمر الدولي للاجئين السوريين، كانت فرصة لطرح محنة الشمال الامنية مع وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي رافق الرئيس سلام وهو أحد وزراء طرابلس في الحكومة.


ما طرحه الوزير درباس من أفكار على علو آلاف الامتار بدا عاليا في النظرة الى ما جرى من احداث في الشمال ومستقبل الامور هناك. فعندما سئل هل انتهت الحرب في الشمال كان حازما في الجواب: "نعم خلصت الحرب والحمد لله. إن رأيي في كل المقاربات التي تحدث في الشمال والمناطق السنيّة تحديدا هو ان السابع من أيار ليس ممحواً من ذاكرة الناس. وعندما كانت جمرته تخمد يأتي أناس ليشعلوها. وهذا ما كان يعبّر عنه في بعض الاحيان في طرابلس مع الاسف كبدائل من الصراع مع الاطراف الاصلية، فاختاروا الصراع بين العلويين وبعض الاطراف المتحالفة مع "حزب الله" وبين أهل التبانة والسنّة، فتطورت الامور حيث صار للصراع مؤسساته، أي صار في التبانة محاور وقادة محاور وقيادة أركان. فتدخلت قوى سياسية كثيرة وشاركت وبذلت مالا ظنا منها في فترة من الفترات أنها تعزز مواقعها الشعبية، لكن أحدا لم ينتبه الى أن معظم الحواة الذين كانوا يروضون أفاعي ماتوا بلسعات الافعى. مع الاسف، في بعض الاحيان كان الاهل الطيبون في بعل محسن الفقراء وهم جزء لا يتجزأ من النسيج الطرابلسي، قد زجوا فى الصراع. وعندما جاء الحزب العربي الديموقراطي، أوحى لهم أنهم في خطر وأنهم بحاجة الى مَن يحميهم. وهكذا صرنا أمام قطبي حماية. فهناك من يحمي العلويين هو الحزب العربي الديموقراطي، وهناك من يحمي السنّة وهم قادة المحاور. أنا أعتقد انه كانت هناك مصالح متبادلة لإدامة هذا الصراع للسيطرة على المدينة. وفي لحظة من لحظات التوافق، تمت الخطة الامنية في طرابلس وسافر الحزب العربي الديموقراطي وتم اعتقال قادة المحاور فلم نجد أن أهل التبانة في حاجة الى حماية من قادة المحاور ولم نجد أن أهل بعل محسن بحاجة الى حماية من الحزب العربي الديموقراطي. وهكذا رأينا في المعركة الاخيرة أن بعل "أجنبي" لا علاقة له بما يجري. فكان هذا الدليل القاطع والساطع أن كل الكلام السابق كان كاذبا. ولننتبه أنه من أجل تزكية هذا الصراع كان هناك أناس عندهم حالة الاستثمار للتفاعلات ظنا منهم أن بإمكانهم أن يخطفوا الحالة السياسية على البارد. ونعلم أن تنظيم "القاعدة" منتشر وموجود وله فروع في كل مكان وهو في جزء منه مخلّق، وأنا سميّته وحشا الكترونيا مخلّقا وراءه "كونسورسيوم" دولي طويل وعريض، لكن كأي وحش تروضه قد ينقضّ عليك".
وأضاف: "في مرحلة من المراحل راحوا يستثمرون ويؤججون ان هناك ظلما من "حزب الله" وهيمنته على البلد. وظنوا أنهم سيلقون احتضانا من المجتمع لكنهم فوجئوا وعلى عكس ما ظنوا بأن كل المواطنين ضدهم فصوبوا على أولاد معارضيهم. فرأينا أن معظم الجنود الذين استشهدوا هم من السنّة، وأول رأس قطع هو ابن مختار فنيدق مما يدل على أن هؤلاء لا يميّزون بين سنيّ وبين شيعيّ. إذاً يجب إعادة الامور الى نصابها فنقول إن المجتمع المركب بصورة تقليدية منذ قديم الزمان وله دائرة علاقات ومؤسسات تربوية وإقتصادية وغيرها، غير مستعد ليبيع هذا الاستقرار المتراكم عبر قرون لمشروع عنوانه نسف هذا الميراث. لذلك انفضّ الناس من حولهم وقام الجيش بواجبه تجاههم في طرابلس. وقد قلت ذلك مرارا، إنه ليس بإمكان أي كان أن يشاهد مناما في قندهار فيأتي لتفسيره فيها. فطرابلس ثغر ولا يمكن أي ثغر أن يكون منطويا. وبعد أول مرة وثاني مرة وثالث مرة تثبت هذه الطائفة ويثبت زعيمها منذ أن قتل رفيق الحريري وفي حرب نهر البارد انها وقفت وقفة صارمة مع الجيش. هكذا كان موقف سعد الحريري مرارا والآن موقف رئيس الحكومة الذي أعطى تعليمات صارمة للجيش ليستمر ومشددا على أن إمكانات الدولة حاضرة لهذه الغاية. ومع ذلك تنشر مقالات تعترف بهذا الواقع لكنها تقول انه لو أنك دخلت على قلوبهم لوجدت أنهم غير ذلك. ما هذا الكلام؟ كل كلام يقال عن بيئة حاضنة للتطرف صار بذيئا ومفتريا وأنا أعتبره عدوانا".
سئل: هل كانت لديكم معطيات أن شيئا يدبر قبل ان تقع حوادث عاصون؟
فأجاب: "نحن غير مطلعين على الاسرار الامنية، لكن كنا نتابع الاعتداءات اليومية على الجيش مما يكشف ان هناك أناسا منظمين وهناك من يعطيهم الاوامر. لكن أحسن شيء قد تم هو أن الحكومة والجيش لم يفقدا زمام المبادرة وهذا هو السر وراء إنقلاب المعادلة. وأنا أقول انها الان لحظة لأخاطب كل القوى السياسية فأقول ان كل المكونات اللبنانية جاهزة لتسوية تاريخية بمعنى انه علينا أن نعود ونراهن على لبنان، وهذا اللبنان له مرجعيته هي الدستور اللبناني والطائف، وإذا كان هناك من تعديل فيأتي الكلام عليه عندما تكون البلاد رايقة. ان الدستور الذي لم يتح لنا أن ننفذه فلنسع الى ذلك. كما نعود الى مبدأ النأي بالنفس وكلام إعلان بعبدا وهذا هو وقته. فمن أعده في ذلك الوقت كان يتمتع ببعد نظر. لأن أي انغماس في الصراع السوري سيأتي به الينا. صحيح ان هناك من يقول انه قام بخطوة إستباقية لكن مثل هذه الخطوة تعجّل أحيانا بمجيء المصيبة الينا. إنني أرى في ضوء ما يجري في سوريا ان تسوية ستحصل فيها، فهل يستطيع لبنان ان يبقى على قيد الحياة فيستفيد من هذه التسوية ولا يكون ثمنا لها؟".
وماذا عن الجدل في دور جهاز مخابرات الجيش؟ وهل ما جرى في الشمال كان لكي يلمّع هذا الجهاز نفسه؟ أجاب الوزير درباس: "كل جهاز تابع للدولة عندما يلمّع نفسه فكأنه يلمّع الدولة كلها. انني عندما اطمئن الى ان الاجهزة تقوم بواجباتها كما يجب، فهذا يسمح لي بأن أقوم بعملي إذ ليس شغلي أن أقوم مقام الاجهزة. كما ان جيشنا يثبت جدارته وهو متماسك. وعندما قال وزير الداخلية إننا لسنا صحوات فذلك لأنه لسنا في غيبوبة. انني أعتبر نفسي رجلا وطنيا ومع ذلك فأنا وزير سني في الحكومة ومن بيئة سنيّة هي مع الدولة وقد فشلت هذه البيئة على مدى تاريخها في تشكيل ميليشيا وهذا فشل حميد".


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم