الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هل ينجح ضبط المساجد والخطب الدينية في لبنان؟

المصدر: "النهار"
محمد نمر
A+ A-

أمام المفتي الجديد الشيخ عبد اللطيف دريان مهمات صعبة، النجاح فيها سيكون أحد أسباب انقاذ لبنان من أي حال شاذة قد تتطور لتصبح  ظاهرة تكفيرية تحمل أجندة خارجية ارهابية. وقد يكون المساعد الاول في انجاح هذه المهمة أن لبنان ليس فيه بيئة حاضنة للتطرف، وعلى دار الفتوى تحصين  البيئة المعتدلة. ومن الوسائل الجماهيرية ضبط الخطابات الدينية في نحو 1000 مسجد، موزعين من اقصى شمال لبنان إلى اقصى جنوبه.


من المهم أيضاً مراقبة مضمون الدروس الدينية التي من شأنها سلب عقول الشباب ودفعهم نحو طرق غير اسلامية باعتقادهم انها توصلهم إلى الجنة، فضلاً عن تحويل البعض المساجد إلى معسكرات يجرّد المواطن فيها من وطنيته وتحثه على ضرب المؤسسات والخروج عن القواعد، والمثال الأكبر على ذلك الحركة "الأسيرية" وخطابات الشيخ أحمد الأسير الفتنوية. كما هناك أئمة تحرض المصلين على حمل السلاح أو قطع الطرق ومواجهة الدولة والقوى الأمنية. أمر لا ينحصر على الطائفة السنية فحسب بل يطال الشيعية وأهل الدين المسيحي أيضاً.


"اقتراح خطبة"


"دعم ركائز العيش المشترك والوحدة الاسلامية واللبنانية والاعتدال"، هو ركيزة يعمل الدار على دعمها منذ ايام المفتي حسن خالد، بحسب ما يقول المدير العام للأوقاف الإسلامية هشام خليفة الذي بدأ منذ توليه منصبه العمل على ضبط المساجد.
يوّزع خليفة اسبوعياً وقبل يوم الجمعة "اقتراح خطبة الجمعة" على كل الائمة، مراعياً عنصر الخصوصية في عدم فرض القاء الخطبة على الخطيب. ويقول خليفة لـ"النهار": "رغم خاصية حرية الرأي والتعبير في لبنان، إلا أن دار الفتوى ترفض أن تكون الحرية على حساب المصلحة الوطنية الجامعة أو ان تكون متفلتة أو خاضعة إلى مزاجيات، خصوصاً في ظل اجواء ضعيفة للتطرف في المجتمع".
وتتضمن الخطبة موقف المرجعية الدينية من أهم الاحداث اللبنانية والمسائل الدينية وتهتم باللحمة الوطنية ودعم القوى الأمنية. لاقى خليفة قبولاً لفكرته من البعض بعدما أوضحت المراجع أن الخطبة ليست لفرض سياسة معينة على الخطيب بل للاطلاع على موقف المرجعية والاستناد عليه، فيما هناك جماعات وأئمة لا يتلزمون بالخطوط الحمر. ويرى خليفة أنه يجب "أن يكون هناك تعاون وجهد كبير بين دينيين وسياسيين وامنيين لضبط الخطاب الديني، فنحن مع حرية الخطيب لكن ليس على حساب الوحدة الاسلامية والوطنية أو نشر خط التكفير".
ما العقاب لغير الملتزم؟ يجيب خليفة: "لدينا آلية للمحاسبة ضمن القوانين، لكن تركيبة لبنان وحصول البعض على دعم من مسؤولين يصعبّان المعاقبة، وعندما يتوافق الجميع على وجود خطوط حمر، حينها لدينا من الاجراءات القانونية والادارية ما هو كفيل بضبط هذه الامور".


خطة للانفلات


لا يخفي الأمين العام للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الشيخ خلدون عريمط أن ظاهرة التطرف والانغلاق الموجودة لدى أكثر من فريق لبناني "لا تبشر بالخير وتشوّه دور الاسلام والمسلمين في لبنان"، ويشدد على أن "دار الفتوى ستلعب دورها الاسلامي المعتدل، وسيكون للدار عبر المفتي دريان خريطة طريق لاظهار الوجه الحقيقي للاسلام ".
المفتي دريان بالتعاون مع المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى ودوائر الاوقاف سيوعز إلى المؤسسات والدوائر الوقفية من أجل الانطلاق بخطة لضبط "الانفلات على الساحة الاسلامية سواء على صعيد المساجد أو المعاهد التي تخرج مجموعات من هنا ومن هناك"، بحسب عريمط الذي يؤكد ان "وضع المساجد سيضبط وسيعاد النظر بالخطاب الديني ليكون منطلقاً من الالتزام بكتاب الله وسنة الرسول محمد الذي دعا إلى احترام الانسان وتكريمه واحترام الرأي الآخر والحرية في العبادة".


"مجلس استشاري"


الجميع يتفق على ضرورة مواجهة التطرف، فامام مسجد القدس في صيدا الشيخ ماهر حمّود وضع على رأس لائحة مهمات دار الفتوى "التصدي للتطرف والارهاب والجهلاء الذين يسخّرون الاسلام وفقاً لاهوائهم وانحرافهم".
حمّود يريد التوازن في دار الفتوى، فهو لا ينسى أن المفتي السابق محمد قباني "كان في فترة ما مائل بشدة إلى تيار المستقبل ووضع نفسه تقريبا في تصرف موقفهم السياسية، ثم عندما اهانوه وتسببوا له بأذى بات شديد الخصومة تجاههم". ويطالب حمود المفتي الجديد بـ"البقاء على الحياد، خصوصاً انه يتخذ من المفتي حسن خالد قدوة له".
ويتفق امام مسجد القدس مع فكرة أن ضبط الخطابات الدينية من واجب دار الفتوى، لكن في رأيه "يد واحدة لا تصفق واذا لم يبدأ الجميع بالتعاون مع الشيخ دريان فالامر يصبح صعباً، لأنه في الاسلام لا يوجد اكليروس بالمعنى الموجود لدى اخواننا النصارى كمرجعية واحدة بل هناك اجتهادات ومنابر متعددة، وفي الازهر وقبل قانون التحديث عام 1958 كانت تدّرس المذهب الشافعي والحنبلي والمالكي، وهناك حرية للطلاب".
ويرفض حمود فكرة توزيع الخطبة والالتزام بها ويعتبرها "اهانة للخطيب والمصلين، لكن لا يمنع الاتفاق على خطوط حمر عبر التشاور".


[email protected]
Twitter: @mohamad_nimer


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم