السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

"منقوشة" توصل إلى زواج في السبعين

المصدر: "النهار"
فيفيان عقيقي
A+ A-

كانت في سنّ الخمسين وهو في سنّ السبعين عندما تزوّجا. لم ترتبط به إلّا بعد أن أحبّته واقتنعت به. فتوافر عاملا الحبّ والتفكير العقلاني ليكملا حياتهما معًا. اليوم تمرّ السنة السابعة على زواجهما، وهما يعيشان بأجواء من الحبّ والاحترام والقناعة والعشق، أي كلّ ما تتطلّبه حياة الثنائي ليشعر بالسعادة في كلّ لحظة.


منقوشة فحبّ وزواج
تروي ريما لـ"النهار" كيف تعرّفت إلى جان، وتقول: "البداية كانت مع منقوشة. كنت أملك وعائلتي فرنًا ونعدّ المناقيش على الصّاج، هناك تعرّفت إلى جان الذي استوقفته رائحة المناقيش الطيّبة، فقرّر التلذّذ بمذاقها. كان برفقة أولاده وشقيقه وشقيقته وأولادهما. أعددت لهم المناقيش والقهوة، وما يميّزني أنني مرحة فأصروا عليّ لأجالسهم وأشرب القهوة معهم، فتبادلنا أرقام الهاتف، وصرت صديقة ابنته. لأعرف لاحقًا أن سمرتي لفتته وأعجب بي ويريد التقرّب مني".


من خلال الصداقة التي توطّدت بين ريما وابنة جان، تعرّفت إليه شخصيًا، وتطوّرت مشاعر الإعجاب بينهما وتحوّلت إلى حبّ، قادهما إلى زواج. وتقول ريما: "لم يكن يفكّر في الزواج مرّة أخرى بعد وفاة زوجته، ولا أنا كنت أبحث عن زواج عقل بسبب تقدّمي في العمر، لكن مشاعر الحبّ التي ولدت بيننا أسفرت عن زواجنا السعيد. خفت بداية من الفكرة لأن لديه ثلاثة أولاد من زواجه الأوّل. ولكنني عاشرتهم قبل الزواج وتعرّفت إلى طباعهم وهم تعرّفوا إلى طباعي. كما أن حبّه لي وللحياة، وكرمه، والثقة الموجودة بيننا شجّعتني على اتخاذ هذا القرار. لقد تزوّجنا عن حبّ وقناعة".


أحبّ كلّ ما فيه
تصف ريما جان بالرجل الكامل من حيث الثقافة واللياقة والنظافة والكرم، فيما يجد فيها المرأة المرحة واللطيفة التي حرّكت مشاعره بعد سنين طويلة. لكنها تنزعج أحيانًا من هدوئه أمام بعض الأمور والمشكلات، فيما هو ينزعج من إصرارها على القيام بالواجبات الاجتماعيّة. غير ذلك، لم تطرق المشكلات بابهما يومًا، وتقول ريما: "لا أبالغ إن قلت إننا لم نتشاجر يومًا، ليس هناك مشكلات بيننا، فعلاقتنا مبنية على الثقة العمياء، ونبذ الغيرة، والتصرّف بحكمة ووعي، إضافة إلى الحبّ الكبير بيننا. لا نختلف على شيء. أؤمن كلّ حاجاته شخصيًا، لناحية تحضير طعامه والعناية بأغراضه وإعداد القهوة له، وهو يقوم بكلّ ما يريحيني ويفرحني".


بيتي خطّ أحمر
تعتبر ريما أن بيتها خطّ أحمر لتصف علاقتها بأولاد جان الأربعة (3 فتيات وصبي)، فلا أحد يتدخّل في حياتها الزوجيّة، كما لا تتدخّل هي في حياة غيرها، وتقول: "ابنته صديقتي وسندي في الحياة، نقدّم النصح لبعضنا، لكن أحدًا لا يتدخل في حياتي الزوجيّة وبيتي، ولا أنا أتدخّل في حياة أحد. سيّرت حياتي وفق مبدأ أن المتكبر يدخل نفسه بمشكلات جمّة هو بغنى عنها، بينما عزيز النفس يبقى مرتاحًا. والحمدالله أنا سعيدة في منزلي ومع زوجي".


عقدة الأمومة
وعن إشكاليّة عدم إنجابهما الأولاد، تردّ ريما: "لم أزر الطبيب يومًا ولم أخضع لأي علاج، أتكل على مشيئة الله، فإذا أراد أن يرزقني بولد سيقوم بذلك، وإذا لم يُقدّر لي ذلك فأنا راضية. أعوّض إحساس الأمومة مع أولاد أشقائي وشقيقاتي وأحفاد جان. في عيد الأمّ لا أبكي على مشاعر الأمومة وإنّما على أمي التي ماتت. الموضوع لا يشكّل عقدة لي. فكلّ إنسان يعيش ما كتبه الله له".


لا عمر ولا قانون للحبّ
في هذا السياق، تعلّق رئيسة قسم العلوم الاجتماعيّة في جامعة الروح القدس – الكسليك، الدكتورة ميرنا عبود مزوّق، على قصّة الثنائي جان وريما لـ"النهار"، وتقول: "من الواضح أن كلاهما لديه خبرة في الحياة، ويدرك أن الزواج ليس فرض واجب، وقرّرا بناء هذه المؤسّسة عن قناعة وحبّ. جان لديه الخبرة من زواجه الأوّل، وريما لأنّها نضجت ولو لم تتزوّج سابقًا. وهما مقتنعان أن لا قيمة لأي زواج من دون حبّ".


وتضيف مزوّق: "العلاقة الإنسانيّة هدفها الانتعاش المتبادل، ويقدّم الزواج حاجات أساسيّة للإنسان هي الأمان العلائقي والجسدي والعاطفي، والاستقرار، والعلاقة العاطفيّة، ولا يمكن لأي مؤسّسة تقديم هذه العناصر أو إعطاء الوظائف الإيجابيّة المترتبة عنها، غير مؤسّسة الزواج. وفي النظر إلى الثنائي جان وريما، من الواضح أنهما وجدا في بعضهما ما يسدّ هذه الحاجات وما يؤمن العناصر النفسيّة والعلائقيّة والاجتماعيّة المذكورة. فالحبّ لا عمر له، وليس لعبة، بل هو عيش مشترك وعاطفة، يكبر مع الوقت ولا يصغر. ولا توجد موانع للحبّ في سنّ متقدّمة، لأنه يبنى على نضوج، وتتوافر فيه كلّ العناصر المكوّنة له من الإتفاق إلى الانجذاب والتفاهم".


زواج عن حبّ أم غاية؟
لا شكّ في أن قصّة ريما وجان السعيدة مُشجّعة، لكن ما هي تبعات الزواج في سنّ متقدّمة على الصعيد النفسي والاجتماعي، وما هي إيجابيّاته وسلبيّاته خصوصًا لناحية صعوبة الانجاب؟


يقول الاختصاصي في علم النفس، الدكتور روجيه بخعازي، لـ"النهار": "بداية يجب التمييز بين من يتزوّج للمرّة الأولى في سنّ متقدّمة، وبين من عاش حياة عاطفيّة ويعيد تجربة الزواج. في الحالة الأولى هناك إشكاليّة لأن أغلب من يتزوّجون للمرّة الأولى في سنّ متقدّمة، لا يكون زواجهم مبنيًا على حبّ، وهو ما يطرح علامات استفهام عدّة حول الغاية من هذا الارتباط؛ هل تزوّج الرجل من تخدمه؟ هل تزوّجت المرأة لتعثر على معيل لها؟ هل تزوّجا ليكفيا بعضهما؟ هل عاش هذا الإنسان تجارب عاطفيّة فاشلة في سنّ صغيرة أخّرت زواجه؟ هل كانت المواصفات المطلوبة للشريك كثيرة ومتطلّبة؟ لكن عمومًا، لا يعني ذلك أن كلّ الزيجات في سنّ متقدّمة ليست مبنية على حبّ وقناعة ووعي لنقاط مهمّة في الحياة الزوجيّة. أمّا في الحالة الثانية، يكون لدى الإنسان نضوجٌ عاطفيٌ اكتسبه من علاقاته السابقة فيبحث عن شريك له يساعده ويماشيه في الموضوع".


تأثيرات وانعكاسات
ويضيف بخعازي: "لهذا الزواج إيجابيّات كثيرة؛ علاقات الثنائي الاجتماعيّة تكبر وتنمو، زواجهما يُحكم بنضوج ووعي أكبر لمجابهة المشكلات والمطبّات، خصوصًا في حال كانت لديهما تجارب عاطفيّة سابقة، إضافة إلى كفاية متطلبّات بعضهما على كل الأصعدة. أمّا بالنسبة إلى صعوبة الانجاب، لا شكّ في أن الموضوع مطروح ومعلوم لديهما قبل إقدامهما على هذه الخطوة، فإمّا أن يكونا قد اتفقا على تبني طفل أو الخضوع لعلاجات طبيّة مُساعدة على الحمل، أو أنّهما توصلا إلى تسوية لتقبّل الوضع ودرء المشكلات التي قد تنجم عنه".


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم