الوسط الاقتصادي ينبه: حذار استدراج الاقتصاد الى الحلبة السياسية

فيما ينشغل الوسط السياسي اليوم بملفات مالية اقتصادية فرضتها المماطلة والإهمال في التعاطي مع الاستحقاقات المطروحة، لم تخف مصادر سياسية مطلعة أستغرابها أمام " النهار" من التوقيت المريب للملف المالي على خلفية طرحه من زاوية التهويل بعجز الدولة عن دفع رواتب القطاع العام فضلا عن عجزها عن اللجوء الى الاستدانة لتغطية حاجاتها التمويلية.

بات واضحا لهذه المصادر كما للوسط السياسي ان ثمة مشكلة مالية حقيقية غير خافية على احد لكن ما بدا أكثر وضوحا هو الاستغلال السياسي لها لاستدراج النواب المقاطعين لمجلس النواب لأسباب تختلف بين كتلة وأخرى حسب الموقف السياسي لكل منها من المسائل المطروحة ولا سيما الاستحقاق الرئاسي، وكل ذلك من اجل هدف ظاهر وآخر مبيت: الأول إعادة تفعيل السلطة التشريعية وإنجاز بعض المشاريع الملحة العالقة ولا سيما منها تلك المتعلقة بالقروض الخارجية المعقودة لمشاريع انمائية وبنى تحتية في مناطق " انتخابية". تجدر الإشارة الى ان هذا الموضوع كان في صلب محادثات رئيس الحكومة تمام سلام ووزير المال علي حسن خليل مع المسؤولين الكويتيين خلال الزيارة الأخيرة لسلام الى الكويت وطرح ملف المساعدات الكويتية للاجئين السوريين، حيث شكا الجانب الكويتي ( مسؤولو الصناديق) من تعثر صدور التشريعات التي تتيح صرف الأموال المعقودة للبنان بسبب تعطل المجلس النيابي.

والثاني هو تسهيل " تبليع" اللبنانيين قرار التمديد الثاني للمجلس النيابي. وهذا القرار يلقى مع الأسف إجماعا لدى كل الكتل النيابية التي تلتقي على قاسم مشترك وحيد هو الحفاظ على التوازن السياسي القائم وعدم المس به قبل ان يتبلور المشهد الإقليمي.

واكثر ما تخشاه الاوساط في ظل الجمود المحيط بالوضع السياسي ان يتم تنفيس الاحتقان في الملفات المالية والاقتصادية كما هو حاصل حاليا، علما ان وزير المال أستدرك مخاطر التحذير من عدم دفع الرواتب إذ سارع في مؤتمره الصحافي الى توجيه رسائل مطمئنة الى توافر المال في الخزينة وإنما الى حاجة الوزارة الى قانون يجيز الإنفاق الذي تجاوز السقف القانوني له.

وتلتقي الاوساط الاقتصادية مع المصادر المشار إليها في تخيفها من استدراج الملفات الاقتصادية والمالية الى الحلبة السياسية مجددا من دون أي رواده لما سيكون له ذلك من انعكاسات خطيرة على اقتصاد هو في الأساس يعاني الضعف والهشاشة متأثرا بهشاشة الأوضاع السياسية والأمنية.