الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

علوم وتكنولوجيا - بين الـ"ن" والـ"م" اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي

علي منتش
A+ A-

على منازل المسيحيين في الموصل طبع حرف النون. "ن" اي نصارى، ونصارى في مفهوم "الدولة الاسلامية" المستحدثة بين العراق وسوريا هم الصليبيون، المسيحيون، الذين يجب ان يدفعوا الجزية، او يشهروا اسلامهم.. والا فالسيف. شرّد مسيحيو الموصل في ارض العراق الواسعة، حيث لم تصل سلطة "الدولة الاسلامية".


حرّض هذا الفعل العنصري بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي على ابتداع حملة حرف الـ"ن"، كأنهم يريدون القول، ان كانت الـ"ن" تهمة، فنحن كلنا مدانون. الحملة التي انتشرت بسرعة في لبنان بهدف التضامن مع مسيحيي الموصل ترافقت بحملة متوازية قام بها الناشطون العراقيون، اختصرت بهاشتاغ #م_ع، اي مسيحي عراقي.
صورة الـ"ن"، التي تداولها الناشطون في لبنان، لم تقتصر فقط على المسيحيين منهم، بل تجاوزتهم الى باقي الطوائف الذين اعلنوا تضامنهم بهاشتاغ #كلنا_مسيحيون. لم تستمر هذه الحملة اكثر من 24 ساعة، حتى برزت حملة مضادة، تنتقد بشدة كل من يضع صورة حرف الـ"ن"، اذ اعتبر البعض ان وضع هكذا صورة يجعل واضعها مثل انصار الدولة الاسلامية، يصنفون الناس وفقاً لمعتقداتهم. في حين اعتبر معارضون آخرون للحملة انها لا تقدمّ ولا تؤخر، وهي لزوم ما لا يلزم، وتاليا فان عناصر الدولة الاسلامية لن يهزموا اذا غيّرنا صورتنا على الفايسبوك. كذلك انتقد آخرون فكرة ان يناصر اللبنانيون مسيحيي الموصل وهم الى الآن لم ينتخبوا رئيس الجمهورية المسيحي. في موازاة ذلك برزت حملة حرف الـ"م"، (مسيحي، مسلم، ملحد، ما خصك)، وهذه الحملة تبناها المعترضون على حملة الـ"ن"، والمؤيدون لها.
كذلك انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي التفسير للفارق بين النصارى والمسيحيين، فالنصرانية، وفق التعريف المتداول، "هم فئة من اليهود المتنصرين إلتحقوا بالمسيح ورأوا فيه نبيا عظيما من الأنبياء. لا يعترفون بألوهيته ولا ببنوته لله، بل يقولون أنه رجل كسائر الرجال جاءه الوحي بعد معموديته على يد يوحنا المعمدان، أو بالأحرى أن المسيح المبدأ الأزلي دخل يسوع يوم عماده وفرقة يوم استشهاده. النصرانية عقيدة لا تمت بصلة من قريب او بعيد للديانة المسيحية، بل ابغضتها وحاربتها بشدة حتى قضت عليها. وعادة ما يحدث اختلاف في لفظ الكلمتين الناصري، والنصراني او الناصرة والنصرانية، او بين المسيحية والنصرانية ووجه الخلاف عميق ولا يمت بصلة بينهما سوى في حروف الكلمات العربية فقط من دون اللغات الاخرى، وشتان الخلاف بينهما فهو بمثابة الفارق بين الايمان والالحاد".
يحقّ لكل من يعترض على الـ"ن" الاعتراض. يحق لهم ايصال رسالتهم، كما اوصل المتضامنون رسالتهم. لكن من غير المقبول السعي لتسخيف فكرة التضامن الرمزي مع قضية ما، اي قضية، حتى لو كان هذا التضامن غير ذي جدوى عملية او تغييرية.
لن ينتحر "الدواعش" اذا وضعنا صورة لحرف النون. ولن يلاحظ المشردون من الموصل هذا الفعل التضامني لانهم قد يكونون حتى هذه اللحظة في العراء، لكن هذا الفعل، هو قبل كل شيء تصالح مع انسانيتنا. قد يكون المتضامنون مع الـ"ن"، كأولئك غير المتضامنين يبحثون عن استعراض، ويبرزونه بالتضامن، في مقابل ابراز غير المتضامنين له بالاعتراض.


[email protected]
Twitter: @alimantash

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم