الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

التكنولوجيا لن تزيده ذكاءً!

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
A+ A-

يتفاعل الأطفال مع التكنولوجيا الحديثة من هواتف ذكية وحواسيب لوحية بكل ثقة، ولا يجدون صعوبة في استخدام شاشات اللمس أو الضغط على الأزرار، بل تحوَّلت إهتماماتهم من اللعب والركض والصراخ إلى الجلوس والهدوء واستخدام الخليوي والآي باد والكمبيوتر، وهذا مؤشر إلى أن الطفل على تواصل مع المجتمع، فالطفل الذي يعرف كيفية استخدام التكنولوجيا والتعامل معها يكون في المستقبل راشداً وقادراً على تدبير أموره. ولكن على الرغم من إيجابيات التكنولوجيا إلاَّ أنَّ أثرها السلبي صار طاغياً على الحياة اليومية للطفل.


لا يدرك كثير من الأهل أنَّ جلوس طفلهم لساعات طويلة أمام شاشة الآي باد يؤثر بشكل سلبي في ذاكرته، ويجعل بعض وظائف دماغه خاملة، وتتأثر بشرته وكليتاه، وتكون عيناه أكثر عرضة للخطر، خصوصاً وأنَّه يمضي ساعات طوال أمام الشاشة من دون كلل أو ملل.


 


الأثر النفسي


تلفت الاختصاصية بعلم النفس التربوي لوزان فرح خيرو في حديث لـ "النهار" إلى "أنَّنا في عصر يشهد تقدماً وتطوراً تكنولوجياً، بالتالي لا يمكننا ردع ابننا عن اللعب بأجهزة مثل الـI pad ، ولكن كل شيء يزيد على حدِّه يأخذ منحى سلبياً، لذا، فمن غير المقبول أن يجلس الطفل لساعات طوال أمام الشاشة، بل من المفروض تحديد عدد الساعات يومياً، أي معدَّل ساعة واحدة لمن هم بين الـ 4 والـ 6 سنوات لا أكثر. كما لا يجب أن ترافق هذه الأجهزة الطفل خلال الزيارات أو خلال ارتياد المطاعم أو أماكن اللهو، لأنها تجعله منفصلاً عن محيطه، ما يؤثر بشكل كبير في شخصيته، ويؤدي الى انعزاله عن أسرته ومجتمعه". وتضيف خيرو أنَّ "غياب الحوار مع الطفل هو الأساس في لجوئه إلى استخدام هذه الأجهزة بشكل كثيف، كما أنَّ محاولته التمثل بأهله هي من أحد الأسباب التي تجعله راغباً في تقليدهم، فكثير من الأمهات يعملنَ خارج المنزل وبعد عودتهنَّ إلى المنزل يمضين ساعات في الحديث عبر الـ Whatsapp أو لعب الـ Candy crush، ما يدفع الطفل للتماهي بأمه واعتبار ما تقوم به هو صحيحاً". وتعتبر خيرو أنَّ "كثيراً من الأهل لا يدركون ما يمكن أن يتعرض له طفلهم من مخاطر نفسيَّة عبر عدم تمكنه من التحاور مع الآخرين، فيغيب التواصل الاجتماعي مع أهله ومحيطه لأنَّه لا يعرف سوى التعامل مع الشاشة، فيصبح الصراخ داخل المنزل هو وسيلة التفاهم الوحيدة".


 


دور الأهل


يظنُّ الأهل أنَّ طفلهم يتمتع بنسبة ذكاءٍ عالية لتمكنه من إمساك هذه الأجهزة واللعب بها، غير مدركين أنَّه يضغط من دون تفكير، وأنَّ التجربة المتكررة هي التي تعلمه صحة المسار الذي يجب أن يتبعه كي يربح لعبته! من هنا، يتحتَّم على الأهل:
- تأهيل الطفل وتعليمه كيفية استعمال التكنولوجيا بطريقة إيجابية تساعده في تحسين قدراته المعرفية.
- الاستفادة من البرامج والتطبيقات المفيدة في هذه الأجهزة، التي تُكسبه مفردات لغوية جديدة، تكون مفيدة له.
- ممارسة دورهم التربوي - التثقيفي عبر تخصيص أوقات محدّدة لأطفالهم لاستخدام هذه الأجهزة.
- ضرورة إنتقاء ألعاب الكترونية تنمي تفكيره النقدي، ودفعه إلى تحليل الصور التي يراها وتفسيرها ونقدها، وتمكينه من التمييز بين الواقع والخيال.
- ممارسة نشاطات رياضية، وقضاء وقتٍ في اللعب إن داخل المنزل أو خارجه كلعب الـMonopoly، Scrabble، وغيرها من الألعاب التي تملأ وقته".


 


الهدف ترفيهي لا تربوي


أشارت دراسة سابقة أجرتها منظمة Common Sense Media الأميركية بين عامي 2011 و2013 وتناولها موقع Mashable الأميركي الإلكتروني إلى أنَّ ولدين من أصل خمسة يستخدمان الـ I pad والهواتف الذكية قبل تعلُّمهم النطق بشكل كامل وسليم. ولفتت الدراسة إلى أنَّ 38% من الأطفال دون عامهم الثاني يستخدمون الهواتف للعب أو مشاهدة الفيديوات. وفي عمر الثامنة هناك 72% ممن يستخدمون الـ I pad والهواتف الذكية. ووجدت الدراسة أنَّ استخدام جهاز الهاتف النقال بين الأطفال الصغار بدأ يزداد بشكل سريع، مقارنة بالوسائل الأخرى. في وقت ظلت نسبة مشاهدة الأطفال للتلفزيون مستقرة، أي بنسبة 66٪ من الأطفال دون سن 2 يشاهدون التلفزيون. فيما ازداد استخدام الكمبيوتر من 4 إلى 10٪ خلال العامين الماضيين. وذكرت الدراسة التي أجريت عام 2013 أنَّ الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0 إلى 8 سنوات، يقضون ما معدله 15 دقيقة يومياً باستخدام الأجهزة النقالة.


 


أصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ودخلت عالم الطفولة بشكل كبير خصوصاً بغياب الإشراف الفعلي للأهل، فغدت أساليب اللعب القديمة، كالبيت بيوت واللعب مع باربي من موروثات الماضي، وكل ما كان يجمع الأطفال معاً بعدما صار الجهاز وسيلة التسلية الوحيدة!


 


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم