الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

حكاية سهرة وقهوة في صورة

"النهار"
A+ A-

من المعروف أن بيروت التاريخيّة كانت قابعة داخل سور من الجهات الأربع لحمايتها، ولها سبعة أبواب، وكل ما هو خارج سورها كان يسمّى بظاهر بيروت ويصنَّف على أنه ضواحٍ لها.


أغلب تلك الضواحي كانت عبارة عن بساتين ومزارع وتلال وجلول زراعيّة مسوّرة بأشجار الصبير والجميز والقصب. لذا كان من الطبيعي أن تُنسَب أسماء كثير من المحلات والأزقة إلى أسماء تلك الأشجار، تمامًا مثل الجميّزة.


تاريخ الجميّزة وحاضرها
ظهر شارع الجميّزة كحيّ سكني في العام 1850، يُعتبر جزءًا من منطقة الصيفي، وهو من أطول الشوارع اللبنانيّة القديمة.


كانت الجميزة أشبه بقرية هانئة في وسط مدينة بيروت الصاخبة، تحاول مجاراة الحداثة والحفاظ على طابعها التراثي من خلال كنائسها السبع، والمدارس التاريخيّة، ومحترفات الخزف، ومحال حرف التجارة والحدادة، وبيروت الحقبتين العثمانيّة والفرنسيّة.


كان ذلك، قبل أن تغزوها موجة الاستثمار السياحي منذ العام 2002، لتصبح عنوانًا للسهر والحياة الليليّة، ما أدى إلى تعديل جذريّ في هوية التصميم الأنيق لمعالمها التاريخيّة والتراثيّة، ونمط الحياة الذي كان بعيدًا من الصخب والضجيج والزحام.


مميّزات الشارع
يتميّز الشارع بوجود بعض المعالم فيه، أبرزها درج "مار نقولا" الذي صار يعرف بـ"درج الفن"، الذي كان ممرًا ترابيًا يختبئ فيه الهاربون من الأتراك، الذين تداركوا الأمر وسوّروه بالحجار ليصبح أشبه بجسر غير مرتفع. ثمّ عاد ليكون ملاذًا للهاربين من جنود الانتداب الفرنسي. لم يصبح هذا الدرج 202 درجتين إلّا في الستينات. وطبعًا طاولته الحرب الأهليّة، قبل أن يرمّم في العام 1999 بهدف تحويله مساحة فنيّة. وهو اليوم مهدّد بالزوال أمام نيات هدمه وتحويل مساحته إلى مبنى حديث الطابع.


كذلك كانت "قهوة القزاز" من أبرز معالم الشارع قبل أن تقفل منذ بضع سنوات. تاريخ المقهى يعود إلى 1929 حيث كان عبارة عن خيمة ليتحوّل لاحقًا إلى مقهى من الزجاج ويصبح ملتقى أهل المنطقة والأحياء المجاورة. في العام 1945 استثمر المقهى ليستقطب أبناء المنطقة الأرستوقراطيين وكبار القوم والوجهاء والسياسيين، أمثال الشيخ بيار الجميل، والرئيس صائب سلام، والرئيس كميل شمعون، وفؤاد بطرس، وميشال ساسين، والأمير مجيد أرسلان وغيرهم. أقفل المقهى مع بداية الحرب اللبنانيّة، ثم أعيد افتتاحه في مطلع الثمانينات. وبعد العام 1992 نفض غبار الزمن والحرب عنه ليستقبل مجددًا زوّاره ورواده القدماء والجدد. كان مقهى "قهوة القزاز" أول من استقبل النساء في بيروت لتناول القهوة وتدخين النرجيلة ولعب الورق والنرد (طاولة الزهر)، سامحًا بالاختلاط بين النساء الرجال، مخالفًا التقاليد الاجتماعيّة المانعة لذلك.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم