الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

سورية في السجن بسبب "قلم حمرة"!

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
A+ A-

أخطأت "أم بي سي" بقرارها عدم عرض المسلسل السوري "قلم حمرة" ضمن برمجة رمضان. أقلقها، ربما، أن يقف أحد في وجه "سرايا عابدين" أو ينافس عملٌ "باب الحارة". تستحق العذابات أن تُحكَى. لا بدّ أنّ ثمة من بات لا يجيد سوى الإصغاء.


كان ذلك السجن رهيباً، ظلمته تقهر، كأنه اختناق القبر. تروي الكاتبة يم مشهدي سوريا المتألمة على امتدادين: العام والخاص. العمل (اخراج حاتم علي، يُعرض السابعة والنصف مساء حصرياً عبر "السومرية" العراقية) عن تجربتها كمعتقلة من جهة، وتجربة وطنها المُعتَقل هو الآخر من جهة ثانية. يصبح المصير واحداً طالما أنّ الذاكرة جماعية. معاناة الكاتبة من الإعتقال يقابلها معاناة السوريين من الحرب المستمرة. يحدث أن يجتمع طرفا المعاناة في نصّ واحد: الشعب والوطن. ورد (سلافة معمار) هي الإثنان معاً. سيدة لم تعرف الفرح (سوريا/ الشعب)، ولما شاءت المحاولة (شراء قلم حمرة/ الانتفاضة على الدكتاتور) كان مصيرها الظلمات (الإعتقال/ موت السوريين وابادتهم بالبراميل المتفجرة).
تُحبَس معمار في الرطوبة والعتمة، وتُساء معاملتها إسوة بما يُحكَى عن "التصدّي للإرهاب". تصبح السجينة (الثورة) خطراً على دعاة الأمن، فإن حاولت المطالبة بحقوقها (حتى الفوطة الصحية في مرحلة الحيض!)، قوبلت بالتصدّي والعنف. يفضح تطويع الجسد (زجّه في السجن وفرض القسوة عليه) عجز الأنظمة أمام تطويع الذاكرة. ففيما يغدو مستحيلاً الوقوف على إشكالية الوقت- زمن انتهاء الأزمة- جراء ظلمة السجن الحائلة دون تمييز الليل من النهار، تستعيد ورد حياتها "الطبيعية" من خلال التذكّر، كدليل الى إمكان العبور من القيد نحو المفهوم (المقولة) أي من الأسر نحو الحرية.
يتسامى المخرج عن الدمار السوري بالميل الى مكان أكثر أمناً يجسّد عبره النصّ. في موازاة العجز عن تغيير واقعية الإنهيار والإقرار ضمناً بأنّ الدراما لا تملك الوقوف في وجه القتل، يُغيِّر حاتم مسرح الجريمة ليغدو غير مُهدَّد بالدمار إسوة بالواقع، فإذا بجبيل اللبنانية موضعاً لذكريات مشهدي المكتوبة، عوض أحياء باب شرقي الدمشقية، حتى يحدث للذاكرة أن تشهد على نجاتها.
انتقال المَشاهد ما بين الزمن المعيش والمُستَعاد- المحصور في الذاكرة عوض الذاكرة والجسد على السواء-يُعظِّم حال التشظّي فتغدو هي البطلة. وجوه تشارك في العمل (عابد فهد، كاريس بشار، رامي حنا...) كأنها تبوح بأوجاع الإحتضار وإن تمثيلياً، فالكاميرا، غالب الظنّ، الشاهد الأخير على الموت العاجل.
[email protected]
Twitter: @abdallah_fatima


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم