السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

انقذوا بزيزا

المصدر: بزيزا – الكورة: "النهار"
A+ A-

لم تنفع كل الضغوط الإعلامية والمدنية والأهلية في ثني معمل لعصر الزيتون في بزيزا، قضاء الكورة، عن مواصلة ارتكاب جريمته البيئية. فها هو دخانه السام لا يزال يمارس "حريته" المطلقة في الأجواء، وها هي بقايا مواده تتسرب إلى الأرض فتبيد إمكانات الحياة فيها، وها هي البلدة تواجه من جرّاء ذلك خطر التسمم على المستويين، البيئي الطبيعي والصحي البشري.


فمعمل عصر الزيتون هذا، المشيّد في سهل البلدة المذكورة، وعلى مجرى نهرها، يستخدم مادة محرّمة عالمياً، كانت منظمة الصحة العالمية قد منعت استعمالها منعاً باتاً، بسبب نتائجها الكارثية على المياه الجوفية وعلى المزروعات والبيئة البشرية والطبيعية.


وعلمت "النهار" أن المادة المستخدمة تحمل اسم "إكزان"، وهي تحرق الأرض وتقتل مزروعاتها وتسمم مياهها.


وكان موقع "النهار" الالكتروني قد نشر قبل أيام خبراً مفاده أن معملاً لعصر الزيتون في بزيزا الكورة يصنّع نفاياته فتتحول إلى بؤرة كيميائية تتسرب إلى التربة وتنتشر في الجوّ، وهي ذات آثار سرطانية مدمّرة، بحسب الاختصاصيين والأطباء.


فالمعمل الذي يحوّل البقايا الناجمة عن عصر الزيتون إلى "جفت"، فيتسبب بإحداث نسبة تلوث كبيرة جواً وأرضاً، يصل إلى المياه الجوفية، يجعل البلدة الصغيرة الوادعة الغارقة في التاريخ والآثار والمصنّفة على الخريطة السياحية الوطنية، رهينة المرض والموت والفجيعة.


المصنع الذي رفض المجلس البلدي منحه أي شكل من أشكال الترخيص في قرارات متتالية، استطاع استمالة سياسيين لإمرار مشروعه الذي بات يشكل نكبة بيئية بكل ما للكلمة من معنى. فهو حصل على رخصة من أحد وزراء الصناعة السابقين، والفضيحة الكبرى تتجسد في استحصاله على رخصة لاستثمار مجاري النهر، في بلدة تتدخل مديرية الاثار في منح رخصة بناء سكني، فكيف في إنشاء مصنع لا يستوفي أدنى الشروط البديهية، ويضرب بعرض الحائط شتى المعايير المطلوبة.


المفارقة أن البلدة التي يلوّث المصنع المذكور نهرها ويرمي نفاياته فيه وينفث سمومه في الهواء حاملاً الروائح الكريهة في الأجواء وصولا إلى بيوتها ومزروعاتها، سبق للدولة أن أصدرت طابعاً بريدياً حمّلته رسم معبدها الروماني الذي استقطب، ولا يزال، الكثير من السياح وعلماء الآثار والمستشرقين والرسّامين الأجانب، منهم أرنست رينان، ولابورد الذي رسم الهيكل الأثري بحجارته الضخمة وأعمدته المتعالية.


يخشى أهل البلدة التي ترتاح فيها النواويس الأثرية والمطاحن المائية العتيقة من ازدياد نسبة الإصابة بالأمراض السرطانية، كالأورام والتشوهات الخلقية وشلل الأطراف واضطراب الأعصاب، بالإضافة إلى أمراض الجهاز التنفسي والعقم، وهي تنتج من التلوث المستفحل في الهواء والماء والتربة.
المجلس البلدي الذي سبق ورفع اعتراضات وشكاوى عدة من دون جدوى، يناشد مع عموم أهل البلدة وفاعلياتها الروحية والمدنية المعنيين في وزارات الصناعة والبيئة والسياحة والصحة، التدخل الفوري لرفع الضرر ووقفه.


ومن المقرر أن تصعّد الفاعليات الروحية والأهلية في البلدة، بنسيجها المتنوع، تحركها، وأن تصدر عنها توجيهات مباشرة في هذا الشأن، مما يستوجب معالجة سريعة قبل تفاقم الأمور وخروجها على السيطرة.


... من المفارقات العجيبة، أن النظام السوري نفسه، كان قبل اندلاع الثورة ضدّه، قد حرّم مصانع عصر الزيتون من تصنيع بقاياها تجنباً للكوارث المشار إليها.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم