السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

94 عاماً من صناعة الأحذية في بنت جبيل...

المصدر: بنت جبيل - "النهار"
هند خريش
A+ A-

اشتهرت مدينة بنت جبيل منذ العام 1920 بصناعة الاحذية على انواعها، وتطورت هذه الصناعة بشكل سريع لارتباط سوق المدينة بحوران وفلسطين انذاك. هذه الصناعة التي ارتبط اسمها باسم عائلات اشتهرت بتصنيعها في المدينة،  بلغت ذروة تطورها في بداية السبعينيات من القرن الماضي لتحتل المرتبة الثانية في صناعة وتصدير الاحذية في لبنان. غير انها بدأت بالتراجع اواخر التسعينيات في مواجهة الظروف الامنية والاقتصادية، من الاحتلال الاسرائيلي للجنوب الى الوضع الاقتصادي الذي عانى منه لبنان الى اليوم .
شقت صناعة الاحذية طريقها في بنت جبيل واصبحت لها سوق عرفت باسم "السوق القديمة" وسط المدينة منذ عشرينيات القرن الماضي، بداية مع انتقال عائلات كثيرة منها الى مختلف مدن وقرى لبنان وفلسطين وسوريا والاردن، حيث عملوا في صناعة الاحذية لاهلها لقاء بدل عيني من انتاج تلك البلاد، وبعض هذه العائلات استقرت نهائيا في الاماكن التي زارتها. منها من فضل الانتقال في مواسم معينة من المدينة الى خارجها ثم عاد واسس له مصانع كبيرة فيها ، وسرعان ما انتقل بعضهم اواخر التسعينيات الى منطقة برج حمود والضاحية الجنوبية لبيروت.


في الثمانينات، انشأ كبار الصناعيين في بنت جبيل 8 معامل كبيرة عمل في كل منها ما بين 15 الى 20 عاملاً اضافة الى نحو 85 مشغلاً صغيراً وفرت مورد الرزق لنحو 350 عائلة. وكانت هذه المصانع تنتج نحو 3500 زوجاً من الاحذية يومياً، وصرفت الانتاج الى الاسواق اللبنانية وبعض الدول الافريقية ودول الخليج العربي ومنها الكويت.
نهاية العام 1990، بدات هذه الصناعة بالتراجع تدريجياً بسبب الكلفة المرتفعة للمواد الاولية وصعوبة تصريف الانتاج اضافة الى منافسة الصناعة الاجنبية للصناعة الوطنية وصعوبة تصدير الانتاج من داخل المدينة الى خارجها بسبب المعابر الحدودية في زمن الاحتلال الاسرائيلي فضلاً عن التقنين في التيار الكهربائي وارتفاع الضرائب وهجرة الشباب الى اميركا ودول الخليج فشهدت المهنة مع واقع الحال الجديد اقفال العديد من المصانع الكبرى والمشاغل في المدينة.
استمر الوضع متارجحاً حتى عام 2006 حيث دمر العدوان الاسرائيلي السوق القديمة التي انتشرت فيها هذه الصناعة، وبعد اعادة تأهيل السوق لم يتم تشغيل سوى مصنعين كبار و6 مشاغل صغيرة يعمل فيها مئة شخص حالياً وانخفض بالتالي الانتاج الى نحو 200 زوجاً من الاحذية يومياً وتصريفها موسمي . اما المحال فلا تزال مقفلة وغير مستثمرة حتى اليوم .


"المنافس الوحيد .. الحذاء الايطاي"


التقت "النهار" السيد غسان شراره صاحب احد المصنعين الكبيرين في المدينة، وأشار الى أنه خشر "كل شيء"،  في عدوان تموز 2006 ، "اصريت على اعادة تاهيل مصنعي وانطلقت من الصفر، التعويضات لم تكن كافية، اصريت على النهوض بمهنتي لانها عزيزة عليّ واحبها وقد ورثتها عن والدي". وأكد ان "صناعتنا المحلية متينة وحالياً لا ينافسنا في السوق من حيث الجودة سوى الحذاء الايطالي"، مضيفاً انه "اصبح لدى الناس قناعة ان الحذاء الصيني سعره فيه وهو غير متين,,, وازدياد الكلفة ارهقنا". 


يقول شراره انه "تواجه هذه الصناعة مزاجية التجار الكبار ، لاننا نضطر لتصنيع الحذاء ودمغه بالماركة الاجنبية التي يرغب هو بها ، وعند شراء المواد الاولية اللبنانية المنشأ والتي تحمل دمغة ماركات اجنبية وفقاً للطلب نواجه مشاكل مع الجمارك لانهم يظنون انها مواد اولية اجنبية مهربة رغم اننا نبرز فواتير الشراء من البائع ، لذا نرجو ان تدعمنا الدولة في هذا الشأن خلال عبورنا على حواجز الجمارك ، مهنتنا تحتاج الى الصبر في هذه الاوقات الصعبة خاصة واننا نرى انها في طريقها الى الزوال لان الجيل الجديد لا يتجه الى تعلمها.".


من جهته، قال حسن الحوراني وهو صناعي قديم لـ"النهار": " سابقاً كنت اعمل لنحو 50 مشغلاً اما اليوم فاعمل لنحو 3 مشاغل فقط ، اضطررت لان اعمل على اعادة تصليح الاحذية القديمة للمواطنين حفاظاً مني على الاستمرارية وعلى تحصيل لقمة العيش المرة". 
اما السيد وسام الحوراني وهو صاحب المشغل الثاني الكبير في المدينة فأشار الى ان "الدولة لا تدعم صناعة الاحذية في بنت جبيل ، يزورنا وزراء الصناعة دائماً ولكن حتى تاريخه لم نحصل على اي دعم علماً ان هذه الصناعة هي واحدة من الركائز الاساسية لمدينة بنت جبيل بعد قطاع البناء والتجارة عمل فيها خلال العطل الصيفية في السنوات الماضية الاطباء والمهندسون والنواب وتلامذة المدارس من ابناء المدينة وكانت صناعة مزدهرة اما اليوم فهي الى الوراء."
جميع من يعمل في هذه الصناعة يرى ان لا مستقبلا زاهرا لها وهي مهددة بالزوال. تنشيطها في الوقت الحالي يقع على عاتق اصحابها الذين عليهم انشاء نقابة تطالب بحقوقهم وتنظم دورات حرفية ومهنية لهم، وتعاونية تسهل عملية شراء المواد الاولية بأسعار مخفضة بدون وسيط وتسهل لهم عملية التسويق دون المرور بوسيط ايضاً. أما الدولة فعليها واجب كبير في دعم وتامين حماية الانتاج الوطني من المنافسة الاجنبية وايجاد اسواق خارجية اوسع لهذه الصناعة. 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم