السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

عزل عرسال قد يفتح المعركة...عبوات وطائرات في حرب "النصرة" و"حزب الله"

المصدر: "النهار"
محمد نمر
A+ A-

لن يكون عزل عرسال عن جرودها خبراً سهلاً على أذان المقاتلين السوريين في جرود القلمون، خصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء الذي يحمل معه تساؤلات عدة تتعلق بتأثر المجريات العسكرية بالطقس المثلج وبآلية حصول المسلحين على الغذاء، في وقت لا يزال فيه تنطيما "جبهة النصرة" و"الدولة الاسلامية" يحتجزان العسكريين، فضلاً عن اقدام الاولى على استخدام العبوات الناسفة لضرب "حزب الله" فيما على الأرجح أن الاخير بدأ بالاعتماد على طائرات من دون طيار في معاركه.


أرض المعركة


تعتبر جرود عرسال أرض المعركة المحتملة بين المسلحين والجيش اللبناني، اما باقي الجرود خصوصاً المتصلة بنحلة ومعرة فتدور فيها أشرس الاشتباكات مع "حزب الله". ويؤكد النقيب في "الجيش السوري الحر" باسل ادريس المتواجد في الجرود لـ"النهار" أن "لا معارك مع الجيش في جرود عرسال، بل قصف من الأخير على الجرود ومن "حزب الله" المتمركز في اللبوة".
لا يعطي ادريس اهمية لعزل عرسال عن الجرود، لكنه يؤكد الضرر السلبي على المسلحين في حال تم ذلك، ويقول: "لدى المقاتلين منافذهم الخاصة لدخول القرى السورية والحصول على احتياجاتهم، ويكمن الضرر في أن عرسال تعتبر المصدر الاقرب والأسهل للغذاء"، وفي الوقت عينه يرى ايجابية في العزل "لأنه سيدفع المقاتلين إلى الاسراع في تحرير القلمون".


ماذا يريد المسلحون؟
"مستعدون لدخول عرسال في أي وقت وموضوع العزل لن يؤثر علينا"، هو رد الناشط السوري ثائر القلموني الذي يذكّر بأن "الحرب مع النظام وحزب الله وليس الجيش اللبناني". أما الناشط السوري المعارض رواد الشامي المتواجد على مقربة من المقاتلين في الجرود، فيقولها صراحة ان "عزل عرسال عن جبال القلمون سيؤدي الى تدهور الوضع بالنسبة إلى المقاتلين في الجرود وسيدفعهم إلى فتح معركة أخرى لتأمين الغذاء والمواد الأولية"، هذه المعركة في حال وقعت ستكون مباشرة مع الجيش اللبناني، لكن الشامي يتوقف عند نقطةهامة، فـ"غالبية الفصائل في القلمون لم تشارك في معركة عرسال الاخيرة لكن في حال شعرت بالخطر وإذا بدأت موادها تنفذ ستشارك في هذه المعركة".


يريد المسلحون عودة الامور إلى طبيعتها، ففي السابق وفي استثناءات حالية "من يدخل عرسال كان يدخلها كمدني، من دون سلاح وهذا لن يؤثر على استقرار البلدة"، بحسب ما يرى الشامي الذي يتهم "حزب الله" بالسعي لنقل المعركة الى عرسال بكل الطرق.
لكن في نهاية المطاف، لم يتواجد الجيش عند الحدود من أجل مراعاة شعور المسلحين، إذ يشدد العميد المتقاعد أمين حطيط في حديث لـ"النهار" على أن "عزل عرسال عن الجرود يعد احدى الاوراق الاساسية المتوفرة لدى الجيش اللبناني ومن شأنها ايذاء المسلحين واحباط آمالهم، والامر ضرورة لحماية عرسال والضغط على المسلحين".


ألا يستفز ذلك المسلحين ويدفعهم إلى كسر العزل؟ يجيب حطيط: "اذا قرر المسلحون مواجهة الجيش بسبب العزل، فيكونون قد وقعوا في الفخ، لأن الجيش عندما يقوم بأمر عسكري سيكون حاضراً لما بعده"، مؤكداً أن "زمن الخطف والوصول إلى المراكز من دون قتال انتهى".


محطة تموين
من جهته، يذكر العميد المتقاعد خليل حلو لـ"النهار" بأن "المسلحين يستخدمون عرسال كمحطة استراحة وتموين، ويستفيدون من المساعدات التي تأتي للاجئين السوريين"، لهذا فإن العزل سيف ذو حدين "الاول يتمثل يتصعيد الموقف من الطرف الاخر، والثاني انه لا بد من العزل، خصوصاً ان الحكومة التي اخذت القرار وليس الجيش وحده، ولولا معطيات دولية تساعد لما اقدمت الحكومة على مثل هذه الخطوة".
هذه المهمة لن تكون سهلة على الجيش اللبناني،ويؤكد رئيس بلدية عرسال علي الحجيري لـ"النهار" ان "احد لا يستطيع اغلاق عرسال وفيها اكثر من 100 معبر"، مؤكداً أن العزل لم يحصل إلى الآن "ومن يريد تجاوز الحواجز يحصل على اذن من البلدية بذلك".
وتعتمد غالبية أهالي عرسال في عيشها على العمل في المقالع والكسارات "التي تقع بعد حواجز الجيش"، ما دفع الحجيري إلى القول: "لن يتحمل أحد عزل البلدة لأنه سيخنقنا، وطالبنا اكثر من مرة بأن ينتشر الجيش عند الحدود (بعد الكسارات وليس قبلها) ولم يرد علينا أحد".
وفي رأي الحجيري، ان العزل لن يضيّق على المسلحين، ويقول: "لديهم منافذ كثيرة إلى الداخل السوري، ومن يملك المال يشتري ما يريد من المكان الذي يريد، حتى لو كان من النظام السوري نفسه". ويعتقد أن "المسلحين لن يدخلوا عرسال مرة اخرى"، معبراً عن انزعاج أهل البلدة من عمليات قطع الطرق على عرسال وأعمال الخطف "وهذا سيوجد فتنة لأن نفوس الناس في عرسال محتقنة".


صعوبة الشتاء
بدأ الطقس البارد ينذر الأطراف جميعها بقدوم فصل الشتاء، ويدرك النقيب ادريس أن "الاوضاع ستكون صعبة في الشتاء، لكنها ستمر بخير كما مرت سابقتها". ولا يخفي أن "التاثير سيكون سلبياً على الجميع نظراً إلى صعوبة حال الطقس ووعورة الأرض"، مؤكدا أن "التحركات العسكرية ستخف لدى كل الاطراف".
 ويتفق القلموني مع ادريس بأن "الشتاء سيقلل من حدة المعارك"، مذكراً بـ"استعداد المقاتلين لمعركة تحرير القلمون قبل الشتاء". ويقول: "لا يعتمد المقاتلون على عرسال حصراً بل على الداخل السوري ايضاً".


لابد من الضغط
"مرت الشتوية السابقة بطريقة سهلة على المسلحين لانها لم تكن قاسية، لكن إذا كانت قاسية هذا العام سيؤثر الامر عليهم"،وفق العميد حلو الذي يرجح ان "يكون المسلحون قد حضروا أنفسهم، ولا يقتصر مصدرهم اللوجستي على عرسال فحسب بل على مناطق داخل سوريا، خصوصا مع انشغال الجيش السوري بمعارك على ابواب دمشق"، ورغم ذلك "سيستخدمون كل الوسائل المتاحة للاتصال بعرسال، ما قد يؤدي إلى تصادم مع الجيش"، مشيراً إلى أن "المشكلة الرئيسية مع لبنان تتعلق بالرهائن، يستخدمونهم كورقة ضغط واذا تركنا الامور مرتخية حينها سيستفيدون من ضغطهم ولا بد من الضغط في اتجاه الافراج عن الرهائن".
الدعم اللوجستي هو العامل المؤثر الاكبر على المسلحين، وفي رأي العميد حطيط فان "فصل الشتاء لن يكون لصالح المسلحين، لأنهم لن يستطيعوا البقاء في الجبال مع حرمانهم من الدعم اللوجستي والتموين الدائم"، ولهذا يحاول المسلحون تحسين الظروف في عرسال وحل الامور لتعود إلى ما كانت عليه قبل "جريمتهم ضد الجيش"، لكن هذا الامر بالنسبة إلى حطيط "حلم لن يصلوا إليه".
ماذا لو نزلوا من الجبال هرباً من الثلوج؟ يجيب حطيط: "سينزلون إلى نار تنتظرهم وليس حدائق، لهذا نشدد على ضرورة عزل عرسال عن جرودها". وتشير معلومات حطيط إلى ان تطور المعارك اليوم يسير ضد مصلحة المسلحين "لأن خسارتهم في القلمون وجرود عرسال بلغت 400 قتيل خلال 6 ايام فقط".


معادلات تتغيّر
معادلات المعارك بدأت تتغير، خصوصاً مع دخول عامل "العبوات الناسفة" إلى اللعبة من جهة المسلحين، والطائرات من دون طيار من جهة "حزب الله"، إذ يؤكد حطيط ان "الطائرة تابعة إلى منظومة الدفاع عن سوريا ولبنان، وفي الحرب الاسلحة جميعها متاحة"، فيما يقول حلو ان "استخدام حزب الله طائرات من دون طيار ليس جديداً، والمعلومات الصحافية منذ اشهر تؤكد ان لديه عشرات الطائرات، لكن يتوقف الامر عند نوعيتها ووظيفتها، فبعضها يحمل اجهزة رصد وتنصت، وايران لديها القدرة على تسليح الحزب بهذه الطائرات، وفي حال تأكدت صحة استخدام طائرة من دون طيار مسلحة في جرود القلمون من "حزب الله" فيكون قد امتلك الدقة في اصابة الاهداف والرصد والمراقبة، وهو ما يفتقده الطرف الآخر، لكن رغم ذلك لا يستطيع ان يحسم ويحتاج إلى عديد على الأرض وهو ما يفتقده مع النظام السوري".
في المقابل، يقلل الشامي من اهمية الحديث عن طائرة من دون طيار قائلاً: "لا نعلم ان كان عندهم هذا النوع من الطائرات، لكن استخدامها لن يغيّر شيئاً في موازين القوة"، كما يستبعد ادريس أن يكون لدى "حزب الله" طائرة من دون طيار مسلحة "بل لديه طائرات استطلاع".
ويختم النقيب ادريس بموقف لـ"الجيش الحر" ازاء ما يجري: "منذ بداية معركة عرسال، وحتى اليوم لم تتدخل فصائل الجيش الحر في الاحداث، وحاولنا جاهدين حل الازمة في شكل سياسي وسلمي"، داعياً إلى "تحييد النازحين السوريين عن اي عمل لكي لا تتدهور الامور ".


[email protected]
Twitter: @mohamad_nimer

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم