الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ماذا أضاف الى الحرب السورية؟

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
A+ A-

تُتهَم بالتقصير الأعمال المتعالية على واقع سمته الأزمات. الموسم الرمضاني الى نهايته، ولا نتيجة واضحة للحضور السياسي درامياً. يفضّل بعضهم البقاء على مسافة من الحدث، مستعيضاً عن تحوّلاته بسياق قليل الأثر، وبعضهم، في مصر وسوريا تحديداً، يرى الدراما مملّة خارج الواقع، فيقولبها في إطاره، ويسعى من خلالها الى مقاربة الراهن أو على الأقل مسايرته بالعرض.


عينٌ على ما أفرزته الحرب السورية وأخرى على التخبّط المصري. ظروف حالت دون الجهوزية البنيوية لعمل درامي مكتمل العناصر، لا سيما سورياً. طرح الأزمة مكلفٌ، وأعمال قليلة أُتيح لها صبّ الواقعية على المكان، وأخرى ركنت الى ديكورات وأضواء توحي أنّها معنية. يطرح "قلم حمرة" لحاتم علي ("السومرية") كيف تصنع الحرب شخوصاً مهترئة. عملٌ لا يعنيه دمار المنازل، بل دمار النفوس، يقارب الفجيعة السورية عرضاً أكثر مما يقاربها نقداً وتحليلاً. لـ"حلاوة الروح" ("أبو ظبي الأولى") موقف آخر من الأزمة. يطرح المخرج شوقي الماجري صورة ميدان غاضب وركام في المكان. للعمل بُعد سياسي أكثر وضوحاً: أطراف الحرب يحضرون في غالبيتهم: النظام و"داعش" وشباب الثورة. كاميرا الماجري ملّمة في التقاط البؤس (لا سيما من خلال لقطات الكلوز آب على وجه البطلة دانا مارديني). هذا عملٌ يفسح المجال لظهور سياسي لا يناور، ومشهديات لا تموّه الواقع. لنقل أنّ "بقعة ضوء 10" ("المنار"، "سما") لعامر فهد قوامه الرمزية والابتعاد من الخطاب المباشر. العمل نقدي، يرشق الواقع بسهامه كأنه يرفضه أو يحضّ على رفضه. تنسحب الغائية الرمزية على "الحقائب- ضبوا الشناتي" لليث حجو ("أل بي سي آي") بطرحه خلفية الحرب لا أشكالها "التقليدية" الطاغية. مسلسل كالإبر، محشوّ بالسياسة من غير أن يُذكّر بين الفينة والأخرى بمفرداتها.


كذلك "بواب الريح" للمثنى صبح ("أل بي سي آي"، "أوربت مسلسلات"، "الدنيا")، يمتلئ بالاسقاطات السياسية على الراهن، وإن عادت حوادثه الى العام 1860. يقدّم صبح الماضي بكاميرا يؤلمها الحاضر، وتريد المُشاهد أن يشاركها الألم. ليس العمل كأعمال ذُكرت سالفاً أسلوب بعضها مباشر وبعضها يُقرأ بين السطور. خطّه الدرامي العام محض سياسي (يطرح الفتنة الطائفية عام 1860، كأنها حرب اليوم)، وشخصياته تحمل على عاتقها وزراً: الجَمع في زمن الفرقة.
همّ "باب الحارة 6" لعزّام فوق العادة ("أل بي سي آي"، "أم بي سي") أنّ عباس النوري (أبو عصام) وافق على العودة. ليس للسياسة حضور في ذاته، وبعض المَشاهد لا يفي بالغرض. عملٌ محض تجاري، رسائله "الوطنية" ضعيفة. صحيح أنّ حوادثه تعود الى زمن الاحتلال الفرنسي، لكنّه بالكاد يكترث لإسقاط روحية الاحتلال سياسياً على الوضع الحالي، عدا محاولات يفوق تأثيرها العاطفي (الغرئزي القائم على التجييش...) تأثيرها في العقل.
ليس منصفاً جلد الدراما السورية والتفرّغ للومها. لا بدّ أنّ بعضهم استسهل فمَال نحو المُتداوَل اجتماعياً، وبعضهم عرّج على الأزمة رفعاً للمسؤولية. لكن ثمة ما نشاهده بحسرة، كأنه الحقيقة أو جزءٌ كبير منها.


*غداً: السياسة في الدراما المصرية


[email protected]
Twitter: @abdallah_fatima

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم