الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

قانون الإيجارات الجديد: بين النص والتطبيق

المحامي إيلي آصاف
A+ A-

صدر قانون الايجارات الجديد في تاريخ 2014/5/9 وتم نشره في الجريدة الرسمية – ملحق العدد 27 – في تاريخ 2014/6/26، وقد نصّت المادة 58 منه على العمل به بعد ستة أشهر من تاريخ نشره. وفي تاريخ 2014/7/11 تقدّم عشرة نوّاب بمراجعة طعن أمام المجلس الدستوري طالبين وقف العمل فيه وإبطاله. وفي تاريخ 2014/8/6 أصدر الملجس الدستوري قراراً قضى برد المراجعة لجهة الأسباب المدلى بها في شأن إصدار القانون وإقراره بمادة وحيدة لجهة العدالة الاجتماعية والمساواة والأمان التشريعي والحقوق المكتسبة وحرية التعاقد آخذاً بأسباب الطعن لهذه الجهة، وأبطل المواد 7 و13 والفقرة – ب 4 – من المادة 18 من جهة أخرى، وهي المواد التي نصّت على إنشاء لجنة خاصة للنظر في استفادة المستأجرين ذوي الدخل المحدود من الصندوق الخاص للإيجارات السكنية.
فالسؤال عن معرفة إمكان تطبيق أحكام القانون الجديد بعد صدور قرار المجلس الدستوري.
يرى البعض أن هذا القانون قد علّق مفعوله بسبب الإبطال الذي تناول بعض أحكامه على أساس أنه شكل بمواده الـ 58 وحدة متكاملة، فإذا أبطلت بعض هذه المواد وجب تعليق تنفيذ سائر المواد. فيما يذهب البعض الآخر، ونحن منهم بصرف النظر عن أية اعتبارات جانبية، الى اعتبار أن القانون واجب التطبيق في كل المواد التي لم يتناولها الإبطال، وأسباب ذلك تعود الى:
1 – أن المجلس الدستوري لم يقضِ لا في قراره النهائي ولا قبله بوقف تنفيذ القانون المطعون فيه على رغم الطلب الذي تضمنته مراجعة الطعن.
2 – أن المواد التي أبطلت ليست بالمواد الجوهرية المؤثرة في تطبيق القانون ونفاذه.
3 – أن إلغاء اللجنة الخاصة يُعيد الصلاحية الى المحاكم العدلية التي تتمتع أصلاً بالصلاحية المطلقة للنظر في كل النزاعات غير الملحوظة في نصوص أخرى Plenitude de Jurisdiction، وهي في هذه الحال القاضي المنفرد المدني الناظر في قضايا الايجارات.
وهكذا، يمكن التأكيد أنه اعتباراً من تاريخ 2014/12/26 فإن قانون الايجارات الجديد سوف يكون نافذاً ومستوجباً التطبيق بكل أحكامه وبنوده باستثناء طبعاً ما يتعلّق باللجنة الخاصة المقضي بإلغائها.
أما أبرز ما تضمنه هذا القانون فهو الآتي:
I – إنشاء صندوق خاص لمساعدة المستأجرين الذين لا يتعدى دخلهم الشهري ضعفي الحد الأدنى للأجور بحيث يسدّد الصندوق عنهم الزيادات القانونية طيلة مدة العمل بأحكامه.
II – تمديد إجارة الأماكن السكنية لمدة تسع سنين يصار بعدها الى تحريرها بحيث تصبح خاضعة لحرية التعاقد المطلقة.
III – تحديد الزيادات القانونية بـ15% من قيمة فارق الزيادة بين البدل المعمول به وبدل مثل المأجور في السنوات الأربع الأولى، وبـ20% من قيمة هذا الفارق في السنتين الخامسة والسادسة، وببدل المثل كاملاً في السنوات السابعة والثامنة والتاسعة. على أن يحدد بدل المثل بنسبة 5% من قيمة المأجور، كما لو كان شاغراً.
IV – تحديد تعويضات الاخلاء بداعي الهدم وإعادة البناء بـ6 مرات بدل المثل ولدواعي الضرورة العائلية بـ4 مرات بدل المثل.
على أن تخفض قيمة هذه التعويضات الى النصف بالنسبة للايجارات في الأبنية التي كانت موصوفة فخمة بموجب القانون رقم 67/29 والقانون رقم 74/10.
V – إعفاء مالك الأبنية التي يرغب المستأجرون فيها في تملك شققهم من رسوم الإفراز وإعفاء هؤلاء المستأجرين من رسم التسجيل ورسم الطابع ومن الضريبة على الأملاك المبنية مدة عشر سنين من تاريخ تملّكهم.
أما بالنسبة الى الأماكن غير السكنية فقد مدد القانون عقود الايجار فيها المعقودة قبل 1992/7/23 حتى تاريخ 2018/12/31 ولحين صدور قانون خاص يتناول أوضاعها. على أن تزاد بدلاتها السنوية بنسبة تعادل معدّل التضخم السنوي وفقاً للمؤشر الرسمي الصادر عن إدارة الإحصاء المركزي في السنة السابقة بشرط أن تتجاوز هذه الزيادة الخمسة في المئة من قيمة البدل.
إلا أن اللافت أن القانون الجديد لم يتناول الفترة الممتدة من تاريخ انتهاء مفعول قانون الإيجارات السابق رقم 92/160 أي تاريخ 2012/3/31 ولغاية تاريخ العمل به، أي حتى تاريخ 2014/12/26، مما أحدث بلبلة واسعة لدى المراجع القضائية، ففي حين تتريث بعض المحاكم في تطبيق أحكام القانون السابق بسبب انتهاء مفعوله، تعمد محاكم أخرى الى تطبيق تلك الأحكام كما لو أن القانون القديم لا يزال ساري المفعول.
حتى إن محكمة التمييز العليا المولجة بالسهر على حسن تطبيق القانون اعتبرت في قرارات حديثة لها أن القانون السابق سوف يمدد لا محال، كما درجت العادة وبنت قراراتها على نصوص قانونية غير قائمة!
الأمير الذي يحتم تدخلاً سريعاً للمشترع لهذه الناحية، كما لناحية إيجاد مخرج قانوني لمسألة اللجنة الخاصة المنشأة بموجب القانون الجديد الملغاة بقرار المجلس الدستوري انسجاماً مع القرار المذكور وتطبيقاً لاحكامه.
وأيضاً لناحية ايجاد حل لمعضلة الأبنية التراثية التي يفترض تمكين مالكيها من استرداد مآجيرهم لقاء تعويض عادل بشرط ترميمها ترميماً يتناسب وأشكالها التاريخية قبل انهيارها واضمحلال معالمها.

المحامي إيلي آصاف

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم