الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

التمديد للمجلس النيابي بين استسلام الشباب وثورتهم

المصدر: "النهار"
فيفيان عقيقي
A+ A-

"لبنان جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة. الشعب مصدر السّلطات فيه وصاحب السّيادة". هذا بعض ما تنصّ عليه الفقرتان "ج و د" من مقدّمة الدستور اللبناني.


في حزيران 2013، كان اللبنانيون على موعد مع انتخابات نيابيّة، يختار الشعب من خلالها ممثليه في مجلس النواب، لكن بحجّة عدم التوصّل إلى قانون انتخابي جديد يرضي كلّ الأطراف، ورضوخًا للظروف الأمنيّة الاستثنائيّة التي مرّت على لبنان، توافق 97 نائبًا على التمديد للمجلس لفترة 17 شهرًا تمتد الى تشرين الثاني في عشرين دقيقة فقط، مكرّرين تجربة خاضها المجلس بعد اندلاع الحرب الأهلية في عام 1975 عندما مدّد ولاية المجلس ثماني مرّات.


اليوم، وقبل انتهاء التمديد، وفي ظلّ الفراغ الرئاسي وعدم اتفاق الكتل على مرشح جدي، بدأ الحديث عن إمكانيّة تجديد وتمديد ولاية المجلس لمرّة ثانية، مكرّرين الأسطوانة نفسها: الظروف الأمنيّة لا تسمح بإجراء انتخابات، عدم التوافق على رئيس هو دليل قاطع على عدم إمكانيّة التوافق على قانون انتخاب عادل للجميع ....


ولأنّ لبنان لطالما تميّز بديموقراطيّته والحريّة الممنوحة لأبنائه، فهم وعلى الرغم من كلّ ما عانوه من حروب طائفيّة، إلى احتلال سوري، وصولًا إلى استبداد بالسلطة، لم يكفوا يومًا عن إعلاء الصوت وإبداء الرأي، لكن هل وصلوا اليوم إلى حالة من الإحباط واللامبالاة تحول دون وقوفهم للمطالبة بأبسط حقوقهم المدنيّة والديموقراطيّة كالحقّ في الانتخاب؟ "النهار"استطلعت آراء الشباب في حال جدّد المجلس النيابي لنفسه مرّة ثانية من غير العودة إلى الشعب مصدر السلطة وصاحب السيادة.


الهجرة والاستسلام
يقول شربل كامل: "في حال جدّد النواب لأنفسهم أو أجروا انتخابات، النتيجة هي نفسها ولن تتغيّر الأحوال، سيستمرّون في اغتصاب الدستور والقيام بما يناسبهم. ما يهمّني هو الحصول على شهادتي والهجرة".


أمّا شادي ديب فيرى أنّ التغيير ليس بيد الشباب لأنّهم مهما فعلوا لن يحرزوا تطورًا، وبالتالي التمديد أو إجراء إنتخابات لن يغيّر الوضع القائم لأنّ المسؤولين لا يسمعون صوت الشعب ومطالبه. ويضيف شادي: "لا يقع اللوم عليهم، الحقّ يقع علينا لأننا نعيد انتخاب الأسماء نفسها في كلّ مرّة، ليستمروا بالممارسات نفسها، وأقولها بصراحة ليس بيدي كشاب لبناني أن أغيّر أي شيء".


يوافقه إيلي برنابا الرأي باعتبار أنّ ليس بإمكانه القيام بأي ردّة فعل، باعتبارها مهمّة وسائل الإعلام التي عليها مقاطعة مجلس النواب ووقف بث جلساته، ليفقدوا أي منبر يمكّنهم من إيصال آرائهم.


الثورة
في المقابل يقول ميشال متى: "في حال جدّد المجلس لنفسه، على الشباب النزول إلى الشارع والقيام برد الفعل الذي يصبّ في مصلحة لبنان، قد نغلق مجلس النواب أو ننظّم مظاهرات لإيصال صوتنا. المرّة الأولى مرّت باحتجاج بسيط قام به المجتمع المدني، أمّا المرّة الثانية فلا يجب أن تمرّ من دون ثورة. نحن نجلب النواب وليس هم من يمدّدون لأنفسهم. لن نقبل أن نمنع من انتخاب ممثلين عن الشعب، كما لا يجب أن نكلّ عن المطالبة بتشريع انتخاب الرئيس من الشعب كما يحصل في كلّ الدول الديمقراطيّة، نحن لسنا ديكورًا بل شعب صاحب سيادة ومصدر السلطات، ولو أنّ أمل نجاحنا ضعيف".


يؤيّده إيلي حنا في مطلبه بضرورة قيام ثورة تعيد تشكيل النظام ويقول: "المنطقة مشلولة وهناك مخطّط لإعادة تكوين وبناء المنطقة من جديد، وتاليًا القصّة أكبر من تمديد لمجلس نيابي، هناك مؤامرة لتغيير كيان لبنان، وهناك تجاذب بين محورين (إيراني - أميركي) ينقسم مسؤولو لبنان بينهما". ويضيف: "نحن الشعب اللبناني كلمتنا لا تصل ولا توجد عندنا انتخابات. يحاولون سلبنا كل أمل لدينا، وكل الطرق الممكنة لنعبّر فيها عن رأينا. أنا كشاب لبناني محطّم، وأرى الحلّ بثورة والتحرّك ورفض هذا الواقع لجلب أشخاص جدد تؤمن أنّ لبنان رسالة للشرق ومنارة له".


تحرّكات منوّعة
إلى ذلك، لا تريد لاميس فـرحات أنّ تكون متشائمة لكنها لا ترى أنّ في إمكان الشباب إحداث تغيير أو أن يأتي بأي ردّة فعل في حال مدّدت ولاية المجلس النيابي مرّة أخرى، وتقول: "رأسمال الشباب، المشاركة في مظاهرات معدودة وحمل اللافتات وكتابة التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي". وترى لاميس أن السبب وراء عدم تمكّن الشباب من إحداث أي تغيير هو عدم وحدة صفّهم وكلمتهم واصطفافهم وراء أحزابهم، وتضيف: "علينا أن نتبع خطّة منظّمة، وأنّ نضغط على هذه الطبقة تمامًا كما يفعل الأساتذة اليوم، علينا أن نستفزّهم ونبتزّهم. يجب أن تكون خطتنا شاملة كأن نوقف دفع الضرائب ونتوقف عن العمل، لأننا بسكوتنا نشجّعهم على هذه السلوكات. ولكني أشكّ بتبني أحد لهذه الطروحات والدليل أننا نعيش من دون رئيس ومن كهرباء ومن دون مياه ولا نرى أحدًا يطالب بأبسط حقوقه".


أمّا أسامة خليفة فيقول إنه سيرى آليّة تحرّك المجتمع المدني وسيتحرّك على هذا الأساس في حال اقتنع بما هو مطروح. أي من الممكن أن ينزل إلى الشارع ويشارك في مظاهرات سلميّة وإبداء رأيه واتخاذ موقف على مواقع التواصل الاجتماعي.


أمّا منال الخوري فترى أنّ التمديد هو انتقاص لكرامة الشعب ودوره مصدرًا للسلطة، ولو كان الهدف استنباط سلطة مفقودة. وتضيف: "المشكلة ليست في التمديد فقط، فأنا لا أؤمن بالصيغة الحاليّة للبنان، وأرى أنّ الحل يكون بالفيدراليّة لتتمكّن كلّ فئة بحكم نفسها بالطريقة التي تناسبها بمعزل عن طموحات أي فئة أخرى، لذلك أنا أعمل على بث أفكاري في محيطي لكسر المحرّمات وجعلها مقبولة، لأنّها بمثابة تهيئة الأرضيّة للحلّ".


في المقابل تقول فابيولا قباني.: "لن أقوم إلّا بتسجيل موقف، لا أكثر ولا أقل، لأنّ الشعب غير قادر على أي تغيير لأنّ الأمور مرتبطة بالوضع الأقليمي.وتضيف ساخرة: "النواب هم وكلاء عن الشعب، الوكالة انتهت، سأعزل التوكيل لـ128 نائبًا وأسجّله في قلم مجلس النواب".


الشباب اللبناني بين المواطنة والطائفيّة
أمام حالة الاستسلام التي يعيشها الشباب اللبناني، وعدم إيمانه بقدرته على خلق تغيير حقيقي، وإيجاد مخرج يعبّر عن طموحاته، يقول الدكتور في علم الاجتماع والسياسة، بسّام الهاشم، لـ"النهار": "أنّ بنية الدولة اللبنانيّة قائمة على مبدأين متضاربين، الأوّل هو المواطنة التي ينصّ عليها الدستور ويعرّف اللبنانيين بأنهم مواطنون أي أفراد متساوون في الحقوق والواجبات بمعزل عن الانتماء الفئوي، والثاني هو الطائفيّة إذ يحوي الدستور أربع مواد (9-10-24-95) تعرّف الأفراد وفق انتمائهم لطوائفهم. فالشباب اللبناني تربّى في هذا الجوّ المتضارب، فالمادة 102 من الدستور تقول له إنّه مواطن متساوٍ مع غيره بينما المواد الأربع المذكورة تفرّقه عن غيره سواء في منظومة التربيّة أو الأحوال الشخصيّة وفي الطائفيّة السياسيّة. وهذا التضارب يشلّ البلد ويشلّع الناس، فمصالح المواطنة تجمعهم ظرفيًا فيما الانتماء الطائفي هو وجودي وأساسي".


ويضيف: "الشباب هم في حالة إحباط لأنّ حقوقهم المواطنيّة تصطدم بجدار الطوائف، وهي مُصادرة من زعماء هذه الطوائف ذوي النفوذ الاقتصادي والسياسي. كلّ النضالات تصطدم بالجدار الطائفي، تمامًا كما يحصل اليوم مع الأساتذة والموظفين، والدكاترة في الجامعة اللبنانيّة. والشباب يرون أنّ الدولة معطّلة والتهديدات حولنا تزيد، وهم واعون لذلك، ويرون أنّ الزعامات الطائفيّة صادرت حقوقهم وفرّقت بينهم، والتغيير حولهم هو عنفي وبقوة السلاح والقتل والذبح، لذلك يرون أنّ الصراع الديموقراطي غير مجد".


كيف يتحرّك الشباب؟
وعن الدوافع التي قد تجعل الشباب يتحرّك أو يؤمن بقدرته على التغيير مجدّدًا يقول الهاشم لـ"النهار": "لست متشائمًا، فأنا مناضل سياسي، ولكني وصلت إلى قناعة بأنّ هذه التغييرات الجزئيّة لا تودي إلى مكان، خصوصًا أنّ أي عمل يصطدم بالتركيبة الطائفيّة كما ذكرت، إضافة إلى وجود صراع عالمي وإقليمي لإعادة توزيع موازين القوى، وقبل أن يستقرّ هذا الصراع على توازن ما لن يكون هناك أي إطار للتغيير، لأن كلّ القوى مرتبطة بمأمول التطورات الجارية، هناك خيارات كبرى تسيّرنا وهي الإطار للتحوّلات الداخليّة".


ويضيف: "لكن ذلك لا يعني الاستسلام والانتظار، بل علينا أن نستعدّ ونهيئ أنفسنا ونتثقف ونعي كلّ الأمور التي تحيط بنا، كما يجب تعزيز روح الإلفة بين الشباب. أن يكونوا في حالة جهوز لانتهاز لحظة التغيير متى حلّت. كما يجب على الشباب التمسّك بأرضهم ووطنهم والامتناع عن الهجرة خصوصًا أن سياسة تهجيرهم هي واقع لتحويل لبنان نحو هوية مغايرة، يجب تطوير النظام التربوي وتشجيع الشباب نحو الدراسات المهنيّة والمهن الحرّة لأن سوق العمل تتطلب هذه القدرات، وليس فقط التوجّه نحو الحصول على ديبلومات والجلوس وراء المكاتب. كما لا يجب أن يكلّوا عن المطالبة بحقوقهم حتى ولو لم يحصلوا عليها في الوقت الراهن لأن الوقت المناسب سيأتي وسيحصلون عليها".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم