الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

قوانين "الارهاب" الأممية لا تطال "حزب الله" ولبنان ملزم بمنع تدفق المقاتلين

المصدر: "النهار"
محمد نمر
A+ A-

لا مكان لـ"حزب الله" في قرار مجلس الأمن الذي صدر منذ أيام تحت الفصل السابع ويلزم الدول الاعضاء "بمنع وقمع" تجنيد المقاتلين المتشددين وسفرهم إلى الصراعات الخارجية. فهو يُعتبر "غير ارهابي" أمام ارهاب "الدولة الاسلامية" و"جبهة النصرة" وأخوات "القاعدة".


صاغت الولايات المتحدة مسودة القرار وصدر من دون أن يخرقه أي "فيتو"، وبات ملزماً التقيّد به لـ 193 دولة بينهم لبنان الذي ينطلق منه طرفان للمشاركة في الصراع في سوريا أو العراق، هما: "حزب الله" (إلى جانب النظام السوري) وإسلاميون (إلى جانب النصرة وداعش والمعارضة السورية)، ويبدو أن القرار موجه إلى الطرف الثاني فقط، إذ يؤكد الخبير الدستوري والأستاذ في القانوني الدولي شفيق المصري لـ"النهار" أن "القرار لم يصدر في شكل عام عن كل المقاتلين، بل خصص لمن يلتحقون بـ"داعش" و"النصرة" ومشتقات القاعدة، وبالتالي لا ينطبق القرار على كل عنصر أجنبي يدخل سوريا"، مشدداً على أن "القرار يسري في لبنان على الاشخاص الذين يلتحقون بهذه التنظيمات".


تنبيه قبل الانذار
المشكلة في قرارات مجلس الأمن انها لا تتضمن أي اجراء زاجراً، ويقول المصري: "طلب المجلس سابقاً من الدول التي تموّل التنظيمات الامتناع عن ذلك، ولم يحدد من هي، وفي القرار الجديد يكرر نفسه فهو طلب الامتناع عن ادخال المقاتلين ولم يحدد ذلك باجراء زاجر أو لاحق".
إنها المرحلة الأولى من التنبيه برأي المصري، "فمجلس الامن يطلب من الدول الامتناع قبل ارسال الانذار المباشر للدولة بتسميتها، ولو ارتبط الموضوع بكل عنصر يدخل سوريا او يخرج منها لكانت روسيا وضعت فيتو".
القانون الدولي و"حزب الله"
يعالج الأستاذ في القانون الدولي حسن جوني القرار من ناحيتين، الاولى ترتبط بنظرة القانون الدولي إلى التدخل بصراعات خارجية، والثانية بنص القرار نفسه (رقم 2178)، إذ يلفت إلى أن "القانون الدولي يميّز بين تدخل لصالح الحكومة أو السلطة الواقعية ومن يتدخل لصالح جهة تريد قلب الحكم. ومعروف تاريخياً أن التدخل لمساندة الحكومة أمر شرعي بالنسبة إلى القانون الدولي فالحكومة تستطيع أن تطلب مساعدة عسكرية خارجية، فيما الشكل الثاني فلم يعط له القانون أي شرعية". وهذا ما يدفع جوني إلى استخلاص نتيجة مفادها ان "تدخل حزب الله لصالح الحكومة السورية وبطلبها، لا ينتهك القانون الدولي العام".


أعمال ارهابية فقط
أما في ما يتعلق بالقرار ونصه الحرفي، فإن جوني يشدد على أن "النص لا يمنع المساعدة العسكرية بل يلزم كل الدول بمن فيها لبنان، مراقبة الحدود ومنع تنقل ارهابيين يريدون الذهاب إلى دولة اخرى لارتكاب اعمالا ارهابية، ما يوضح أن الأمر لا يتعلق بذهاب مقاتلين إلى سوريا أو العراق بل بذهابهم لارتكاب اعمال ارهابية"، مذكراً بأن القاعدة هي الجهة المعروفة بارتكابها الارهاب، بناء على القرارات السابقة كـ (2161)، والقرار يطال في شكل عام "النصرة" و"داعش" وكل من يقوم بمثل هذه الاعمال".
ويكون على لبنان ان ينصاع إلى القرار ويطبقه ويتعاون مع كامل المنظمات الدولية كالامم المتحدة والانتربول لاعطائها الاسماء التي يشك في انهم يمارسون الارهاب او ذاهبون إلى سوريا لأعمال ارهابية، فضلاً عن مراقبة الحدود وحركة الطيران المدني والمسافرين "لأنه لا يمكن تحييد نفسه عن قرار دولي"، بحسب جوني الذي يشدد على ان "القانون الدولي عندما يتحدث عن الارهاب لا يقصد ما يقوم به "حزب الله"، ولا يوجد أي نص دولي حتى اليوم عن هذا الموضوع".


تركيا الهدف
كان واضحاً أن هذا القرار يطرق باب تركيا، التي ردت باعلانها طرد أكثر من ألف مقاتل أجنبي من 75 بلداً منذ اندلاع النزاع السوري العام 2011، في وقت أكد فيه الامين العام للامم المتحدة بان كي مون وجود 13 ألف مقاتل إرهابي ينتمون إلى أكثر من ثمانين دولة في العالم يقاتلون في صفوف "داعش" و"النصرة".
هل سيؤدي القرار الى فرض عقوبات على لبنان؟ يجيب جوني: "لا اعتقد، لسبب اساسي أن الحدود المفتوحة لهؤلاء والأساسية هي تركية، واذا أرادوا تطبيق القرار سيبدأون منها، وهذا مستعبد لأن الاخيرة عضو في الحلف الاطلسي".
انحياز واتفاق ايراني - أميركي
يعتبر رئيس "هيئة السكينة الاسلامية" أحمد الايوبي من المتابعين لملف المقاتلين الاسلاميين في سوريا والعراق، ويعتبر أن قرار مجلس الأمن "انحياز في الصراع وانقلاب في الموازين، فنحن مع ترك الشعوب تقرر مصيرها ".
وبحسب نظرته إلى القرار، فإن عدم ادراج "حزب الله" فيه، "يترك للميليشيات الايرانية الحرية في التصرف ليس في لبنان او الحدود اللبنانية - السورية فحسب، بل ايضاً في العراق وعبر الحدود الايرانية – العراقية"، ما دفعه إلى القول: "يبدو ان الاتجاه الفعلي هو الى تحالف ايراني - اميركي لتعويم الاقلية الشيعية على حساب الغالبية السنية وهو ما حصل في اليمن حينما تحول الحوثيون المتمردون إلى ثوار وتطبيعهم في الحياة السياسية بالقوة".


حركة خفيفة والقرار لصالح "داعش"
حركة تدفق المقاتلين الاسلاميين من لبنان للانضمام إلى "داعش" و"النصرة" لم تعد كما السابق، ويؤكد الأيوبي أنها "خفت كثيراً مقارنة بالحركة في السابق، يبقى هناك بعض المنافذ التي يتسرب منها بعض الاشخاص، لكنها حركة محدودة"، معتبراً أن "المشكلة الاساسية في حركة "حزب الله" على الحدود".
يرى الأيوبي أن "القرار سيزيد من التعاطف مع الدولة الاسلامية والنصرة لأنه سيظهر في شكل واضح أن التحالف هو ايراني – اميركي – دولي وأن العرب فيه ليسوا في موقع القيادة، وسيحمل في طياته الكثير من دواعي الاحتقان في الشارع السني"، لكن رغم ذلك فإنه يذّكر بأن "مثل هذه القرارات في العادة تتخذ من دون ان يكون هناك قدرة جدية على السيطرة عليها، خصوصاً ان الحدود على خط لبنان – سوريا - العراق تصعب ضبطها، فضلاً عن أن عدد المسلحين داخل أرض المعركة بات كافياً لخوض حرب طويلة".
وهكذا يكون القرار قد سمح بطريقة غير مباشرة للمقاتلين المعتدلين و"حزب الله" وميليشيات دول اخرى بدخول سوريا والعراق للقيام بأعمال عسكرية غير ارهابية، ولا يسعنا سوى التذكير ببيان منظمة "هيومان راتيس وتش لحقوق الإنسان" الذي انتقد قرار مجلس الأمن، محذراً من "الاستغلال الخاطئ للقرار، ومن تكرار أخطاء مرحلة ما بعد 11 ايلول 2001، لأن نص القرار لا يمنع الدول من اللجوء الى سياسات مسيئة"، داعياً إلى "احترام حقوق الإنسان في التنفيذ".


[email protected]
Twitter: @mohamad_nimer

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم