السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

"تحدّي الكتب" وامتحانُ الضحك على الجدّ

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
A+ A-

يروق بعض "الفايسبوكيين" الردّ على المُسطَّح أو المُسَاء فهمه، بالكامن على مغزى أو جدّ. "تحدّي الكتب"، ردٌّ على "تحدّي دلو ماء الثلج" الطافح تهريجياً بعدما أمسى ذريعة للظهور. راجت الحملة على الجدران، وسرعان ما فقدت جدّيتها بتحوّلها مادة تسلية استبدلت الكتب بمأكولات ولهوٍ آخر.


يُحيل "الفايسبوكي" أسماء على التحدّي، بعدما كان أُحيل لخوضه من أسماء طبعت جدارها بلائحة عشرة كتب أثّرت في البنية الثقافية والفكرية. غالباً ما تنتشر حملات عدّة بفعل المصادفة، فلا يُدرك مطلقها أنّها قد تذهب بعيداً في الافتراض. "تحيّة" مثلاً، واليوم "تحدّي الكتب"، ويمكن القول إن حملة "فكّيها" أيضاً وليدة مصادفات. "تحدّي الكتب" ردٌّ على "تحدّي دلو الثلج"، مع فارق في الجمهور المُستهدَف. إذا أمكن أي كان سكب دلو ماء مثلج على رأسه، والصراخ أمام الكاميرا المُشغَّلة لتوثيق إنسانيته (غاية الحملة إلقاء الضوء على مرض التصلّب العضلي الجانبي)، ونشر الفيديو يوتيوبياً لتسهيل تداوله (تقليده)، فإن المُحال على "تحدّي الكتب" (أو الأفلام) أمام مسؤولية. كُتب مَن هي الأكثر تأثيراً في بناء العقل والذاكرة، هذا "الفايسبوكي" أم ذاك؟ ماذا قرأ فلان، وهو اليوم ذو شأن أدبياً وصحافياً؟ التحدّي بمثابة امتحان يُقام على الملأ. خوضه ممن لا يفقهون القراءة مُحرجٌ، فيدرُك المُحال الى مَن يحيل تجربته، مُستبعداً، من دون التلفّظ بعبارات الاستبعاد، غير المهتم بالموضوع الكتابي، من "التلييك" والتعليق.


"انحراف" الجدّ


انتشار الحملة، وتجاوب بعض "الفايسبوكيين" معها، منهم أحمد بيضون مثلاً، يستدعي تمهّلاً أمام واقعية انحرافها عن جدّيتها بهمّة "فايسبوكيين" لم يُقنعهم جوهرها ربما، فقابلوه باللاجدّ. بعدما ملأت الجدران لوائح بأسماء 10 كتب، إذعاناً لمصادفة انتشار التحدّي، راحت لوائح من 10 عناصر لهو، تغزوها عن قصد. بعضهم فضّلها طعاماً (الأسهل والأكثر رواجاً)، وبعضهم ملأها بما يبدو له ترفيهياً. يحافظ التحدّي على شَرطيه البنيويين: الرقم 10 والإحالة، ويخلّ بالشرط المضموني عبر استبدال الكتب (الأفلام) بالأطعمة. لا يفقد "الستاتوس" وظيفته "الامتحانية" بالنسبة الى "فايسبوكيين" تدّخلوا تلييكاً وتعليقاً في "تحدّي الكتب"، إذ يُطعَّم الجدّ بالمزاح بغرض تلطيف الأجواء والحدّ من "سستَمة" الرقم 10، وشرطه الضروري بأن تجري الإحالة على مَن لا يردّ الطلب.


نقد التحدّي بالمنطق


لم تُبن الحملة على منطق يحصِّن تعرّضها للنقد. تفلّتها من الشرط الزمني، يتيح للمُتحدِّي استحضار كتب قرأها قديماً، وأخرى قد تكون قُرأت حديثاً، من غير الأخذ بالزمن المُقوِّم (الى عناصر أخرى) نضوج المرء. هنا يتساءل حازم صاغية، منتقداً غياب العنصر الزمني: "زمن التأثّر: لدى القراءة، أم اليوم؟". "ستاتوس" صاغية، بيّن الحملة ضعيفة"، من غير أن يعني ضعفها سطحيتها. فـ"صعوبة حصر الجواب في 10 كتب"، كما يقول صاغية (يقابله صعوبة تذكّر 10 كتب قُرئت عبر السنوات، أو أنّ ثمة مَن لم يقرأ 10 كتب، ففضّل حفظ ماء الوجه بعدم التورّط في التحدّي بالاعجاب والتعليق)، وغموض زمن التأثر، قوَّضا منطق جدّية الحملة، ولو نشأت بنيّة الانتشار، لتدارك مطلقوها الثغر، بهدف عدم التلهّي عن الجوهر بتفاصيل عن المبنى والشرط.


"10 بري!"


مبالغةٌ تحميل ما يصدر عن "فايسبوك" أوزار الجدّ المُتنصّل من أي دعابة أو ترفيه. يعرّف "تحدّي الكتب" ناشطي الموقع الأزرق الى أسماء كتب، كأنه يُقدِّم جواباً عن سؤال: "أي كتاب أقرأ؟". "فايسبوكيون" ينمّون عن ذكاء تحويل الأصل "الرصين" الى نِسخ مُضحكة، فيكتب زياد توبة: "أكثر 10 رؤساء مجلس نواب أثّروا في حياتي: نبيه بري، نبيه بري، نبيه بري، نبيه بري، نبيه بري، نبيه بري، نبيه بري، نبيه بري، نبيه بري، نبيه بري!".



[email protected]
Twitter: @abdallah_fatima


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم