الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ماذا يقول الإسلام عن رجم النساء حتى الموت وأين الشيوخ من إدانة "داعش"؟

المصدر: "النهار"
محمد نمر
A+ A-

"كيف استطعتم أن تفعلوا ذلك بي؟" هي إحدى الجمل التي نطقت بها ثريا الضحية، قبل تقييد يديها ووضعها في حفرة وطمرها بالرمل حتى وسطها. طريقة عجزت فيها عن الهروب من العقاب: "الرجم بالحجارة حتى الموت"، بعدما نصب لها زوجها وشيخ المنطقة كميناً للتخلص منها، باقناع الناس أنها خانت زوجها مع جارها.


"رجم ثريا" فيلم سينمائي يروي قصة ايرانية حقيقية، استذكرها متابعو التطورات في سوريا، واستعانوا بصور ثريا "البطلة" عبر مواقع التواصل الاجتماعي للاشارة إلى ما قامت به "الدولة الاسلامية" من رجم لامرأتين حتى الموت في الرقة السورية خلال 24 ساعة بتهمة الزنا، من دون أن تنشر أي صورة لأحدهما... لماذا؟
"لأن المرأة التي تُرجم تعتبر عورة بالنسبة إلى عناصر الدولة الاسلامية ولا ينشرون صورها"، بحسب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن الذي أكد لـ"النهار" حصول الحادثتين.
الأولى: بعد صلاة العشاء من يوم الخميس في 17 تموز، في سوق شعبي في مدينة الطبقة، حيث أحضرت امرأة عمرها 26 سنة ورجمت بالحجارة حتى الموت، بعد مثولها أمام محكمة "الدولة" واتهامها بالزنى.
الثانية: بعد صلاة العشاء من يوم الجمعة 18 تموز، في ساحة قرب المعلب البلدي في الرقة. الى هناك حضرت سيارة مليئة بالحجارة ورُجمت السيدة حتى الموت.
بالتأكيد هاتين الامرأتين طرحتا سؤال ثريا نفسه: "كيف استطعتم أن تفعلوا ذلك بي؟". ويلاحظ عبد الرحمن أن "أهالي مدينة الرقة رفضوا المشاركة في عملية الرجم الثانية، واقتصرت المشاركة على عناصر الدولة الاجانب، بعكس الحادثة الأولى في الطبقة، حيث شارك الكثير من الجهلة في رجم الفتاة"، لافتاً إلى "الاستياء الشعبي الكبير لدى أهالي الرقة جراء ما حصل، خصوصاً من المثقفين والواعين أما الجهلة فيسيرون بالعواطف". ويرى "المرصد السوري" أن ما تقوم به "الدولة" من عمليات ذبح وصلب ورجم لا تهدف إلى تطبيق الشريعة الاسلامية بل "من أجل ارهاب الاخرين".


بداية "داعش" دموية


يعود عبد الرحمن الى الظهور الأول لـ"داعش" في سوريا، في أيار من العام 2013، مع نشر فيديو يقوم فيه عناصر "الدولة" باعدام ثلاثة اشخاص في الرقة، قالوا انهم ضباط من الطائفة العلوية ليتضح في ما بعد انهم مدنيون علويون (طبيب ومدرس وموظف)، ويقول: "داعش بدأت مسيرتها في شكل دموي وبجرائم حرب وانتهاكات لابسط معايير الانسان، والمسؤول عن كل تصرفات "داعش" أكان في الرقة أو قتل الطفل محمد القطاع في حلب، هي المعارضة السورية التي صرفت النظر عن هذه الجرائم، كما أن النظام السوري سعيد بهذه الارتكابات التي تخدم أجندته".


"غريب أمركم"


ثريا رفضت البكاء، رفعت رأسها ورشقت الجميع بنظرات عفتها، وواجهت قدر المستطاع، وتحملت الألم. رجمها والدها بأول ثلاث حجرات من دون أن يصيبها، ليجهز عليها زوجها بحجارة أصابتها في رأسها. نزفت الدماء البريئة، فأكمل عليها الشيخ الذي استغل الدين وكذب مستغلاً إياه، خدمة لمصالح البشر ورجمها بأخرى، وأتتها اثنتان من ولديها، لتتوالى الحجارة على رأسها وجسدها الملون بالدماء. انتهت المسرحية الملعونة. فارقت ثريا الحياة، ومن يسأل؟
غريب أمر الشيوخ وعلماء الدين المسلمين، خصوصاً السنة، أين هم مما يجري في العراق وسوريا، ألا تستدعي كل هذه التصرفات الشاذة عن الاسلام والمشوهة للطائفة السنية، حملة منظمة تواجه التطرف وتنشر الوعي لدى المسلمين وتصحح المفاهيم لدى الناس؟ ببساطة هل الدين الاسلامي يسمح برجم النساء؟
كثير من الشيوخ وعلماء أهل السنة في لبنان يرفضون الدخول في مناقشة تصرفات "داعش" أكان من الناحية الشرعية أو غيرها. منهم من تهرب بحجة انه "مشغول" وآخر "لم يسمع بما حصل"، وثالث "مصادره غير متوفرة"، لكن هل تحتاج الادانة لهذه الاعمال الاجرامية كل هذا؟


"ما بنيَ على باطل فهو باطل"


المدير العام للاوقاف الاسلامية هشام خليفة يشدد لـ"النهار" على "أننا نتحدث اساساً عن وضع تركيبته خاطئة وإذا كان أصل الشيء غير صحيح وليس من الضروري التحدث عن التفاصيل طالما أن البناء بأكمله قائم على خطأ وقرار وموقف جميع علماء الامة الاسلامية الذين أجمعوا على رفض ما يسمى بالدولة الاسلامية ".
ويقول: "بعد إعلان قيام الدولة من الطبيعي أن نسمع بالعجائب ونراها، فالأمر لا يقف عند حدود الرجم فحسب. إنهم يقومون بالعجائب يومياً كتهجير المسيحيين وقتلهم وهو الأمر الذي لا نرضى به". ويضيف: "سنرى كل يوم من هؤلاء عجيبة وما بني على الباطل فهو باطل، لأنهم يعطون أنفسهم صفة لا تنطبق عليهم وبالتالي يستغلونها كحاكمية إسلامية، وحتى لو سلمنا جدلاً ان هناك حاكماً مسلماً، فلن يتصرف بهذه الطريقة، بل هناك اصول شرعية واضحة لأي تفصيل"، مؤكداً أن "العلماء يرفضون هذه الظاهرة السلبية على جسم الامة الاسلامية".
تستطيع أن تقول "لا"


في شأن رجم المرأة، يوضح خليفة أن "بعض العلماء تكلموا عن هذا الموضوع وأكدوا أنه ثبت في الحديث وليس في نص في القرآن، ولو سلمنا جدلاً ان هناك من يقول بهذا النوع من العقاب، فهذا حدث في زمن الصحابة والنبي، وعلى مدى 200 سنة لم تحصل إلا حادثة واحدة. وإن صحت، فكانت ضمن شروط قاسية جدا لا تتوفر في ظروف عادية وقبل اقامة هذا الحدث كان يعطى المجال للمرأة بالتراجع مرة واثنين وثلاثة واربعة، فإذا قالت مرة واحدة فقط "لا"، يقف عنها الحد بالرجم"، ويتابع: "انه موضوع صعب والقيام به ليس بهذه السهولة، ويجب مراعاة المعطيات الشرعية التي لا تسهل أبدا القيام بهذا الامر، وفي نهاية المطاف، المرجع الاسلامي يبني الامور على أساس المصلحة والعرف والبيئة والزمن والتاريخ"، ويختم: "نحن ضد ما تفعله داعش أكان الرجم أو غيره على صعيد العمل المسيء للمسلمين".


الرجل يرجم قائماً والمرأة قاعدة


وبحسب موقع "نداء الايمان" وفي صفحات الفقه الاسلامي التي ينشرها، "يقيم حد الرجم على الزاني الإمام أو نائبه في أي مكان عام إلا المسجد، في حضور طائفة من المؤمنين. أما الحفر للمرجوم فهو راجع إلى الإمام، إن شاء حفر له، وإن شاء تركه، لكن المرأة تشد عليها ثيابها؛ لئلا تنكشف، ومن وجب عليه حد الرجم فلا جلد عليه".
ويضيف: "يرجم الرجل قائماً، وترجم المرأة قاعدة، المسلم والكافر في ذلك سواء. ويقام حد الرجم بالضرب بالحجارة المعتدلة بملء الكف، لا بحصيات خفيفة؛ لئلا يطول تعذيبه، ولا بصخرات كبيرة تقضي عليه بسرعة؛ لئلا يفوت التنكيل المقصود. وإذا مات المرجوم، فإن كان مسلماً يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين، وإن كان كافراً يلف في ثيابه، ويوارى بالتراب في مكان من الأرض."
[email protected]
Twitter: @mohamad_nimer

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم