السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

صحة جنسية - كيف يشخّص الطب هذه الإلتهابات النسائية؟

الدكتور بيارو كرم
A+ A-

إلتهاب الفرج (Vestibulite vulvaire) هو المُصطلح المُستخدم لعارض الألم الذي تشعر به المرأة ما بين منطقة الفرج (Vulve) الكائنة بين مدخل المهبل (Vagin) ومجرى البول.
تشعر بهذا الألم عند لمس هذه المنطقة أو عند القيام بعلاقة، ويتزامن مع إحمرار في المنطقة السفلية.


من الصعب شرح وتفسير الألم المرتبط بإلتهاب الفرج لأن الفحوص الطبية النسائية لا تكشف عادةً عن أي إلتهاب أو أمر غير إعتيادي. ويظهر هذا الألم منذ العلاقة الجنسيّة الأولى لدى قسم من النساء فيما لا تشعر أخريات به إلا في مرحلة لاحقة. المرأة المصابة بإلتهاب الفرج تشعر بحريق أو تمزّق عند مدخل المهبل عند الإيلاج، سواء كان في العلاقة أو عبر الكشف الطبي. الألم قد يستمر لساعات عدة وحتى لأيام بعد الإيلاج.
أسباب إلتهاب الفرج لا تزال غير معروفة رغم وجود العديد من الفرضيات التي توصّلت إليها البحوث الطبية واقترحها الأطباء النفسيّون وإختصاصيّو الصحة الجنسيّة والنفسيّة. هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تتسبب في ظهور آلام في الفرج: تشققات، إلتهابات، أمراض جلدية وحتى مشكلات تعرضت لها العانة. ولكن هذه الآلام قد تحصل أيضاً بسبب إلتهاب الفرج وهو مرض ليس لدى الطب حتى الآن معطيات كافية عنه لفهمه.
عندما تقصد المرأة طبيبها لشعورها بألم في الفرج يكون من الصعب على الطبيب تشخيص الحالة إن لم يجد ما هو غير إعتيادي خلال الفحص الطبي النسائي فيدخل في متاهة تجربة العلاجات الممكنة المتوافرة علاجاً تلو الآخر مع كل ما ينطوي عليه هذا الأمر من إصابة المرأة بأعراض جانبية ومقاومتها لهذه العلاجات في المستقبل. في بعض الأحيان يضطر الطبيب إلى إستئصال خزعة من جدار المهبل والفرج لتحديد ماهية المرض وتمييزه عن أعراض أخرى مؤلمة. في الواقع يكفي وجود ألم في الفرج ودراسة خصائص ونمط الألم خلال العلاقة الجنسيّة لتشخيص إصابة المرأة بإلتهاب الفرج.من الصعب إذاً معرفة العلاجات الأكثر فعّالية والأنسب لأصل المشكلة. والتقييم المُسبق للخيار الأمثل لعلاج حالات إلتهاب الفرج هو من أصعب المشكلات الطبية.
وعموماً تُنصح المرأة التي تعاني من إلتهاب الفرج في البداية بإستخدام مُستحضرات كالجل المخدّر(Gels Anesthésiants) الذي يخفّف الألم ويسمح بالإيلاج في الحالات البسيطة،أو مُستحضرات وكريمات مُضادة للفطريات أو للفيروسات أو مُضادات حيوية أو مُستحضرات أخرى قائمة على الكورتيزون. إلاّ أنه لم تُثبت فعّالية هذه الكريمات والمُستحضرات. كما تُستخدم حقن الإنترفيرون
(Interféron) التي تصل نسبة نجاحها في العلاج إلى نحو 50 % لدى النساء المُصابات بالأورام اللقمية (Condylomes) وهي عبارة عن ثآليل تناسلية (Verrues Génitales) تتسبّب بها فيروسات معينة...الجراحة هي حل آخر لهذه الثآليل إذ يتم إستئصال أجزاء حساسة من الفرج ومن ثم تغطيتها بغشاء مخاطي مهبلي (Muqueuse Vaginale).
تراوح الفترة اللازمة للشفاء بعد العملية الجراحية بين أربعة وثمانية أسابيع، بعدها يمكن معاودة القيام بعلاقات جنسيّة. تصل نسبة نجاح الجراحة في تخفيف الألم بشكل مرضٍ إلى نحو50% تقريباً.


الفرق بين الإلتهاب والتشنّج
التمييز بين إلتهاب الفرج والتشنّج المهبلي: تشعر المرأة المصابة بإلتهاب الفرج بحريق قوي لمجرد لمس هذه المنطقة الحميمة من جسدها. هذا الأمر يساعد في التمييز بين إلتهاب الفرج والتشنج المهبلي (Vaginisme) الذي يكون مصحوباً بألم أكثر عمقاًداخل الجسد. فالتشنّج المهبلي هو أيضاً من ضمن أسباب الألم الذي تشعر به المرأة خلال الإيلاج. التخوّف في اللاوعي من العمل الجنسي يؤدي إلى إنقباض لا إرادي وتقلّص في العضلة التي تحيط مدخل المهبل، أي العضلة العانية العصعصية (Pubococcygeus) عند مجرد التفكير في الإيلاج، وفي هذه الحالة تكون محاولة القيام بأي إيلاج مصحوبة فعلياً بالألم. كما أن إرتفاع مستوى هرمون البرولاكتين (Prolactine) يؤدّي إلى خفض الرغبة. ولسوء الحظ، فإن النتيجة الحتميّة لتراجع الرغبة هي نقص في التزليق (Lubrification)، مما يسبّب آلاماً مهبلية عند الإيلاج وعلى المدى الطويل بحصول إنقباض لا إرادي في عضلة العجان- المنطقة التي تفصل بين الفرج والشرج (périnée)- ويدفع بالمرأة إلى تفادي الإيلاج والآلام المرتبطة به.
والتشنّج المهبلي نفسي المنشأ تماماً كإلتهاب الفرج، ويحتاج إلى علاج نفسي جنسي يقوم على المقاربة التحليليّة للكشف عن الأسباب التي تقف وراء هذا الإنقباض في مدخل المهبل عند الإيلاج وهو ردة فعل في اللاوعي وذلك من أجل الوصول إلى مرحلة تصبح فيها المرأة قادرة على تقبّل عيش الإيلاج والإستمتاع به. لا شك في أن الإمتناع عن الإيلاج يؤدي إلى عدم الشعور بالألم ولكنه لا يغيّر شيئاً من المشكلة. طالما أن الأسباب النفسية لهذه الآلام ما زالت قائمة، ستدوم هذه الأخيرة كونها لا تختفي وحدها أبداً مع مرور الوقت بل على العكس تزداد حدّتها وقوّتها.
في بعض الحالات النادرة قد يكون أحد أسباب الألم تشوّهاً خلقياً (Malformation Génitale). أما قائمة الأسباب النفسية للتشنّج المهبلي فهي طويلة ومن بينها تحرّش جنسي سابق تعرّضت له المرأة، أو مفهوم سلبي للحياة الجنسيّة والإيلاج، أو إنطباع بأن المهبل صغير جداً لا يمكنه إحتواء قضيب الرجل كما لو أن هذا المهبل لم يكبر ويتطوّر كباقي الجسم.


العلاج النفسي أيضاً
المرأة التي تفضّل تفادي الجراحة أو التي خضعت لجراحة باءت بالفشل، لا يبقى أمامها سوى اللجوء إلى العلاج النفسي الجنسي (Sexothérapie). وهو في معظم الأحيان الحل الذي يسمح لها بالتغلّب على مشكلاتها النفسية التي تقف وراء تخوّفها من الإيلاج وبالتالي عدم إستمتاعها بالعمل الجنسي. وعلى صعيد آخر، ترفض المرأة التي تعاني من تشنّج مهبلي أو إلتهاب الفرج غالباً، إستشارة طبيب نسائي كونها تشعر بالإنزعاج والخجل من فكرة فحص الطبيب للفرج والمهبل. إلّا أنه من الضروري أن تقوم بذلك للتأكّد من عدم وجود مشكلة جسدية يمكنها تفسير هذا الوضع.
دراسات عدة تمحورت على شخصية المرأة التي تعاني من الألم خلال الإيلاج. وأظهرت بعضها أن النساء يعانين من إضطرابات نفسية - جسدية. فيما أشارت دراسات أخرى إلى وجود نوع الإستعدادالنفسي مع ميل إلى التفاعل مع مصاعب الحياة بسوداوية وقلق وتخوّف. إلا أن المشكلة تكمن في معرفة ما إذا كانت هذه الصفات الشخصية وهذا النوع من الطباع هي سبب المشكلة أو نتيجة لها. إذ لا يوجد أدنى شك في أن إلتهاب الفرج والتشنج المهبلي لهما مترتبات كارثيّة على الحياة الجنسية: خوف من المداعبات والإيلاج وتراجع الرغبة. ومرة أخرى نجد أنفسنا أمام معضلة معرفة من أتى أولاً: البيضة أم الدجاجة؟


*إختصاصي في الصحة النفسية والصحة الجنسية
www.heavenhealthclinic.com


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم