الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

صحة جنسية - الأطعمة... ماذا تفعل في حياتنا الجنسيّة؟

الدكتور بيارو كرم
A+ A-

كيف لنا أن نعتقد بأنه وبمجرّد ملء خزان الطائرة بنوعية معينة من المحروقات والوقود سواء أكانت تقليدية أو عصرية أو متطوّرة، مركّبة أو على درجة عالية من التقنية، ستتمكّن هذه الطائرة من الإقلاع والتحليق والهبوط في جميع الظروف المناخية والسفر نحو جميع الوجهات وإلى جميع المطارات في كلّ مرة؛ في حال كانت هذه الطائرة تعاني خللاً ميكانيكياً ما أو في حال كان محرّكها مصاباً بالأعطال التي لم يتم إصلاحها كما يجب أو لم تخضع لأعمال الصيانة: فرامل معطّلة وأنظمة توجيه غير موصولة، هذا عدا عن الخلل والمشكلات في البرمجة الإلكترونية؟!


لسنا جميعاً خبراء في مجال الطيران، لكننا نعرف جيداً ما علينا القيام به للتحضير لرحلة مريحة. نقوم عادةً ببرمجة سفرنا ونقرّر الوجهة التي نودّ الذهاب إليها آخذين في الإعتبار التوقيت الأفضل للقيام برحلتنا من دون مفاجآت أو عراقيل. وبخاصة إذا كان الهدف من سفرنا الإستجمام. نكون جاهزين حين نستكمل جميع التحضيرات من حجوزات وغيرها.
نعرف جميعاً كيف نركب الطائرة وليس من المُفترض بنا قيادتها. لأننا نثق بأن شركة الطيران قد قامت بكل ما يلزم لإعطاء الطيار ومساعده التدريبات والإمكانات والتقنيات اللازمة لقيادة الطائرة وقد إهتمّت بكل التفاصيل من تجهيز المحرك وصيانته والتأكد من جهوزية الطائرة لضمان رحلة هادئة.
إلا أنّه وفي حال لم تقم شركة الطيران بواجباتها ولم تُحضّر الطائرة على النحو اللازم أو لم تعمل على تجهيزها، وكذلك إن لم نأخذ نحن في الإعتبار التحضيرات اللازمة، فهناك إحتمال كبير أن لا تسير الأمور بشكل منتظم، كما أن رحلتنا على متن هذه الطائرة قد تكون عُرضةً لجميع أنواع العقبات والمشكلات وحتى الفشل.
لا شك في أنكم تتساءلون عن مغزى هذه الإستعارة البديهية وعن العلاقة التي تربطها بموضوعنا، ألا وهو تأثير الطعام على حياتنا الجنسية. وللتوضيح، أدعوكم إلى إستبدال المرادفات الآتية قبل أن أقوم بإعادة صوغ ما قرأتموه أعلاه:
¶ الطائرة = الجسد،
¶ شركة الطيران = قوانا العقلية،
¶ المحروقات = الطعام،
¶ الطيّار = اللاوعي،
¶ مساعد الطيّار = الدماغ،
¶ وجهة الرحلة = الحياة الجنسية،
¶ المطارات = العلاقات المختلفة،
¶ الظروف المناخية = المحيط الإجتماعي،
¶ خلل ميكانيكي = خلل وظيفي في الأعضاء،
¶ المحرك = الأعضاء التناسلية،
¶ الفرامل = الممنوعات والمحظورات،
¶ أنظمة التوجيه = التربية.
كيف لنا أن نعتقد بأنه وبمجرّد تناول الأنواع المناسبة من الطعام وفقاً لنصائح الخبراء والإختصاصيين والذي يتضمن جميع المكوّنات الممكنة والمتوافرة، سواء كانت تقليدية، عضوية أو معقّدة، مركّبة أو معدّلة جينياً، أو أغلى ثمناً، نضمن لنفسنا عيش وإجتياز جميع مراحل حياتنا الجنسية والقيام بجميع علاقاتنا، من دون مشكلات وعقبات، والشعور بالرضى في جميع مغامراتنا والوضعيات التي نرغب في تجربتها، وتكرار الأمر كلما رغبنا بكل ثقة وإطمئنان وكأنّ نوعية الطعام هي السبيل لحياة جنسية مرضية.
كيف يمكننا خوض حياة جنسية مُرضية، إذا كنّا محبطين نفسياً ونجرّ وراءنا خيبات وتجارب سيئة ومؤلمة أحياناً لم نتصالح معها كما ينبغي خلال مسيرة تطورنا النفسي؛ أو إن كان لدينا على مستوى الوعي عقبات إجتماعية تأسرنا؛ هذا عدا عن الممنوعات والمحظورات والصدمات العاطفية على مستوى اللاوعي، والتي قد تعود إلى تجارب جنسية أو عاطفية سيئة؛ أو إذا كانت تربيتنا صارمة، ومحيطنا الإجتماعي متحجّراً؛ أو كنّا أسرى لمعتقداتنا التي لم نسمح لنفسنا إعادة النظر فيها؛ أو إن كنّا نمرّ في حال من الإرباك والتشويش بخصوص هويتنا الجنسية وميولنا الجنسية والجندر؛ أو إن كنّا نعيش في ما يشبه القوقعة، منفصلين عن الواقع الذي نعيش فيه وعن كل ما يدور حولنا؛ أو إن كانت صورتنا عن الذات أو عن الآخر مشوّهة؛ أو إن كنّا نمرّ بحالة من الإضطراب النفسي؟!
الحقيقة أننا لسنا جميعاً خبراء في الحياة الجنسية ولكننا نعرف غريزياً وبالفطرة ما علينا القيام به لعيش حياة جنسية صحّية ومريحة. نحن مبرمجون طبيعياً لكي تكون لنا حياتنا الجنسية مُرضية؛ إذ نحن من نتّخذ القرار بشأن الشخص الذي نودّ التقرّب منه ونكون معه، لذلك نخصصّ الوقت اللازم لإغراء الآخر والعمل على قبوله لنا، سواء كان ذلك في إطار علاقة عاطفية أو مغامرة جنسية. عندما نشعر بالثقة بالذات وبالآخرين يمكننا أن نُقيم جميع أنواع العلاقات. نحن ندرك إمكاناتنا ونحن مستعدّون، "حتى لو لم نأكل أنواعاً معينة من الطعام"، لعيش حياتنا الجنسية بطريقة هي الأكثر سلاماً وإستقراراً وإشباعاً.
نعرف جميعاً كيف نمارس الجنس وليس من المطلوب منا أن نكون أبطال أفلام إباحية. نثق بأن عقلنا سيقوم بكل ما يلزم لكي يعرف لاوعينا، ودماغنا الذي يساعده، كيفية التحكّم بعمل جسدنا وبأدوات التنفيذ التي نملكها أي أعضاؤنا التناسلية بكاملها، بحيث يكون الجسد على أتّم الإستعداد لخوض الملذّات الجنسية والوصول إلى وجهتنا، أي المتعة.
إلّا أنّه في حال لم يتم تحضير اللاوعي ومساعده الدماغ، من ناحية قوانا العقلية، بطريقة صحيحة، أو لم يتم تحضيرهما أصلاً أو إصلاحهما وصيانتهما عند اللزوم؛ وكذلك إن لم نأخذ في الإعتبار التحضيرات الضرورية لإصلاح بعض أنواع الخلل والمشكلات التي تُعيقنا نفسياً، فالنتيجة الحتمية هي أن الأمور لن تسير على ما يرام خلال مسيرتنا الجنسية، إذ نصبح معرّضين لشتّى أنواع التعقيدات والمشاكل وحتى الفشل.
لذلك، وعلماً أن النظام الغذائي السليم أساسي للعمل الوظيفي الجيد للجسد والعقل، ورغم حقيقة أن بعض الأطعمة قد تحفّز الإثارة والفعل الجنسي، وبغضّ النظر عن الأقاويل والمعتقدات الشائعة بشأن التأثير المنشّط جنسياً لبعض أنواع الأعشاب والمأكولات: عقلنا هو الذي يمنحنا، أو لا يمنحنا، الرضى عن الفعل الجنسي.
وللقيام بالتعديلات الضرورية والملحّة أحياناً لأداء سليم لعضونا الجنسي الأول، ألا وهو دماغنا، ثمّة إختصاصيّون قادرون على مساعدتنا... طبعاً إذا كانت لدينا الإرادة الصادقة في ذلك...


*إختصاصي في الصحة الجنسية والصحة النفسية
[email protected]
www.heavenhealthclinic.com

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم